بورك في اختي نور ،،،،وهذه إجابه أخرى لعل تجدي فيها ماتريدين ؟
عرش الرحمن وكرسيه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مبحث العرش والكرسي(من تعليقات الشيخ عبد الرحيم الطحان على العقيدة الطحاوية)
(هما مبحثان مستقلان لكن ندخلهما في هذه الآيات)
العرش في اللغة : سرير المَلِك ، والمراد كرسي عظيم مرصع بالجواهر والأحجار الكريمة كحال الملوك القدماء.
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن ثلاث عروش : عرشين لمخلوقين وعرش له سبحانه وتعالى استوى عليه : أحد عرشي المخلوقين عرش ملكة سبأ([7]) وهو عرش بلقيس : (... وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم) والثاني عرش نبي الله يوسف (... ورفع أبويه على العرش) والله جل وعلا استوى على هذا العرش بكيفية يعلمها ولا نعلمها.
ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال [سمي العرش عرشاً لارتفاعه] ، والله يشير لهذا المعنى في كتابه يقول : (وهو الذي أنشأ جنات معروشات) أي مرتفعة (وغير معروشات) أي منبسطة ليس لها ساق تقوم عليه وذكر العرش معلوم في أشعار العرب في الجاهلية والإسلام ، قال أمية بن أبي الصلت (جاهلية) :
مجـــــدوا الله فهـــو للمــــجد أهل
\\
ربــــــنا في الســــماء أمســـى كبيرا
بالبــــناء الأعلى الذي سبق الناس
\\
وســــوى فـــوق السمـــاء ســـريرا
شَرْجَعَنْ([8]) لا ينــاله نــاظر العين
\\
تــــرى دونــه المــــلائكة صـــورا([9]) وقال عبد الله بن رواحة (قال الإمام ابن عبيد ابن عبد البر في الاستيعاب وهذه القصة ثابتة رُويناها من أوجه صحيحة مشهورة) ، وذلك أنه عندما جاءته سٌرِّيته وواقعها على فراش زوجته ، فعلمت زوجته بالأمر فاعتراها شيء من الغيرة ، فقالت في حجرتي وعلى فراشي ، فقال : ما فعلت شيئاً؟ أي لم أفعل شيئاً حراماً ، فقالت اقرأ القرآن إن كنت صادقاً لأن الجنب لا يقرأ القرآن ، فقال : عبد الله رضي الله عنه :
شـــهـــــدت بـــــأن الله حـــــــق
\\\
وأن النـــــــار مثــــوى الكـافرين
وأن الـــعرش فـوق المــاء طافٍ
\\\
وفــــوق الــعرش رب العالمــــين
وتحــــــــمله مـــلائكة كـــــــرام
\\\
مــــــلائكــــة الإله مســـــوِّمـــين([10])
وقال أيضاً :
وفيــــنا رســـــول الله يتلو كتـابه
\\\
إذا انشق معروف من الفجر ساطعا
وبيت يجـافي جنبه عن فــــراشه
\\\
إذا استـــقلت بالمشــركين المضاجع
أرانــا الهدى بعد العـــمى فقلوبنا
\\\
به موقنـــــات أن مـــا قــــال واقــع
فقالت زوجته : آمنت بالله وكذبت بصري و الكلام أو سع من أن يكذب ظريف كما قال أئمتنا ، فإذا اضطررت للكذب فلا تكذب بل استعمل التورية [11] كما كان إبراهيم انخعي يعمل حيث كان يطلب من ابنه أن يقول لمن يطرق بابه في وقت لا يريد فيه مقابلة أحد ، يا بني قل لهم إن إبراهيم ليس هنا ، أي ليس موجود في المكان الذي يتكلم فيه أي يشير إلى مكان ليس فيه والده إبراهيم موجوداً فيه ، والسامع يظن أن إبراهيم ليس في البيت والدار ، وولده صادق ، وهو لو قال لهم مشغول فقد يلحون عليه بطلب الدخول أو قد يتضايقون من هذا الجواب (أي لو قال لهم مشغول) فيصرفهم بالتي هي أحسن.
وصفة الاستواء على العرش نقول فيها ما نقول في سائر الصفات فالاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ، وتقدم معنا أن إيماننا بصفات ربنا إقرار وإمرار (ليس كمثله شيء) إمرار (وهو السميع البصير) إقرار فنقر بالصفة دون البحث في كنها وكيفيتها وكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك.
والعجز عن درك الإدراك إدارك
\\\
والبحث في كنه ذات الإله إشراك
والصفات تختلف باختلاف الموصوفات ، فلكل موصوف معنىً يناسبه من تلك الصفة على حسب ذاته ، فمثلاً اليد تختلف فينا بني الإنسان عنها في الكلاب عنها في الأبواب فمن بابٍ أولى أن تختلف يد الخلاق جل وعلا.
وعرش الرحمن فوق المخلوقات كلها ، ولا يوجد فوقه شيء مخلوق لا يوجد إلا الخالق جل وعلا ، فالمخلوقات كلها تحت العرش ولذلك يُقال "العالم من عرشه إلى فرشه مخلوق" أو من علوه إلى سفله وهو الأرض السابعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [والله فوق العرش يعلم ما أنتم عليه] ، والعرش هو أكبر المخلوقات تحمله ثمانية من الملائكة ، كما أخبرنا الله عن ذلك في كتابه (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) وهؤلاء الثمانية يتجاوبون بصوت رقيق رخيم فأربعة منهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك ويجيبهم الأربعة الآخرون سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك ، هذا هو تسبيح حملة العرش ، وهذا ثبت بإسناد صحيح عن حسان بن عطية وله حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعنى هذا : الله سبحانه وتعالى يعلم ما نعمل ، ولولا حلمه لما ترك على الأرض من دابة ، وهو قدير على عقوبتنا فلولا عفوه لأهلكنا ، وثبت في تفسير ابن جرير أن الله خلق حملة العرش قالوا ربنا لم خلقتنا؟ ، قال : لتحملوا عرشي ، قالوا : ومن يقوى عليه وعليه جلالك ووقارك وأنت رب العالمين ؟ فقال : قولوا : لا حول ولا قوة إلا بالله ، فقالوا هذه الكلمة وبها أطاقوا حمل العرش ، وقد قال أئمتنا هذه الكلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) لها تأثير عجيب وخاصية مجربة بأن من قالها ذلل الله له الصعاب وفرج عنه الكروب وأعانه على الشدائد ومعنى هذه الكلمة لا تحول من حالٍ إلى حال من معصية إلى طاعة ومن ضعف إلى قوة ومن فقر إلى غنىً ...ولا تحصل قوة إلا بالله جل وعلا.
وأما الكرسي :
فهو دون العرش أي أنزل منه وأصغر ، والعرش أكبر المخلوقات وأولها وهو موضع قدمي الرب سبحانه وتعالى,
وقد ثبت تفسير الكرسي بذلك في مستدرك الحاكم بسند صحيح على شرط الشيخين وكتاب التوحيد لابن خزيمة والأسماء والصفات للبيهقي وتفسير ابن جرير ، والأثر رواه الإمام الخطيب في تاريخ بغداد والطبراني في معجمه الكبير بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال : [الكرسي موضع القدمين والعرش لا يعلم قدره إلا الله].
قال الله في وصف الكرسي (وسع كرسيه السموات والأرض) فهذا الكرسي يسع السموات والأرض وهو أعظم منها.
والكرسي ذكر في موضعين فقط في القرآن :
1) آية الكرسي من سورة البقرة (وسع كرسيه السموات والأرض).
2) في سورة ص (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب) ، فالكرسي الأول له جل وعلا ، والثاني في سورة ص والكرسي واحد الكراسي وهو معروف كما قال علماء اللغة.
وهذا التفسير – الأول – الذي نقل عن ابن عباس ، ثبت أيضاً عن أبي موسى الأشعري في تفسير ابن جرير والأسماء والصفات للبيهقي ، وفي تفسير ابن المنذر بإسناد صحيح قاله الحافظ في الفتح (8/199) وثبت في تاريخ بغداد عن أبي ذر مرفوعاً وموقوفاً ، والموقوف أثبت وله حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه مما لا يدرك بالرأي.
وهذا هو المعتمد عند أهل الحق أن الكرسي هو موضع قدمي الرب ، وهناك أربعة أقوال باطلة في تفسير الكرسي احذروها وكونوا على علم بها :