مما حدا بالعلماء بإجراء أبحاث ودراسات أخرى جديدة، للخروج بصورة صحيحة معدلة لمخ الطير كما توضح الصورة البيانية التالية:

صورة توضيحية تبين التسمية الجديدة لبعض مناطق المخ
حسب ما توصل اليه العلماء حديثا
Structure of the brain birds, using the modern view (Jarvis and al)
حيث غيرت أسماء بعض المناطق لتعطي مفهوم الدور الحقيقي الدي تلعبه
والتسميات الجديدة هي :
Arcopallium ; pallidum ; striatum ; mesopallium ; hyperpallium
وهكذا نجد العلماء وبعد بحث وجهد كبير استطاعوا أن يكتشفوا أن الطير يتمتع بقدرة عقلية كبيرة لا تقل عن قدرة وذكاء
المخلوقات الذكية بما فيها الإنسان.
وكل هذه الحقائق العلمية يمكن تلخيصها في مصطلح وكلمة واحدة ذكرها الله تعالى في كتابه المبين " منطق الطير "، مصطلح بالغ الدقة والتخصص من الناحية العلمية لوصف هذه القدرة العقلية والفكرية.
اكتشفوا هذه الحقائق العلمية بعد أن مضوا حقبة كبيرة من الزمن وهم يعتقدون العكس، فالغراب الذي اكتشفوا انه يصنع أدوات صيده بيده،وانه بطريقة جد ذكية يقوم نزع النواة من حبة الجوز، وذلك بوضعه في طريق مرور السيارات عند علامة المرور الحمراء .
فهدا النوع من الطيور الذي استشهدوا ببعض ما لاحظوا في تصرفاته من ذكاء وفطنة، قد سبق القرآن الكريم أن اخبرنا بكل هده الحقائق المذهلة، ، بحيث أن أول درس كان لولد آدم عندما قتل قابيل أخاه هابيل ولم يعرف كيف يواري سوءة أخيه فأرسل الله غرابين يقتتلان فقتل احدهما صاحبه فحفر له ثُمَّ حَثَى عليه، وقابيل ينظر إلى ما يفعل هذا الغراب العجيب، فتعلم منه كيف يواري سوءة أخيه هابيل :يقول الله تعالى في الآية 31 من سورة المائدة " فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ " .

بعض أنوع الغراب وهو يحمل أكله بمنقاره
وبعد سردنا لهده الحقائق العلمية، سنتطرق إلى ما ذكره القرآن الكريم عن هده القدرة الهائلة للطير مستشهدين بالآية الكريمة محور هدا البحث:
الإعجاز العلمي : منطق الطير ( الهدهد كمثال)
يقول الله تعالى في كتابه الكريم " وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ " النمل الآية 17
سنحاول أن نستشهد بالقصة التي ضربها الله لنا "قصة الهدهد مع سيدنا سليمان عليه السلام، لنحاول أن نكتشف بعض الحقائق العلمية لهذا المنطق الرائع الذي يتميز به عموم الطير.
يقول الله تعالى في كتابه المبين " وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) " الآيات 20 – 26 من سورة النمل .
سنحاول أن نفصل عبر هده الآيات الكريمات، ومن خلال قصة وحوار الهدهد مع سيدنا سليمان عليه السلام، ما يتمتع به هذا الطير من تفكير كبير ومنطق مدهش ورائع:
* " وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) " الآية 21 من سورة النمل .
القصة تبدأ كما يشرحها بعض المفسرون لهذه الآية الكريمة، حيث روي أنه عليه الصلاة والسلام لما أتم بناء بيت المقدس تجهز للحج فوافى الحرم وأقام بها ما شاء ثم توجه إلى اليمن فخرج من مكة صباحا فوافى صنعاء ظهيرة فأعجبته نزاهة أرضها فنزل بها ثم لم يجد الماء - وكان الهدهد رائده لأنه يحسن طلب الماء - فتفقده لذلك فلم يجده إذ حلق حين نزل سليمان فرأى هدهدا واقعا فانحط إليه فتواصفا وطار معه لينظر ما وصف له ثم رجع بعد العصر، وحكا ما حكا ولعل في عجائب قدرة الله وما خص به خاصة عباده أشياء أعظم من ذلك يستكبر ها من يعرفها ويستنكرها من ينكرها .
ثم يبدأ حوار الهدهد مع سيدنا سليمان فور رجوعه من مهمته، وسنحاول أن نقسم هذا الحوار وما جاء في هده الآيات الكريمات وفق طريقة تفكير الهدهد لاستخراج المحاور الرئيسية لهذا المنطق العجيب:
* " فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ " الآية 22 من سورة النمل
لقد أرجع بعض المفسرون وهم الأغلب المكوث للهدهد، أي الهدهد لم يغب كثيرا وسرعان ما عاد من مهمته،وجمهور آخر من المفسرون يرجعونها إلى سيدنا سليمان أي بقي سيدنا سليمان عليه السلام بعد التفقد والوعيد غير طويل أي غير وقت طويل ، ونرجح القول الأول لأن الهدهد ذهب دون أن يخبر سيدنا سليمان فكان يستعجل مهمته التي تطوع لأدائها حتى لا ينال العقاب، وأيضا ترجيح القول الأول لما نعرف من سرعة حركة الطيور وبالأخص أننا هنا نبرهن على أن الطير شديد الذكاء شديد الفطنة واليقظة.
وتحتوي هده الآية على عنصرين قويين من عناصر الحوار يوضحان قوة هذا المنطق، وتتمثل في الجزأين من الآية
الكريمة:
- الجزء الأول "فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ"
- الجزء الثاني " وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ "
وسنحاول أن نوضح ما يحتويه هذين الجزأين من عناصر قوة هذا المنطق:
1/ " فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ" تشتمل هده العبارة الأولى في حوار الهدهد من الذكاء والفطنة وسرعة البديهة ما نفق أمامه منبهرين، ولكي نوضح روعة هذا الإعجاز وهذه البديهة سأضرب مثالا بسيطا من واقعنا :
مثلا صاحب محل أرسل خادما له في مهمة لشراء بعض الأغراض الخاصة بالعمل فتأخر الخادم كثيرا في مهمته لأنه عثر على أشياء وبضائع فريدة أراد اكتشافها، فغضب صاحب المحل غضبا شديدا ووعد ان يعاقب و يطرد هذا الخادم فور رجوعه، ففي رأيكم كيف سيبدأ هذا الخادم حواره لكي يهدئ من روع وغضب صاحب المحل ويضمن عدم طرده من الوهلة الأولى ؟!!!
من وجهة نظري المتواضعة سيبدأ هذا الخادم مباشرة بلب الموضوع وطرح سبب التأخير دون أي مقدمات أو أي تشويق مسبق، تشويق أو عبارة محكمة تهدئ من روع وغضب صاحب المحل قبل شرح الموضوع والدخول في التفاصيل .
وفعلا طرحت هذا السؤال على عدة أشخاص، وقلت لهم تصوروا أنكم في مكان هذا الخادم فكيف ستبدءون حواركم مع صاحب المحل؟؟
فكان رد الأغلبية سنشرح تفاصيل الغياب، إلا شخصين من المجموعة قالت: قبل الدخول في التفاصيل لابد من إيجاد عبارة تكون بمثابة مقدمة تشويقية ومفتاح ايجابي يكون ذا أهمية كبرى لصاحب المحل، فقلت مثل ماذا ؟؟ قالوا مثل عبارة " لقد اكتشفنا عروضا لا تتخيلها لصالح المحل " فمثل هذه العبارة في أول الحوار كفيلة بتغيير كل الحوار لأنها نقطة محورية في صميم إهتمام صاحب العمل .
وهدا ما فعله الهدهد في حواره مع سيدنا سليمان عليه السلام، فسيدنا سليمان كان في شدة الغضب على الهدهد لأنه لم يجده وغاب دون إعلامه، فوعد أن يقتله أو يعذبنه او يأته بحجة وبينة و بِبُرْهَانٍ بَيِّن ظَاهِر عَلَى تغيبه، والهدهد يعلم هذا ويعرف ما هي الحجة التي يستطيع بها النجاة من العقاب، وهي إظهار خبر لم يستطع سيدنا سليمان، مع ما وهبه الله من علم وقدرة ومعرفة، الاطلاع عليه والإحاطة به، خبر يكون في صميم اهتمام سيدنا سليمان، وسيدنا سلميان إهتمامه ورسالته الدعوة إلى الله وتبليغ الرسالة إلى الكل، إلى كل من لا يوحد الله، وهذا ما فعله الهدهد بقوله في الآية الكريمة " فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ " عبارة تعتبر كمقدمة جد تشويقية وجد وقوية، تحتوي على 3 عناصر من القوة :
- قوة الحجة
-الثقة في النفس مع التحدي
- وعنصر التشويق
ومن اللطائف العلمية في هذه الآية الكريمة وقول الهدهد " " فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ "، أن الله تعالى خص الطيور علاوة على خاصية الطيران التي تأهلهم لمعرفة كل المحيط بهم، فان العلماء اكتشفوا أن الطيور تتمتع بحواس جد متطورة على باقي الحواس، وهي حاسة السمع والبصر، وهده الخاصية تأهلهم لمعرفة أدق التفاصيل والمعلومات، أما حاسة الذوق والشم فهي جد متأخرة،وبدائية بالنسبة لباقي الحواس....ولله في خلقه شؤون !!!.