[محمد السعيدالنوي]

تابع

رق قلبه لحالي.. فتح لي الباب.. أمسك بيدي و قال لصاحبه لا تفتح لأحد.!!.
صعد معي إلى العناية المركزة.. وقد كتب على بابها بالأحمر و بخط كبير:
ممنوع الدخول.
طرق الباب ,لم يجب أحد.. طرق الثانية.. الثالثة قلت له لا قد نزعج المرضى.
قال لي لا تحزن.. سترى أمك لآن بإذن الله.
تركني واقفا هناك و عاد لمركز الحراسة.. ماهي إلا دقائق و رن الهاتف.
فتح رجل الباب مبتسما في وجهي..أأنت الذي تريد أن ترى أمك؟.
قلت له : نعم.. أنا.
فتح لي الباب .. أتقدم نحو أمي و أنا أسأل الله أن أجدها أحسن من أمسها.
لا أسمع شيئا سوى دقات قلبها و شهيق أنفاسها عبر أجهزة الانعاش!!.

* جلست على ركبتي..قبلتها..ناديتها: أمي.. أمي.. أنا أبنك.. أنا محمد..
فتحت عينها و نظرت إلي و ذرفت دمعتان لا أكثر!!.
مسحت دمعتها بيدي.. أبكي.. سامحيني أمي..
الحمد لله .. لقد رأتني أمي.. لقد عرفتني.. ربي علها تسامحني..
طلبت من حارسها الليلي أن يسمح لي بقراءة ما تيسر من القرآن لها.
رفض بحكم أن القانون لا يسمح بالقرآن إلا للموتى !!... و أمي لازالت حية.
- أرجوك.. الله يرحم والديك ..دعني أسمع أمي شئا من القرآن الكريم.
- تفضل .. شرط أن لا تتجاوز 5 دقائق!!
قرأت لها قل هو الله أحد.. المعوذتين.. الفاتحة..أوائل و أواخر سورة البقرة..
و أوائل سورة يس.
و سمعت وقع أقدامه يقترب مني.. انتهى الوقت المحدد!!... يا محمد!!.
فارقت أمي و أنا أنظر إلى وجهها و عيناها المغمضتان!!.
اللهم اشف أمي .. اللهم رحمتك أرجو..ألطف بها يا أرحم الراحمين.

* خرجت من المستشفى و قد بقي لشروق الشمس حوالي ساعة!!.
و عدت حوالي التاسعة.. أسأل عن طبيب العناية المركزة.. فقيل لي طبيبة.

انتظرتها حتى جاءت من الجناح المخصص للنساء..
- السلام عليكم دكتورة..من فضلك,كيف هي أمي الراقدة في الغرفةرقم2 ؟.
- صراحة.. لا توجد أي علامة لتحسنها.. وكل أجهزتها تشتغل بشكل عادي!!.
- بماذا تنصحينني دكتورة؟!!.
- نصيحتي لك أن تأخذ أمك إلى البيت.. أن تلقنوها الشهادة و أن تموت بين
أولادها , خير لك أن تجدها في وقت ما ميتة هنا في المستشفى!!.

* أخرجت أمي حوالي الساعة11 صباحا..كنت أنظر إلى وجهها و قد انبعث
منه نور كإشرا ق الصبح..
أدخلناها إلى البيت و وضعناها في مكانها..تتغذى فقط عن طريق السيروم!!.
كانت أمي تحتضر .. و كنت ألقنها الشهادة و أدعو أن تخفف عنها سكرات
الموت .. كان قلبها يتوقف ..ثم يعود للخفقان ..ونحن مجتمعون نبكي حولها..
فجأة توقف نفسها و لم يعد!!.

وضعت سمعي على قلبها لعلي أسمع خفقاته..

لقد توقفت دقات قلب أمي.. هذه المرة ..توقفت إلى الأبد..
بعد أن ارتسمت ابتسامة على شفتيها..
نامي أمي .. نامي بسلام.. سلام من الله و رحمته عليك يا أمي..


ما أمرّك يا دنيا.. أهنتيني.. يا هينة!!..
و ما أغدرك يا دنيا.. غدرتي بي.. يا غادرة!!..
و ما أخدعك يا دنيا.. خدعتيني.. يا خادعة !!..
يا خادعة الغافلين أمثالي!!..

..واعتبروا يا أولي الأبصار..

ماتت أمي يوم الخميس 20/01/2012 على الساعة 15و 23 دقيقة
عندما نادى المؤذن الله أكبر.. معلنا دخول وقت صلاة العصر..
أطلب فضلا من كل من قرأ هذه القصة أن يدعوا لأمي بالرحمة لعل
من بينهم من تستجاب دعوته..