* أسباب النقد غير البناء
1- ضعفُ الإيمان ، فلو قوي إيمانه لشغله عيبُه عن عيوب الناس ، ولما تعرض لأخطاء الآخرين بشماتة وتصيد .
2- سوء التربية ، لو أنه تربى تربية صحيحة لعرف أن هذا النقد يخالف التربية ، ولا يليق بها، ولعلم خطورة هذا النوع من النقد عليه ، وعلى الآخرين .
3- ظلمُ الآخرين له ، وعدم حسن التصرف معه ، قد يكون تعرض لموقفٍ أو مواقفَ شعر معها بالظلم أو الإهمال ، ولذا أصبح عنده نوعٌ من الكره والعداء لهذا المنتَقد ؛ فتجده ينفس عن نفسه بمثل هذا التصرف .
4- عدم مناسبته لهذا النشاط ولهذه المجموعة ، إذ قد يكون له اتجاهاتٌ تخالفهم، أو آراء غير آرائهم، وكلها تحتمل الاجتهاد ، فيبدأ ينتقدهم ، لأنه يرى أنّهم على غير صواب .
5- عدمُ التنبيه على مثل هذه الموضوعات ، إذ لو تُكُلَّمَ عن هذا النوع من النقد وحُذر منه لكان في ذلك تنبيه عن الوقوع فيه .
6- الفراغُ ، ولا شك أن الفراغ قاتل ، فيحتاج المرء شغله فلا يجد ما يشغله به إلا تصيد عيوب الآخرين .
7- حُبُّ الرئاسة، وهذا يدفعه إلى انتقاد الرئيس ، أو من ينوب عنه للتقليل من شأنهم، وفي نفس الوقت يرفع من شأنه ، فكأنه يقول : هؤلاء على خطأ ، ولا يصلح للرئاسة إلا أنا .
8- الحساسية وترجيح الظن السيئ ، والبناء على نتائج ظنية ، أو وهمية خاطئة، بعض الناس يفسر كلام الآخرين ، وتصرفاتهم دائماً تفسيراً سيئاً ، ولا يحملها على المحمل الحسن .
9- الاغترار برأيه وانتقاص الآخرين ، فيُعْجَبُ بنفسه ، وأنه ناقد ٌ، بصير استطاع أن يكتشف الأخطاء ، ويظهرها .
10- الغِيرة والحسد من أقرانه الذين فاقوه ، ربما يكون سببُ النقدِ أنه رأى أقرانَهُ فاقوه في أمرٍ ما لم يستطع أن يلحق بهم ؛ فيغتاظ لذلك ، ويحسدهم على ذلك ، ولا يجد متنفساً له إلا بإظهار عيوبهم ، ونقائصهم وتصيد زلاتهم، وذلك للتقليل من مكانهم ومكاسبهم .
11- عدم النضج لمعرفة مشاكل الشباب ، وإنما نظرته جانبيه ومن زاوية معينة ، أو على حسب ظروفه وهواه ، فتجده ينتقد وضعاً؛ لأنه يعتقد أنه خطأ بينما لو كان عنده خبرة وتجربة ، لعلم أن هذا هو المناسب لهذه المجموعة مثلاً .
12- اتباع الهوى .
13- التقليدُ : ينتقد فلاناً ؛ لأن فلاناً ينتقده ، فيكون سمع أن فلاناً ، وليكن عالماً أو طالب علم ، أو داعية أو غيرهم ممن له مكانة سمع ينتقد شخصاً ، فيقلده في ذلك دون أن يعرف أوجه النقد ، ولذلك نسمع من بعض الأشخاص مثلاً يقول : الشيخ فلان لا يؤخذ بقوله لأنه منحرف عن الجادة ، فإذا ما سألته عن السبب سكت، أو أحالك إلى من سمع عنه ، ذلك فلان يقول : هذا ، وهل تعرف أنت ؟ لماذا فلان يقول هذا ؟ إذا لم تعرف ؛ فلماذا تنتقد أنت ؟ أحل على كلام من تثق فيه ، قل فلان قال : كذا ، ولكن لا تتولى أنت عملية النقد .
* أضرار النقد غير البناء
1- قسوة القلب ،وذلك لأن تتبع عورات الناس ، وتصيد زلاتهم سيستغرق عليك وقتاً ، ثم كثرة الكلام فيها أيضاً يحتاج إلى وقت ، وكل هذا الوقت يذهب في باطل ومعصية مما يقسي القلب .
2- إثارة الأحقاد مما يُوَلِّد المنافسات الدنيوية ، فهذا ينتقد هذا ، والمُنْتَقَدُ يدافع عن نفسه ، ثم يوجه النقد للناقد ، ولا شك أن هذا يُسَبِّبُ الأحقاد .
3- إيجادُ مادةِ للقيل والقال حتى تتطور المسألة ، وتستغرق وقت الشباب ، فيذهب وقت الشباب في مناقشة هذه الأمور ، هل هذا خطأ فعلاً، أو ليس كذلك ، ومناقشات وردود ، وربما كل فريق يحشد إمكاناته لتصيد عيوب الآخر؛ فيستغرق ذلك وقتاً غير يسير ، الأمةُ بأمس الحاجة إليه .
4- تفككُ الشباب ، وجعلهم طوائفَ وأحزاب ، كلُ فريقٍ يناصر رأيه ، ويحشد الأدلة لإثبات صحة ما يقول ، وربما تكونت جماعاتٌ صغيرةٌ ، يترأسها من لم ينضج بعدُ من هؤلاء الناقدين، ولا شك أنّ هذا سيؤثر تأثيراً بالغاً على الصحوة ، إذ إنّ ترؤس مثل هذا ربما قوى هذه الظاهرة ، وربى أجيال على ذلك .
5- الإعراض عن العبادة أو افتقارها للخشوع ، وذلك لأن وقته ملئ بالكلام بما لا فائدة فيه 0
6- المنع من التجديد ؛ لأن الذي يريد أن يجدد يخشى من النقد ؛ فيُحجم عن ذلك ، إذا أراد أن يأتي بفكرة قال : أخشى أن أنتقد فيجعله ذلك يترك هذه الفكرة ، ويئدها في مهدها .
المنتقِد تزيد خطورته إذا كان : عنده شيء من العلم ، أو حافظاً للقرآن ، أو كريماً، أو خدوماً ، أو له تجربة لا بأس بها، أو ثناء بعض الناس عليه ، أو وجود من هو على شاكلته .
علاج النقد غير البناء
1- المناصحة الفردية القوية ، وتذكيره بالله تعالى، وعدم الوقوف معه كثيراً بالأخذ والإعطاء ، لأنه ربما هدفه أن يكون له كلمة 0
2- التضييق عليه ، وعدم إتاحة الفرصة له، وذلك بنقله إلى جوٍ آخر لا يُجد فيه مجالاً لبث سمومه 0
3- طرح مثل هذه الموضوعات ، وتنبيه الشباب عن مثل هذه الصنف من الناس ليحذره ، ولئلا يجد هو آذاناً صاغية لما يقول 0
4- إشغاله بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة ، وخصوصاً إذا كان في بداية أمره ، وإشغاله بطلب العلم ، وحفظ كتاب الله عز وجل 0
5- إذا استفحل أمرُه فلا ما نع من مناقشته ، ومطالبته بالدليل 0
6- الدعاء له بالهداية 0
7- تعويد الشباب على حسن الظن ، و المناصحة السرية ما أمكن 0
8- أن هذا الشخص وأمثاله قد يكون سُلِّط على هذه المجموعة لغرض معين ، وقد يكون سُلَّطه الله عليهم بسبب ذنوبهم 0
9- التجرد في النقد بحيث لا يكون لهوىً ، أو لحسد وغيره و سوء ظن
10- الموازنة بين الفضائل والسيئات ، وذكر الحسنات عند ذكر السيئات .
قال سعيد بن المسيب: ( ليس من عالم ولا شريف ولا ذي فضل إلا وفيه عيب؛ ولكن إن كان فضلُه أكثرَ من نقصِه ذهب نقصُه لفضلِه؛ كما أن مَنْ غلبَ عليه نقصانُه ذهب فضلُه) .
وقال ابن القيم: (فلو كان كلُّ من أخطأ أو غلط تُرِكَ جملةً، وأُهدرت محاسنُه لفسدت العلومُ والصناعات ، والحكم وتعطلت معالمُها) .
وقال الذهبي: (ولو أن كلَّ من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه و بدّعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا ، رحم الله الجميع بمنه وكرمه) .
وهذا إنما يكون عندما تريد أن تعطي حكماً عاماً على شخص ما ، ما رأيك في فلان ، إما إذا كُنتَ تُريد أن تحذِّر من هذا الشخص وتبعد الناس عن الاغترار به فلا يلزم ذكر حسناته فإن كنت تُريد نقد تصرف أو قضية صدرت منه ، فانقدها دون التعرض لشخصه ، أو تقول : أخطأ في المسألة الفلانية أما أن تقول هذا فيه كذا وكذا وتتعدد سيئاته وزلاته مع ماله من الحسنات فلا 0
11- الاشتغال بأخطائنا نحن عن تَصَيِّد عيوب الناس 0
12- إعطاء كل خطأ حجمه الصحيح دون تضخيمه وتهويله 0
13- عدم التقليد في النقد : تنقد فلاناً لأن فلاناً نقده ؛ فقد ينقد طالب عالم آخر، وربما كان هذا النقد ليس صحيحاً ، فلا تقلده في ذلك ؛ لأن كلام الأقران في بعضهم يُطوى ولا يُروى .
14- عدم تحميل الكلام المنقود، أو الفعل المنقود ما لا يحتمله، بأن تُضيف إليه : يقصد كذا ! ، ويهدف إلى كذا ويَلزم على قوله كذا !!0