عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2012-03-02, 4:05 PM
حامد نوار
عضو متميز بالمنتدى
رقم العضوية : 127765
تاريخ التسجيل : 4 - 9 - 2010
عدد المشاركات : 11,184

غير متواجد
 
افتراضي
الفصل الرابع

المــهر

قال تعالى:{وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} [النساء:4].

لقد كرم الإسلام المرأة وفرض المهر على من أراد الزواج بها، و لم يضع الإسلام حداً لهذا المهر بل ترك الأمر للطرفين يتفقان عليه حسب المقدرة. ورغب في يسره، وعدم المغالاة في طلبه، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها)) [رواه أحمد والطبراني].

وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة " [رواه أحمد والحاكم].

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره المغالاة في المهور، ولقد استنكر النبي صلى الله عليه وسلم موقف أحد الصحابة حينما فرض على نفسه مهراً لا يطيقه ثم جاءه يطلب المساعدة ففي رواية للإمام مسلم: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له صلى الله عليه وسلم: (هل نظرت إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) قال: قد نظرت إليها، فقال صلى الله عليه وسلم: " على كم تزوجتها؟ " قال: على أربع أواق، فقال صلى الله عليه وسلم: " على أربع أواق؟ كأنكم تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه )).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تيسير أمر الزواج بأقل المهور؟ فقد زوج أحد الصحابة بما تيسر معه من القرآن. روى البخاري وغيره أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت أهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر وصوبه، ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجينها فقال صلى الله عليه وسلم: " هل عندك شيء تصدقها إياه؟ " قال: لا والله يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: " اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً؟ " فذهب الرجل ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ما وجدت شيئاً، فقال صلى الله عليه وسلم: " انظر ولو خاتماً من حديد " فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما تصنع بإزارك؟ إن لبتته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء)) فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله مولياً فأمر به فدعي فلما جاء قال له: " ماذا معك من القرآن؟ " قال معي سورة كذا وسورة كذا، قال: " وتقرأهن عن ظهر قلب؟ " قال: نعم قال: " اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن " [رواه الخمسة واللفظ للبخاري].

وعن عامر بن ربيعة أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرضيت عن نفسك ومالك بنعلين؟ " فقالت: نعم فأجازه [رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه].

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير وأعظم قدوة لنا في هذا الأمر، فلم يزد صداق نسائه وبناته على خمسمائة درهم عدا أم حبيبة رضي الله عنها فقد كان صداقها أربعمائة دينار، دفعها النجاشي عن النبي صلى الله عليه وسلم إكراماً له.

وكان الصحابة رضوان الله عليهم يلتزمون اليسر والبساطة في تزويج بناتهن فكانت زيجاتهن أعظم بركة.

وكان الفاروق عمر رضي الله عنه ينادي بعدم المغالاة في صداق النساء، فقد خطب في الناس يوماً فقال: (يا أيها الناس لا تغالوا في صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم... ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية. وإن كان الرجل ليبتلى بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه، وحتى يقول: كلفت إليك علق القربة) علق القربة: الجبل الذي تعلق

ولقد لجأ كثير من الناس في هذا العصر إلى المغالاة في المهور، معتقدين أن غلاء المهور يزيد من تمسك الزوج بزوجته، حريصين على حب الظهور والتفاخر أمام الناس بالمهور الكبيرة، مما أدى ذلك إلى عرقلة سنة الزواج التي هي من أسمى سنن الحياة، مما أدى إلى انتشار الفساد بين الشباب، وقلة البركة بين المتزوجين، وكثرة المشاكل الزوجية، وتضاعفت حالات الطلاق عما كانت عليه في العصور الإسلامية السابقة. فلو أنهم اتبعوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته في فرض المهور لما وصلت العلاقات الزوجية إلى ما وصلت إليه الآن.

فالرحمة الرحمة أيها الآباء في طلب المهور تحصيناً لشبابكم وعفة لبناتكم، وكونوا كمن قال الله تعالى فيهم: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )الآية [الفتح:29].

الفصل الخامس

عقد الزواج

لكي يتم عقد الزواج بصورة إسلامية صحيحة لابد من من وجود ولي الزوجة أو وكيله وشاهدين، وموافقة الزوجة.

(1) ولي الزوجة:

لابد أن يتولى أمر زواج المرأة أقرب الناس إليها من الرجال البالغين العقلاء لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: (( لا نكاح إلا بولي)) ويجب على الولي أن يستأذنها ويأخذ رأيها ويطمأن إلى قبولها قبل إتمام العقد.

(2) الزوج أو وكيله:

يجوز للزوج أن يوكل عنه غيره في إتمام عقد الزواج فقد وكل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري في أن ينوب عنه في إبرام عقد زواجه على أم حبيبة، وكانت مهاجرة عند النجاشي الذي دفع له مهرها.

(3) الشهود:

لا ينعقد عقد الزواج إلا بحضور ذكرين عاقلين بالغين مسلمين عدلين لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل،وما كان من نكاح غير ذلك فهو باطل))[رواه ابن حبان في صحيحه].

الفصل السادس

ليلة الزفاف وآدابها

بعد إتمام عقد الزواج الشرعي يهئ كل من الزوجين نفسه لاستقبال ليلة الزفاف التي إن تمت على نهج إسلامي قويم كانت من أجمل ليالي العمر التي تحلم بها كل فتاة تؤمن بالله واليوم الآخر.

ومن أجل تحقيق ذلك الحلم فإني أضع بين يدي كل مسلمة آداب تلك الليلة لاتباعها، سواء كان ذلك في حفلة الزفاف، أو في إعداد الوليمة، أو عند خلوتها مع زوجها؛ حتى يكون زواجاً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أولاً: آداب حفل الزفاف:

لقد شرع الإسلام ألواناً من اللهو والترفيه للمسلمين في حفلات الزفاف مطوقة بحدود شرعية، يجب الوقوف عندها حتى تكون ليلة سعيدة خالية من المخالفات الشرعية.

* ومن ألوان اللهو التي شرعها لنا الإسلام:

(1) الضرب بالدف:-

يجوز استعمال الدف في حفلة الزفاف لحديث عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أعلنوا بالنكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدف " [رواه الترمذي].

وعن محمد بن حاطب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف " [النسائي والترمذي وحسنه].

(2) الغناء المباح الخالي من المخالفات الشرعية:

وعن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو " [رواه البخاري]. وفي رواية بلفظ: " فهلا بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني؟ قلت: تقول ماذا؟ قال: ((تقول:

أتيناكم أتـينـاكم فحيونا نحييكم

فلولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم

ولولا الحنطة السمرا ما سمنت عذاريكم

[رواه الطبراني]

وعن عامر بن سعد البجلي قال: دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود- وذكر ثالثاً ذهب علي- وجواري يضربن بالدف ويغنين فقلت: تقرون على هذا وأنتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم:؟ قالوا: إنه رخص لنا في العرسات، والنياحة عند المصيبة، وفي رواية: البكاء على الميت في غير نياحة. [رواه الحاكم والبيهقي والنسائي].

ما أباحه الإسلام من الغناء والضرب على الدف في غير فجور أو استخدام آلات المعازف المحرمة، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر (الزنى) والحرير والخمر والمعازف "، [البخاري وغيره]. وهذا دليل على تحريم المعازف التي تنتشر بأشكال شتى في هذا الزمان.

ثانياً: آداب الوليمة:

الوليمة: هي إعداد طعام في ليلة العرس أو بعدها، ودعوة المسلمين إليه، ويتكون هذا الطعام من لحم وثريد أو غيره.

ومن سنن الوليمة وآدابها ما يلي:

(1) أن تكون ثلاثة أيام عقب الدخول بدليل حديث أنس رضي الله عنه قال: بني رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة فأرسلني فدعوت رجالا على الطعام [رواه البخاري]. وعنه رضي الله عنه قال: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي وجعل عتقها صداقها وجعل الوليمة ثلاثة أيام [أخرجه أبو يعلي بسند صحيح].

(2) أن يولم بشاة أو أكثر إن وجد سعة. لما صح من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف عندما تزوج امرأة من الأنصار ((أولم ولو بشاة))الحديث [البخاري]. وعنه رضي الله عنه قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة من نسائه ما أولم على زينب فإنه ذبح شاة [رواه الشيخان].

(3) ويجوز أن تؤدى الوليمة بطعام غير اللحم: لحديث أنس رضي الله عنه قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبني بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز ولا لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت، وفي رواية: فحصت الأرض أفاحيص وجيء بالأنطاع فوضعت، فألقي عليها التمر والأقط والسمن فشبع الناس. الأنطاع: جمع نطع وهو الجلد المدبوغ [رواه الشيخان وغيرهما].

(4) دعوة الصالحين: لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(( لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي)) [رواه الترمذي والحاكم وأبو داود].

ثالثاً: وصايا للعروس قبل زفافها:

يستحب وصية العروس قبل زفافها إلى زوجها وصايا تصلح أن تكون منهجاً لإقامة الحياة الزوجية الصعيدة.

ولقد كان الآباء والأمهات في القديم يقدمون الوصية إلى بناتهم قبل الزفاف.

والأم خير من تسدي النصح لأبنتها عند زفافها ، فقد عاشت التجربة من قبل ، وهي أعظم الناس حباً لسعادة ابنتها وهنائها. وقد رأيت بين الوصايا القديمة وصية أمامة بنت الحارث لابنتها قبل زفافها التي بينت فيها أسس الحياة الزوجية السعيدة فقالت:

أي بنية! إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل.

ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال.

أي بنية! إنك فارقت البيت الذي ألفتيه، وخلفت العش الذي فيه درجت،إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً، ومليكاً، فكوني له أمة يكن لك عبداً وشيكاً. واحفظي له خصالاً عشراً، يكن لك ذخراً: (أما الأولى والثانية) فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.

(وأما الثالثة والرابعة) فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.

(وأما الخامسة والسادسة) فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة.

(وأما السابعة والثامنة) فالاحتراس بماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال: حسن التقدير، وفي العيال: حسن التدبير.

(وأما التاسعة والعاشرة) فلا تعصين له أمراً، ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.

ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.

... حقاً إنها وصية غالية من أم واعية، فما أجدر كل أم أن توصى بها ابنتها عند زفافها، وما أجدر البنت أن تقبلها وتأخذ بها لتنعم بالحياة الزوجية الهادئة في ظل الأدب الجميل والخلق الكريم، وينعم معها زوجها على بساط المودة والرحمة والسكن.


يتبع


توقيع حامد نوار