عندما يحمل الجبل.. اسم "حبيبي" !!.. و اعتبروا يا أولي الأبصار.
تعود أحداث هذه القصة إلى أوائل الثمانينات .. عندما كنت طالبا بالجامعة.
كنت مع زميل لي في الغرفة.. ندرس نفس التخصص..رياضيات
و كنا نتناول كل أسبوع.. موضوعا اسلاميا.. نجدد به إيماننا.
و ذات يوم .. تناولنا موضوع : دلائل بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم.
أي بعبارة أخرى.. معجزات النبوة.
بينما كان القلم في يدي .. منهمكا في حل مسألة رياضيات.. فاجأني صديقي بقوله:
- في المنطقة التي أسكنها.. يوجد جبل شاهق..
كتب على قمته .." محمد " ..منذ أن خلق الله الأرض!!!!.
سقط القلم من يدي..تجمد الدم في عروقي..و رحت أسبح..
سبحان الله .. سبحان الله.. سبحان الله ....
حتى هدأت نفسي..استغفرت الله و سألت صاحبي:
- عبد العزيز.. هل يمكن أن تأخذني.. لأرى بأم عيني ما وصفت لي؟!!.
- قال: أو لم تؤمن؟
- قلت: بلى.. و لكن ليطمئن قلبي..
أكملنا دراستنا.. و تحصلنا على دبلوم الدراسات العليا
في الرياضيات باللغة الفرنسية.
سافر أخي عبد العزيز إلى فرنسا.. بقي هناك عند خالته و لم يعد.
و سافرت أنا إلى عاصمة الجزائر..و عملت أستاذا لمادة الرياضيات في الثانوي..
أدرس أقساما بالفرنسية.. و أقساما أخرى بالعربية..
و نسيت ذلك الأمر تماما.. بأنه يوجد اسم لحبيبي " محمد " على أعلى قمة جبل !!!!.
ثم انتقلت من العاصمة إلى أقصى الجنوب..بإرادتي ..
عندما سمعت نبأ في نشرة الأخبار مفاده :
أن أبناء الجنوب لا يدرسون الرياضيات .. بسبب عدم توفر أساتذة!!.
مرت حوالي ثلاث سنوات..
و في ذات دقيقة.. من ذات ساعة.. من ذات يوم.. وقف عندي ساعي البريد ..
..يحمل لي رسالة .. معنونة بالفرنسية و تحمل طابعا أجنبيا..
و كانت المفاجأة!!.
أخي عبد العزيز .. يبعث لي رسالة !!.
لازلت احتفظ بها إلى يومنا هذا..
كتب فيها:
" بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.
من أخيك .. عبد العزيز..إليك أخي .. العزيز محمد:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أخبرك بأنني لا زلت على قيد الحياة..
سألت عنك الوافدين من الجزائر ..و أعلم أنك بأقصى الجنوب من الوطن..
تحصلت على عنوانك.. و ها أنا أبعث لك بهذه الرسالة..
لقد تزوجت ببنت خالتي.. و ازدان فراشي بطفلة بهية.
أنارت لي بيتي.. و أزاحت عني غربتي.. بفضل من الله ..و لله الحمد و الشكر.
أخبرك .. بأنني لازلت عند كلمتي و لم أنساك يوما..
سآتي إلى الجزائر.. و آخذك الى الجبل الذي وعدتك به..
و وعد الحر دين عليه..
أخوك عبد العزيز "
انتهت السنة الدراسية.. و سافرت إلى الشمال لقضاء عطلة الصيف..
و في يوم من أيام الله.. بينما أنا في فترة قيلولة.. إذ بأخي الأصغر يقف عند رأسي يهزني ..
.. هناك رجل غريب ليس من منطقتنا.. يسأل عنك.
خرجت و آثار النوم لازالت بادية في عيوني..
و كانت المفاجأة الكبيرة..
أخي عبد العزيز .. جاءني من خلف البحار.. في سيارة جديدة !!!.
سرت باتجاهه مسرعا.. و احتضنته .. و تعانقنا عناق الأخ لأخيه..
قال لي .. و الدمع يذرف من عينيه..
لقد جئت لآخذك إلى الجبل الذي وعدتك أياه !!!.
قلت له: أنت اليوم ضيف عزيز عندي .. يا أخي عبد العزيز.
و كنت آنذاك متزوجا.. أسكن عند والدي .. و أب لطفل..نعمة من الله لي..و لله الحمد و الشكر
- يتبع -