* صفات الناقد :
1- تصور القضية التي يراد نقدها تصوراً صحيحاً؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره .
2- معرفة طريقة النقد: بمعنى أن يعرف كيف ينقد معرفة الأسلوب الآداب الضوابط وغيرها.
3- الإخلاص: بأن تكون نيته خالصة لله، لم ينقد لهوى ولا لغيره، ولا لحسد ولا لسوء ظن ولا لغرض دنيوي، وإنما نقده نصحاً للمسلمين وبذلك يكون سليم الصدر.
4- الإنصاف والعدل: فلا يميل بالنقد ميلاً عظيماً ويبالغ في الأمور ويضخمها ويعطيها أكبر من حجمها.
5- ألا يكون فيه ما ينتقده لئلا يقول مالا يفعل، ولا يفهم من هذا أن هذا يعفيه من إنكار المنكر إذا كان يفعله، أو يعفيه من الأمر بالمعروف إذا كان لا يفعله، أبداً نحن نقول أنكر المنكر ولو كنت تفعله، وأمر بالمعروف ولو لم تفعله، لكن في الوقت نفسه نقول إنه ينبغي أن تكون أول من يأتمر بالمعروف الذي تأمر به، وأول من ينتهي عن المنكر الذي تنكره.
6- التثبت من الشيء الذي يراد نقده من ناحية، هل هو خطأ فعلاً فينقد أو لا.
7- التثبت من الناقل للشيء المنقود، هل هو فعلاً ناقل للحقيقة، هل له أهداف أو أغراض من نقله لهذا الخطأ، هل هو ضابط لما ينقله أو يزيد أو ينقص وينقل بالمعنى، ويدخل آراءه وتصوراته وتعليقاته، ثم هل نقل ذلك الشيء المنقود عن نفسه أو نقله عن غيره، فإن كان نقل عن غيره فهل غيره يتصف بالصفات التي ذكرناها أولا.
فمثلاً يأتيك إنسان ويقول سمعت الشيخ الفلاني أفتى بجواز كذا أو أفتى بحرمة كذا، فأنت لا تسارع في نقد الشيخ حتى تتبين لك الأمور واضحة جلية، ربما هذا الناقل لم يسمع جيداً أو سمع عن غيره أو سمع هو لكن لم يفهم كلامه لشيخ، أو حمله أكثر مما يحتمل إذ إن هناك احتمالات كثيرة تجعلك تؤخر النقد حتى تتثبت.
8- محاولة علاج الأخطاء وتقديم الحلول قدر الإمكان بالنصح بالرفق واللين، ومحاولة الستر عليه، ومسألة تقديم الحلول أيها الإخوة يطالب بها بعض الناس، فيقول إذا نقدته هات الحل، وأقول أيها الإخوة هل هذا صحيح ؟ الذي يظهر والله أعلم إن كان طلب الحل لإقناع الناقد بأنه لم يكن في الإمكان أحسن مما كان، وأنك تدرك الخطأ ولكن لا يمكن أن تفعل غير هذا، فربما تكون المطالبة بالبديل صحيحة لكن كوننا نقول إن على الناقد أن يأتي بالبديل أو يقدم الحل على إطلاقه هكذا فلا أظن أنه صحيح، ربما أعرف أن هذا خطأ فأنبهك عليه لتبحث عن حل ولكني لا أعرف الحل، هل نقول للطبيب لا تذكر المرض إلا وأنت تعرف له علاجاً هذا غير صحيح قد ينبهك الطبيب إلى مرض ويقول ابحث عن العلاج عند غيري إذن نقول لا يلزم من النقد أن نقدم البدائل الصحيحة دائماً ، إن قدمنا البدائل فهذا طيب وحسن وإن لم نستطع نقبل النقد ولو بدون حلول .
9- النظر إلى عيوب نفسه أولاً، فطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس.
10- يضع في ذهنه أنه لا يوجد أحد إلا ويخطئ، كل ابن آدم خطاء، وهذا يبعده عن الغلظة والقسوة في النقد.
11- يضع نفسه مكان المنقود كما قال تعالى: ((لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ)) (سورة النور :12) .
قال القرطبي: (وقيل المعنى أنه كان ينبغي أن يقيس فضلاء المؤمنين والمؤمنات الأمر على أنفسهم، فإن كان يبعد فيهم فذلك في عائشة وصفوان أبعد) .
12- البعد عن تتبع عورات المسلمين المستورة، التي أثرها قاصرعليهم، يقول- صلى الله عليه وسلم-: (( عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ )) .
13- عدم جعل النقد وسيلة لمصادرة آراء الآخرين التي لهم فيها مجال قد تكون بعض القضايا اجتهادية، والاختلاف فيها اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، لا يترتب عليه أي أثر على الفرد أو الأمة فهنا لا نحتاج إلى النقد.
14- أن يمزج نقده بما يجعله أدعى للقبول من مثل:
اختيار الوقت المناسب والأسلوب المناسب ونحو ذلك.
ومن ذلك أن يكون النقد بين الناقد والمنقود ما لم يكن الشيء المنتقد ظاهراً للناس يخشى أن يتأثروا به، أما مجرد الأخطاء الشخصية، أو الأخطاء التي لم يطلع عليها عموم الناس، أو التي يمكن تداركها دون أن تؤثر على الناس، فهذا ليكن النقد قدر الإمكان بعيداً عن التشهير مثال: تريد نقد رئيس المكتبة لا يلزم أمام أتباعه، وما سبق يضاف إليه أمر هام جداً هو أن لا يكون الناقد مما يحتج بسكوته مثلاً: مكتبة لها رئيس ومعه طلاب علم، يستنيرون برأيه، ووضع لهم الرئيس برنامجاً فيه خطأ ما، فهنا ينبغي على طالب العلم تنبيه الرئيس على ذلك، فإن لم ينتبه فهنا لابد لطالب العلم هذا أن ينقد هذا الخطأ علانية أمام التابعين لهذه المكتبة، لكي يعرفوا وجهة نظره، ولئلاَّ يحتجوا على صحة الخطأ بسكوت طالب العالم هذا، وكذلك لو كان هناك منكر ظاهر في المجتمع، فهنا لابد للمشايخ وطلاب العلم أن يتكلموا ولا يسعهم السكوت؛ لأنه يحتج بسكوتهم على جواز هذا المنكر .