سؤال : بعد أن عرفنا شكر العبد فكيف يكون شكر الرب ؟
الإجابة : إن شكر الله ليس على نعمة بذلها العبد لربه فيشكره عليها ، فإن الله هو المانح دائماً والعبد هو الممنوح دائماً ، وليس لأحدٍ على الله منة ، بل المنة كلها من قبل ومن بعد لله ، ولذلك جاء فى تفسير شكر الله أنه القدرة على إثابة المحسن وأنه لا يضيع أجر العاملين ، فهو سبحانه يوفق عباده للخير ثم يعطيهم ويُثيبهم على العمل بهذا الخير الذى ساقه إليهم . والله يشكر القليل من العمل ويُعطى عليه الثواب الجزيل فالحسنة بعشر أمثالها ويُضاعف لمن يشاء . ويشكر عبده بأن يُثنى عليه فى الملأ الأعلى ويذكره عند الملائكة ويجعل ذكره فى الأرض بين العباد. كما أن العبد إذا ترك شيئاً لله أبدله الله أفضل منه شكراً له ، ألم ترى لمّا عَقَرَ سُليمان الخيل غضباً لله لمّا أشغلته عن ذكر الله فعوضه الله عنها بالريح وعلى متنها يكون سفره وتحمل جنوده من الإنس والجن ، ولمّا ترك الصحابة ديارهم وخرجوا منها فى سبيل الله عوضهم الله عنها بالدنيا وفتح عليهم مُلك فارس والروم ، ولمّا تحمّـل يوسف الصديق عليه السلام ضيق السجن شكر الله ذلك له ومكّن له فى الأرض يتبوء منها حيث يشاء ، ولمّا بذل الشهداء دماءهم فى سبيل الله شكر الله لهم وجعل أرواحهم فى حواصل طير خضر تسرح فى الجنة وترد أنهار الجنة وتؤوى الى قناديل معلقة تحت العرش .
حتى أعداء الله يشكرهم الله على ما يفعلونه من الخير بالمعروف فى الدنيا فيُعطيه الصحة والغنى والأولاد ونحو ذلك من متاع الدنيا ، أما فى الآخرة فليس له فيها نصيب .
ومن أمثلة شكر الله لعباده ماجاء فى الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نزع رجلاً لم يصنع خيراً قط غصن شوك عن الطريق إما كان فى شجرة فقطعه فألقاه وإما كان موضوعاً فأماطه فشكر الله له بها فأدخله الجنة " حديث حسن
وفى صحيح البخارى من حديث أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " بينما رجل يمشى فأشتد به العطش ، فنزل بئراً فشرب منها ثم خرج ، فإذا بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال : لقد بلغ هذا ما بلغ بى ، فملأ خفه ثم أمسكه بفيـهِ ثم رقى فسـقى الكلب فشكر الله له فغفر له . قالوا : يارسول الله وإن لنا فى البهائم أجراً ؟ قال : لكل كبدٍ رطبة أجراً " .
ومن شكر الله لعباده أنه يُخرج من النار من كان فى قلبه مثقال ذرة من إيمان ، ولا يضيع هذا القدر مادام من أهل التوحيد فإنه يلبث فى النار ما يلبث ثم يُخرجه الله من النار .
وشكر الله لمؤمن آل فرعون مقامه الذى قام لله فجاهد وقال كلمة حق عند سلطان جائر فأثنى الله عليه فى القرآن ونوّه بذكره بين عباده . .
فهو سبحانه الشكور على الحقيقة ، المتصف بصفات الكمال سبحانه وتعالى ..
سؤال : هل الشكر درجة واحدة ؟
الإجابة : إن الشكر درجات كثيرة ، فإن حياء العبد من تتابُع نعم الله عليه درجة ، ومعرفته بأن النعم إبتداءً من الله بغير إستحقاق درجة من درجات الشكر ، والعلم بالتقصير عن الشكر شُكر ، والمعرفة بعظيم حلم الله وستره شكر ، والعلم أن شكر الله نعمة من نعم الله شكر ، ومن الدرجات العليا للشكر : الشكر على البلاء وعلى المفقود وعلى المنع ..
وقسّـم البعض درجات الشـكر بحسب الشـاكرين :
أ - شكر العوام ( على النعم فقط )
ب - شكر الخـواص ( على النعم والنـِـقَم )
ج - شكر خواص الخـواص ( الإشتغال بالمنعم عن النعمة )
فالشكر من أرفع مقامات العبودية ويندرج فيه جميع مقامات الإيمان كالمحبة والرضا والتوكل وغيرها . فإن الشكر لا يصح إلا بعد حصولها . .
سؤال : ما هى ثمار الشكر ؟
الإجابة :
أ – الثمـار الدنيوية :
(1) يحفظ النِعَم من الزوال
(2) يجلب النِعم المفقودة
(3) يزيد النِـعَم
(4) يُسعد الإنسان
ب – الثمار الأخرويـة :
(1) غرس شجر الجنة
(2) غُفران الذنب
(3) يُجازى الله بها حين يلقاه عبده وقد عضلت الملكين
(4) يُنصب للشاكرين لواء فيدخلون الجنة
(5) يكتسب حُب الرحمــن
سؤال : فما الفرق بين الحمد والشكر ؟
الإجابة : بعد أن عرفنا ماهو الشكر وكيف يكون نذكر الفرق بين الحمد والشكر :
الشكر أعم متعلقاً من الحمد : حيث أنه يتعلق باللسان والقلب والجارحة ، القلب يعرف الله ويحبه ويعرف أن النِعم منه وحده فإن الرزق فى السماء ولكن يأخذه العبد فى الأرض وليس معنى ذلك أن من يرزقه أحد من أهل الأرض ولكن هو الله الرزاق ،
واللسان يُثنى عليه ويلهج بذكره ، والجوارح تستعمل هذه النِعم فيما يرضى الرب ولا تستعملها فيما يُسخطه .
أما الحمد فإنه أخص متعلقاً حيث كونه بالقلب واللسان فقط .
الشكر أخـص سـبباً والحمد أعم : حيث أن الشكر يكون فى مقابل الإحسان وفى مقابل النِعم ولا يشكر على الصفات الذاتية فلا يُقال شكرت فلان على خصاله الجميلة – ولله المثل الأعلى – وضد الشكر : الكفران .
أما الحمد فيكون فى مقابل وبلا مقابل ويكون على صفات الله الذاتية وعلى نعمائه فيُقال : الحمد لله فاطر السموات والأرض .. ونقيض الحمد : الذم .
ويجتمع الحمد والشكر : فى أنهما يكونا على السراء والضراء حيث أن الضراء نعمة أيضاً حيث أنها أخف وطأةً من الأعظم منها ، فكون الله إبتلاه بالأخف فهذه نعمة تستوجب الشكر والحمد .
والحمد هو رأس الشكر كما قال النبى صلى الله عليه وسلم : " الحمد رأس الشكر ، ما شَكَرَ الله عبد لم يحمده " حديث حسن رواه البيهقى فى شُعب الإيمان .
هذا والله أعلي وأعلم
جمع وترتيب
ام شهاب
هالة يحيى صادق