أرجوك أخي .. يجب أن أغادر أنا و عائلتي الآن هذا المكان !!!!.
أحسست أن قلبي قد اقترب من التوقف!!!!
و خارت قواي من شدة الفزع !!!!!!!!.
قال لي الرجل .. لقد أكلت من عندك و شربت .. فنحن الآن أخوان ..
ما يمسك .. يمسني .. و أبناؤك .. هم أبنائي !!!!!!!!!!.
نعيش معا .. أو نموت معا !!!!!!!!!
حملنا قارورة تسع 5لترات .. أفرغتها من الماء.. و بدأنا نلوح بها للسيارات..
العابرة ..كإشارة منا لنفاد البنزين ..
لكن , كلما رأونا .. زادوا من سرعتهم , و مروا أمامنا كالبرق !!.
سألني صاحبي .. كم لديك خبرة في عبور الصحراء ؟!!.
قلت له: 20 سنة!!.
فسألته: و أنت ؟!!.
فأجابني : 30 سنة !!!...
و قد كان جوابه صحيحا.. فهمت ذلك من
نظرتي لشعر رأسه الذي اشتعل شيبا !!!.
قلت له : أنت أكثر مني خبرة في محن الصحراء ..
فافعل ما تراه مناسبا لإنقاذ أبنائي..
أمسك بيدي .. و وقفنا معا وسط الطريق .. لإرغام المركبات على التوقف !!!!.
قال لي : ليس أمامهم حلا إلا التوقف أو دهسنا معا !!!!!!!!!..
إن حاولوا تفادينا .. فسيغوصون في الرمال و يبيتون هنا معنا !!!.
و هذا ما نريده.. أن يكثر عددنا عند الكوخ !!!.
فتعجبت لإخلاصه و شجاعته و ذكائه.. في اختيار المكان المناسب للوقوف !!!!.
قلت له : أتغامر بحياتك من أجل إنقاذ عائلتي ؟!!!!!!!.
فقال مبتسما: ألم أقل لك .. نحي معا أو نموت معا !!!!!!!.
بينما نحن كذلك .. إذا بحافلة تنقل مسافرين .. قادمة من أقصى الجنوب !!.
قال لي صاحبي.. إغمض عينيك ..
و قل : أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله!!!.
فعلت ما طلب مني ..بعد دقائق.. الحافلة واقفة عند أقدامنا !!!!!!!.
فهم سائق الحافلة مشكلتي..
أخذ القارورة مني و لما أردت إعطاءه حق البنزين
رفض ذلك و قال : دعني أقدم شيئا خالصا لوجه الله في حياتي ..
و انطلقت الحافلة باتجاه الشمال !!..
بعد ساعة .. هاهي سيارة أجرة قادمة نحو الجنوب..
توقفت عندنا و نزل منها السائق و معه قارورتا بنزين !!
تحمل كل واحدة 5 لتر!!.
أدخلت يدي في جيبي و سحبت مبلغا من المال لأعطيه ..
رفض رفضا شديدا ..و قال لي :
لقد وقعت مع عائلتي ذات يوم في مثل ما وقعت أنت فيه..
و أنقذني أهل الخير و لم يأخذوا مني شيئا..
و اليوم جاء دوري لأنقذك.. هذه هي الدنيا..يوم لك و يوم عليك!!.
و كان يحمل معه 6 مسافرين .
ركب سيارته و أكمل طريقه مسرعا..
أفرغت البنزين في خزان السيارة بالتعاون مع صاحبي ..
الذي بعثه الله لي !! ..
و انطلقت .. حاملا زوجتي و أبنائي.. بأقصى سرعة ممكنة !!..
و كانت الساعة تشير إلى 11 ليلا !!.
وكان يجب علي أن أخرج من الثلث الخالي قبل منتصف الليل بإذن الله.
و انطلقنا جد مبتهجين
مبتهجين بتحررنا .... متفائلين بما تبقى من ليلتنا..
و لم نكن ندر .. أن ما أخفاه عنا القدر.. كان أدهى و أمر !!!.
- يتبع-