عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2012-02-21, 8:44 PM
**نورالهدى
عضو نشط
رقم العضوية : 163999
تاريخ التسجيل : 10 - 1 - 2012
عدد المشاركات : 284

غير متواجد
 
افتراضي تسبيح الجماد بحمد رب العباد
تسبيح الجماد بحمد رب العباد

إقال الله تعالى في سورة الأنعام آية38 «وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون".ففي تفسير ابن كثير يقول مجاهد أن الإنس أمة والجن أمة والطير أمة وكلها خلق الله، وعلماء الاجتماع يقرون بأن أفراد الأمة الواحدة تجمعها عناصر مشتركة قد تكون هذه العناصر دينية أو ثقافية أو عادات وطقوس اجتماعية أو خلقية أو لغوية ولعل العنصرين الأخيرين أي الصفات الخلقية واللغوية أكثر العناصر وأوسعها انتشارا.فالضحك والبكاء على سبيل المثال يشترك فيهما الكثير من الأمم الإنسانية. وكذلك اللغة سواء كانت لسانية أو إشاراتية أو كتابية فإنها تعتبر عوامل مشتركة بين أمم مختلفة تماما.
الله تعالى في سورة فصلت آية11 "ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض آتياني طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين"
ولقد ورد التسبيح في القرآن أكثر من تسعين مرة بصيغ مختلفة (الأمر، الماضي، المضارع أو بصيغة تبيان الجلالة "سبحان الله")، كما يختلف صاحب التسبيح كالإنسان أو الملائكة أو الجماد أو الحيوان كما سيأتي توضيحه.
فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن الشيطان الرجيم، سبحانك اللهم وبحمدك ولا حول ولا قوة إلا بالله .

كما أن كل كوكب من كواكب المجموعة الشمسية) وهي زحل، عطارد،المشتري،الزهرة،بلوتون،نبتون،أورانوس و المريخ ( يدور حول نفسه بعكس اتجاه عقارب الساعة وفي نفس الوقت يدور حول الشمس وفي الاتجاه المعاكس لعقارب الساعة ومنها بطبيعة الحال كوكب الأرض الذي يدور مرة حول الشمس خلال مدة تساوي ثلاث مائة و خمسة وستين )365( يوم كما يدور أيضا حول نفسه دورة كاملة خلال أربع و عشرين)24( ساعة و كلتا الدورتين في نفس الاتجاه )أي على عكس اتجاه عقارب الساعة.


وكذلك الحال بالنسبة للأعاصير التي تتكون على مستوى سطح البحر، عندما تتوفر ظروف مناخية معينة ) درجة حرارة تساوي 27° ، نسبة رطوبة تفوق 80 ./. والتقاء رياح باردة بأخرى حارة( تتكون في منطقة احتكاك هذه الرياح زوبعة تتطور شيئا فشيئا إلى أن تصير إعصارا هائجا ينتقل إلى حيث يأمره الله ناسفا ومدمرا لكل ما يوجد في طريقه بقوة رياحه الدائرية التي تبلغ سرعتها في أطرافه ما بين الثلاث مائة والخمس مائة )300 إلى 500 ( كيلومتر في الساعة. أما اتجاه دورانه فهو على عكس اتجاه عقارب الساعة.
ونلاحظ من جهة أخرى أن شجرة الكرم )العنب( تنبت سيقانا في أغصانها تمكنها من شد نفسها، والجدير بالذكر أن هذه السيقان بينما تبحث عن شيئ تلتف حوله تقوم بدورات متتالية حول نفسها ولا تتوقف عن الدوران إلا إذا وجدت ما تشد نفسها إليه، والمثير في هذا الأمر أن اتجاه دورانها يعاكس تماما اتجاه عقارب الساعة.


على صعيد آخر، نلاحظ أن أحد الحيوانات وهو العنكبوت يصرف تصرفا عجيبا عندما يبني بيته الذي قال فيه سبحانه وتعالى" وإن أوهون البيوت لبيت العنكبوت". إن هذا العنكبوت الصغير يبدأ بتثبيت الخيوط العرضية والأفقية لتكون الدعامات الأساسية لشبكته ثم يتحول للخيوط المركزية في عملية حلزونية بادئا بالمركز و منطلقا نحو الخارج في دوران مستمر بالاتجاه المعاكس لعقارب الساعة إلى أن ينتهي من بناء بيته.

ولقد أثبت الفيزيائيون أن البروتونات محملة بشحنة كهربائية موجبة والإلكترونات محملة بشحنة كهربائية سالبة أما النيترونات فلا شحنة لها.
إن كافة هذه الأجزاء في حركة دائمة حيث لو نظرنا إلى هذه الذرة عبر المجهر لرأينا أن الإلكترونات تدور دون توقف حول
النواة على عكس اتجاه عقارب الساعة
إن هذا الدوران ليس غريبا عن الإنسان المسلم الذي يعلم أنه لا يكتمل له دينه الذي ارتضاه الله له إلا بأدائه هذا الدوران ذاته وبنفس الطريقة متمثلا في الطواف بالكعبة الشريفة. وكلنا نعلم أن الطواف هو الدوران حول الكعبة المكرمة بحيث يكون البيت العتيق إلى يسار المتطوف وعلى عكس اتجاه عقارب الساعة أو بالأحرى كما تدور المجرة حول نفسها وكذلك المجموعة الشمسية، والكواكب كلها، والأقمار التابعة لبعضها، والصواعق وسيقان الكرم والذرة , بل أضف إلى ذلك اتجاه سعي الحجاج بين الصفا والمروة. حيث نراهم يدورون في نهاية المسار إلى اليسار وكأنهم يدورون في حلقة تم تمديدها.

إذا جعلنا من الآية 191 من سورة آل عمران التي قال الله فيها ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السمـوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحــنك فقنا عذاب النار) أساسا لتفكيرنا وانطلقنا في بحثنا لعلمنا علم اليقين بأنه ليس للصدفة محل من الإعراب في خلق الله سبحانه وتعالى.
إذا كانت العبادات كما قررها نبي الرحمة في الأركان الخمسة مقصورة على الإنسان والجن, بدليل الآية ( وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون), فإن التسبيح بحمد الله جاء بصفة التعميم ليشمل كافة المخلوقات سواء كانت لها روح أم لم تكن وذلك بدليل الآية ( سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم) التي وردت في القرآن الكريم ثلاث مرات على هذه الصيغة في كل من سور الحديد والحشر والصف. كما وردت في صيغة المضارع مرتين < يسبح لله ما في السمـو ت وما في الأرض> في افتتاحية سورتي التغابن والجمعة.

أما الآية الرابعة والأربعون من سورة الإسراء فتغنينا عن الخوض في قواعد اللغة لكونها تعمم التسبيح على كل عاقل وغير العاقل كالإنسان والحيوان والجماد إذ يقول عز وجل: (تسبح له السمـو ت والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا).

إن عبارة "ومن فيهن" وجهت للعاقل فقط و المقصود بها هنا الإنس والجن والملائكة أما عبارة < وإن من شيء > فهي تعني كل ما دون ذلك بغير استثناء ومهما كانت طبيعته أو حجمه كالكواكب والنجوم والشجر والحيوانات أو ما هو أصغر كالذرة التي يبلغ طولها خمسة أو ستة أجزاء من المليون من الميليمتر.
إن الأدلة القرآنية السابقة الذكر تبين لنا بكل وضوح أن الحيوان والجماد يسبحون بحمد الله، أما الأدلة من السنة فهي كالآتي.
يقول ابن كثير في تفسيره بخصوص " تسبح له " بمعنى تقدسه السماوات السبع ومن فيهن أي من المخلقات و تعظمه وتبجله وتكبره وتنزهه عما يقول المشركون وتشهد له بربوبيته وألوهيته.
أما عبارة ( ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) فليس المراد بها لا تعرفون تسبيحهم بل لا تفهمون تسبيحهم لاختلاف لغاتهم عن لغاتكم أيها البشر. ومن ثم فإن عدم فقه الشيء لا يعني بالضرورة عدم معرفته أو جهل وجوده و مثال ذلك كون شخص يتكلم بالانجليزية أمام شخص آخر لا يفهم هذه اللغة فيقول هذا الأخير :أنا لا أفقه هذه اللغة ولكني أعرف أنها الانجليزية.
وجاء في صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال: ( كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل).

بعد أن بينا من السنة أن الحيوان يسبح بحمد الله, سوف نحاول أن نبين أن هذا الدوران تسبيح أيضا.
جاء في صحيح مسلم، باب أركان الإسلام ودعائمه العظام، في الحديث رقم19 حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني حدثنا أبو خالد يعني سليمان بن حيان الأحمر عن أبي مالك الأشجعي عن سعد بن عبيدة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( بني الإسلام على خمسة على أن يوحد الله(1) وإيقام الصلاة(2) وإيتاء الزكاة(3) وصيام رمضان(4) والحج(5)) فقال رجل الحج و صيام رمضان قال لا صيام رمضان والحج ؛ هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نلاحظ في هذا الحديث إلحاح الراوي على الترتيب الصحيح والواجب الأخذ به رغم وجود روايات أخرى حول وضعيتي ركني الصوم والحج ومن يسبق الآخر إلا أني أرجح الترتيب السابق الذكر لأسباب كثيرة ليست موضوع البحث.
إن هذا الترتيب يدل على أنه لايجوز للمسلم أن يقوم بأداء الصلاة دون أن يدلي مسبقا بالشهادتين، كما أنه لا يجوز له أن يؤتي الزكاة دون أن يقيم الصلاة أو الحج قبل الصيام.و دون الخوض في مسائل فقهية لسنا مؤهلين لها كما أننا لسنا بصدد دراستها، نستنتج أن وضعية الركن في الترتيب تدل على درجة أهميته التعبدية وقوة وجوب أدائه. وبذلك يكون ركن الشهادة الذي رتب في المقام الأول أكبر الأركان وأهمها بل لا تقوم للأركان الأخرى قائمة بدونه كما أنه أكبرها وجوبا بحيث لا يقبل فيه أي نقصان أو تنازل كما لم يمنح الله فيه أي ترخيص وذلك ما بينته الآية 48 من سورة النساء( إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقدا فترى إثما عظيما).

أما الركن الثاني وهو ركن الصلاة، رغم كونها عماد الدين، إلا أنه يتمتع من التراخيص ما يجعله أقل منزلة من سابقه، كالتيمم عند غياب الماء، والتقصير عند السفر والترخيص للمرأة الحائض حتى تطهر دون القضاء وكذلك في حالة النفاس. كما يجوز أداء الصلاة في حالة جلوس. أما الركن الثالث وهي الزكاة فهو يتمتع بترخيصات وشروط تيسيرية كإتمام الحول وبلوغ النصاب الشرعية و تحفيزية كتزكية المال وتطهيره. ويليه ركن الصيام وترخيصاته الأخرى كإفطار الصائم أثناء السفر أو المرض أو الحيض والنفاس عند المرأة بل أكثر من ذلك حيث يرخص الله لمن لا يستطيع الصيام أن لا يؤديه البتة بشرط التعويض عن ذلك بإطعام مسكين عن كل يوم أفطر فيه.
أما الحج فهو آخر الأركان في الترتيب ومعنى ذلك أنه أدناها وجوبا رغم ما فيه من مزايا وثواب كما أنه يتمتع بدوره بكثير من التراخيص ولعل أهمها أنه كلما ورد ذكر الحج إلا و أتبعته عبارة ( من استطاع إليه سبيلا )، ومفاد ذلك أن أداءه مقترن بتوفر الاستطاعة الجسدية(الصحية) و المالية ويمكن أن نزيده، نظرا لحال الأمة اليوم، شرط الحالة الأمنية. ولقد أصدر علمائنا الميامين فتوى جواز حج شخص لحساب آخر حتى ولو كان ميتا.

الطواف بالكعبة الشريفة.
إننا نعلم بأن الطواف من أهم المناسك وهو في حد ذاته صلاة كما ورد في الحديث الذي أخرجه الترمذي في السنن، كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الكلام في الطواف. قال حدثنا قتيبة قال حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن طاوس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الطواف حول الكعبة مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير).
اعتمادا على المقاييس العقلية وارتكازا على الأسس الإيمانية نستنتج أن هذا الدوران المتجانس لكل هذه المخلوقات بدءا بأكبرها في علمنا وهي المجرة وانتهاءها إلى أصغرها وهي الذرة ومرورا بالمجموعة الشمسية والكواكب والأقمار والأعاصير وسيقان الكرم وكلها تدور بنفس طريقة الحاج وهو يطوف بالكعبة الشريفة فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون نتيجة الصدفة لأن الذي قال في الآية 59 من سورة الأنعام (وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) لا يسمح بأن تتدخل الصدف في تسيير الكون كما أن عظمة و مغزى هذا الدوران أجل وأقدس من أن تخضع للصدف، بل نجزم بأنه لو كان كذلك لدارت الأرض يسارا والمريخ يمينا والشمس شمالا والقمر جنوبا كل حسب هوى صدفته ولو كان كذلك لفسدت السماوات والأرض وكل ما زحف أو طار أو دب فيهن. كما نؤمن كل الإيمان بأن مصدر الأمر واحد لا ثاني له و هو الله الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء له الأمر كله. كما نعتقد أن الله تبارك وتعالى عندما فرض التسبيح على كافة المخلقات إنما اختار للجماد صورة أسمى و أنبل وأقدس حركة تعبدية يقوم بها الإنسان باعتباره خليفة الله في الأرض لما في هذه الحركة من تتويج لأداء الفرائض الواجبة على المسلم. ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك.

اللهم تقبل هذا العمل خالصا لوجهك الكريم واجعله لبنة في بناء الصرح الفكري والحضاري للأمة الإسلامية وثبته في ميزان حسناتي القليلات.

الصور المرفقة
نوع الملف: jpg d8a7d984d983d8b9d8a8d8a91.jpg‏ (78.8 كيلوبايت, المشاهدات 9)