الموضوع: كيف تبني نفسك ؟
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2007-07-17, 6:44 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
5- ترك المعصية:

يقولون أنَّ المعاصي بريد الكفر، والمقصود بالمعصية كلُّ عملٍ خالف فيه المكلف ربه، سواءً كان ذلك بتركِ ما هو واجبُ الفعل، أو بفعل ما هو واجب الترك مع علمه بذلك دون جهلٍ أو نسيان، وللمعاصي أصول ثلاثة. تعلق القلب بغير الله، وغايته الشرك بالله، وطاعة القوة الغضبية، وغايته القتل، وطاعة القوة الشهوانية، وغايته الزنا، ولذلك جمع الله بينهما في قول الله تعالى: ((وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا)) .

المعاصي كلها سبب للضلال والعقوبة والعذاب قال الله تعالى: ((وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ)) ، .

وقال عز وجل: ((وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا)).

قال بلال بن سعد- رحمه الله-: (( لا تنظر إلى صغر الخطيئة أو المعصية ولكن أنظر إلى من عصيت)) .

وقال علي بن أبى طالب لأبنه الحسن- رضي الله عنهما-: (يا بنى أحذر من أن يراك الله عند معصية، ويفقدك عند طاعة فتكون من الخاسرين ) وقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (( إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وذا بعود ، حتى حملوا ما انضجوا به خبزهم ، وان محقرات الذنوب حتى يؤخذ بها صاحبها تهلكه))

وقال- صلى الله عليه وسلم-: (( إنَّ المؤمن إذا أذنب نكتت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه وإن زاد زادت فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه )) (( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) .

إيَّاك من التساهل بمعصية الله، فإنَّ ذلك موجبٌ لسخط الله، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( إياكم والمعصية فإن بالمعصية تحل سخط الله عز وجل)) .

فأنت يا أخي تبني نفسك قدر ما تستطيع على ترك المعاصي، لاسيما الكبائر، وأحذر أن تأسرك معصية ولو كانت صغيره، فلا صغيرة مع الإصرار، وتأكد أنَّك إذا بنيت نفسك على معصيةٍ معينة ولو كانت صغيرة فإنَّها ستستمر معك حتى في كبرك، ورُبما جرت عليك ما هو أعظم، إذا تركت المعصية قد تتركها في البداية بمشقةٍ وصعوبةٍ ومجاهدة، ولكن يعينكَ الله فيما بعد فيسهل عليك تركها، وربما لم تعد نفكر بها أصلاً .

لحسن الخلق مكانةً رفيعةً في الإسلام، فقد أثنى الله على نبيه لحسن الخلق فقال: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) .

وصح عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قال: (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) بل كان- صلى الله عليه وسلم- يدعو ربه أن يهديه لأحسنِ الأخلاق: ((اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت)) وتعوذ من منكرات الأخلاق فقال: (( اللهم إنِّي أعوذُ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأدواء.)) وحث الناس على حسن الخلق فقال: ((وخالق الناس بخلق حسن )) وحسن الخلق يدخل الجنة، (( سئل الرسول- صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال تقوى الله وحسن الخلق )) .

فأبن نفسك على كريم الأخلاق، فلا تتكلم ألا بصدق، سألت عائشة الرسول- صلى الله عليه وسلم- بم يعرف المؤمن قال: ((بوقاره ولينِ كلامه وصدق حديثه )) وفي الحديث : ((عليكم بالصدق فإنَّ الصدق يهدي إلى البر)) فإن كذبت في حديثكُ مرةً ومرة، وبنيت نفسكَ على هذا عسُر عليك مفارقتهُ حتى تكتب عند الله كذاباً، كذلك تتعامل بالأمانة وتراعيها، قال تعالى: ((وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)) ويقول الرسول -عليه السلام- ((لا إيمان لمن لا أمانة له.)) فتربي نفسك على أن تقوم بالأمانة الملقاة على عاتقك خير قيام، فإنَّ كان عندك علمٌ بلغته ولم تكتمه، وإن كان عندك حقٌ لأحدٍ أديته، وتقومُ بعملك ووظيفتك على أكمل وجه، وتحافظ على زوجتك وأولادك فهم أمانة، أيضاً بنيت نفسك على الحياء وأكرم به من خصلةٍ تمنع من فعل القبيح، والحياء من الأيمان، ولاياتي إلاَّ بخير، وكان- صلى الله عليه وسلم- (" أشد حياءً من العذراء في خدرها ") ومن الأخلاق الحسنة التي ينبغي أن تبني نفسك عليها، الحلم والتواضع، والصبر والكرم، وغيرها من الأخلاق " .

7- ترك التوسع في المباحات :


من المأكل والمشرب، والملبس والمنكح، والمنام ونحو ذلك، فإنَّ الانشغال بها انشغالٌ عمَّا هو أهم من الطاعات ونوافل الخير. بل الاشتغال بها والتوسع فيها، وربما أدَّى إلى أن تجره إلى مالا يحمد، وقد كان السلف لا يتوسعون في المباحات، وقد ذم الله من أذهب طيباته في حياته الدنيا، وقال- صلى الله عليه وسلم- (" أخوف ما أخاف عليكم من أن تفتح عليكم الدنيا .") ولكن هل يعني هذا أننا نترك المباحات ؟ أقول لا أيُّها الأخوة، فالله عز وجل أمرَ بالتمتع بالطيبات فقال: (( كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً)) وقال: ((كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)) .

وأنكر على من حرم الطيبات فقال: ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)) .

وقد كان الرسول- صلى الله عليه وسلم- هو أعبد الناس وأزهدهم، يحب العسل ويأكل اللحم، وتعجبه الزراع، ويحب الطيب والنساء، وهي من متع الحياة المباحة، بل نهى عن ترك المباح بالكلية، فنهى من أراد التبتل، ونهى من يريد حرمان نفسه من اللحم، ومن يريد حرمان نفسه من الزواج، ويريد حرمان نفسه من النوم، وأقر سلمان عندما أنكر على أبي الدرداء انشغاله عن أهله، وإن لأهلك عليك حق، إذاً ما الضابط في هذا أقول :

إنَّ المباح إما أن يكون وسيلة إلى مأمور به، أو وسيلة إلى منهيٌّ عنه، أو لا يكون وسيلةً إلى أيِّ منهما. فإنَّ كان وسيلةً إلى مأمورٍ به فهو مطلوبٌ فعله كما في الحديث: ((نعم المال الصالح للرجل الصالح)) وكما في الحديث، ((ذهب أهل ألد ثور بالأجور ))

وإن كان وسيلةً إلى منهيٌّ عنهُ أخذ حكمهُ كما جاءَ عن بعض السلف (( كُنا ندع مالا بأس به حذراً مما به بأس)) فإن كانَ ليس وسيلةً لأيٍّ منهما فأنه يُتركُ من باب أنَّهُ أضاعه للوقت بما لا فائدة منه، خصوصاً إذا داوم عليه .

ويمكنني أن ألخص ما سبق فيما يلي:

1- إذا كان المباح وسيلة إلي مأمور به فإنه لا ينهى عنه

2- إذا كان المباح وسيلة إلي منهي عنه فإنه ينهى عنه كالشبع مثلاً

3- لا تداوم على مباح ليس وسيلة إلي مأمور به مداومة تشغلك عما هو أهم . مثل الرحلات

4- لا يكن تركك المباح إلا لأحد الأسباب التالية :_

- أن يكون هذا المباح مانعاً من عبادات وحائلاً دون خيرات تتركه لتتوصل إلى هذه الأشياء.

- إذا رأيت هذا المباح سيسبب لك تغيراً في نفسك كدخول الغرور إليك، وإعجابك بنفسك، وتكبرك على الآخرين .

- إذا رأيت أنَّ في هذا المباح شبهةً فتورع عن الشبهات .

- إذا كان في تناولك لهذا المباح إسراف، والإسراف يختلفُ من شخصٍ إلى آخر، فقد يكون الشيءُ عند شخص إسراف ولا يكون عند غيره كذلك .

- إذا لم يكن لديك رغبةً شخصيةً لهذا الشيء فإنَّهُ لا بأس أن تتركهُ لأنَّ المباح ليس مطلوباً فعلهُ ولكن لا تحرمه لا على نفسك ولا على غيرك .