عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 59  ]
قديم 2012-01-22, 11:45 PM
حنونة مكه
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية حنونة مكه
رقم العضوية : 122287
تاريخ التسجيل : 2 - 7 - 2010
عدد المشاركات : 3,773

غير متواجد
 
افتراضي
أوﻻ‌ : في قوله –تعالى- :"وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتَِ" (الروم:22).
من أول ما أدرك علماء الفلك من مكونات السماء : مجموعتنا الشمسية وهي تضم باﻹ‌ضافة إلى الشمس أحد عشر كوكبا , وتسعة وثمانين قمراً , وآﻻ‌ف الشهب والنيازك , وكميات من الدخان . وتبلغ المسافة بين الشمس وأقرب كواكبها إليها (هو عطارد) 58 مليون كيلو متراً , بينما يقع أبعد كواكبها وهو كوكب سيدنا (Sedna)على مسافة تقدر بحوالي 13.5 بليون كيلومتراً من الشمس .
وشمسنا هي واحدة من مليون مليون نجم تكون مجرتنا المعروفة باسم " سكة التبانة " أو " درب اللبانة " على هيئة قرص مفلطح يقدر قطره بحوالي مائة ألف سنة ضوئية (950 ألف مليون مليون كم), ويقدر سمكه بعشر ذلك (95 ألف مليون مليون كم) .
وقد تخيل الفلكيون في وقت من اﻷ‌وقات أن مجرتنا هي كل الكون ليفاجأوا باكتشاف ما بين مائتي ألف مليون مجرة وثﻼ‌ثمائة ألف مليون مجرة في الجزء المدرك من الكون , وبعض هذه المجرات أكبر من مجرتنا كثيرا , وبعضها اﻵ‌خر أصغر قليﻼ‌ . وتتربى المجرات في مجموعات تتعاظم في الكبر بالتدريج من المجموعات المحلية إلى الحشود المجرية الصغرى والعظمى والتى تنتظم على هيئة كروية تدرس في شرائح مقطعية بأبعاد في حدود (150×100×15) سنة ضوئية و أكبر هذه الشرائح التى درست يسمى مجازا باسم " الحائط العظيم " الذي يزيد طوله على (250مليون) سنة ضوئية , أي 2375 مليون مليون كم , وقد تم الكشف عن حوالي مائة من الحشود المجرية العظمى التى تكون قرصا يبلغ طول قطره بليوني سنة ضوئية وسمكه عشر ذلك , أى مائتي مليون سنة ضوئية . ويعتقد عدد من الفلكيين المعاصرين أن بالجزء المدرك من الكون تجمعات أكبر من ذلك .


والنجوم تعتبر أفرانا نووية كونية عمﻼ‌قة يخلق الله -تعالى- لنا فيها مختلف صورة المادة والطاقة الﻼ‌زمة لبناء الجزء المدرك من الكون والمحافظة عليه . وباﻹ‌ضافة إلى النجوم وتوابعها هناك السدم , والمادة بين النجوم والمواد الداكنة , والدخان الكوني , وغير ذلك من مختلف صور المادة والطاقة المحسوسة وغير المحسوسة في ظلمة الجزء المدرك من الكون . ويقدر الفلكيون كتلة الجزء المدرك بمائة ضعف كتلة المادة والطاقة المرئية والمحسوسة فيه وإذا علمنا أن النجوم هي زينة السماء الدنيا فقط أدركنا عظمة ما حولها من السماوات الست الباقيات . والنظرية المقبولة لدى معظم علماء المعاصرين عن نشاة الكون هي " نظرية اﻻ‌نفجار العظيم " ونحن معشر المسلمين نؤمن بصدقها لوجود إشارة إليها في كتاب الله الخالق . ومن طبيعة اﻻ‌نفجار أنه يؤدي إلى أن تناثر المادة المنفجرة وبعثرتها , ولكن انفجاراً يؤدي إلى بناء كون شاسع اﻻ‌تساع , دقيق البناء , ومحكم الكتل واﻷ‌حجام والمسافات, منضبط الحركة في الجري والدوران في كل جزئية من جزئياته من اللبنات اﻷ‌ولية للمادة إلى الكون كله ﻻ‌ يمكن إﻻ‌ أن يكون انفجارا مقدراً تقديرا محكما من الخالق العظيم .


ووحدة البناء في الجزء المدرك من الكون تشير إلى وحدانية الخالق البارئ المصور , وإلى تنزهه فوق جميع خلقه وفوق كل وصف ﻻ‌ يليق بجﻼ‌له . من هنا كان اﻻ‌ستدﻻ‌ل بخلق السماوات من أعظم الشواهد على وجود الله -سبحانه وتعالى- , وعلى تفرده باﻷ‌لوهية والربوبية والخالقية والوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه . أما عن اﻷ‌رض فنحن نعيش على كرة من الصخر تقدر كتلتها بحوالي ستة آﻻ‌ف مليون مليون مليون طنا ومساحتها (510) مليون كيلومتراً مربعا تمثل اليابسة منها (148) ، مليون كيلو متراً مربعا واﻷ‌جزاء المغمورة بالماء منها (362) مليون كيلومتراً مربعا , وحجمها مليون1350 كيلو متراً مكعبا , ومتوسط كثافتها 5.5 جم/ سم3 . ولو زادت كتلة اﻷ‌رض قليﻼ‌ لكان وزن الغﻼ‌ف الغازي الذي تجذبه أعلى من تحمل حياة ذكية كحياة اﻹ‌نسان، ولو قلت قليﻼ‌ لما أمكنها جذب غﻼ‌ف غازي بدقة التركيب والكثافة والضغط الﻼ‌زمة للحياة على اﻷ‌رض ويقدر متوسط المسافة بين اﻷ‌رض والشمس بحوالي مائة وخمسين مليون كيلو متراً، ولو كانت أقرب قليﻼ‌ إلى الشمس ﻷ‌حرقت الطاقة المنبعثة منها كل صور الحياة على سطحها ، ولو كانت أبعد قليﻼ‌ لتجمدنا وتجمدت الحياة من حولنا . واﻷ‌رض تدور حول محورها بسرعة تقدر بحوالي 30 كم في الدقيقة لتتم دورتها في يوم مقداره حاليا (24) ساعة تقريبا ، يتقاسمه ليل ونهار، بتفاوت يزيد وينقص حسب الفصول المناخية التى تتبادل بسبب ميل محور دوران اﻷ‌رض على دائرة البروج بزاوية مقدارها (66.5) درجة تقريبا ، ويعزى لذلك أيضا تتابع الدورات الزراعية ، وهبوب الرياح ، وهطول اﻷ‌مطار بأمر الله . ولو لم يكن محور دوران اﻷ‌رض بهذا الميل ما تتابعت الفصول المناخية ، وإذا لم تتتابع ﻻ‌ستحالت الحياة . واﻷ‌رض تجرى حول الشمس في مدار بيضاني (إهليلجي) قليل اﻻ‌ستطالة بسرعة تقدر بحوالى 30 كم في الثانية لتتم دورتها هذه في سنة شمسية مقدارها (365.25) يوما تقريبا ، تتقاسمها فصول أربع هي : الربيع ، والصيف ، والخريف ، والشتاء . واﻷ‌رض كوكب فريد في كل صفة من صفاته ، مما أهله بجدارة لكي يكون مهداً للحياة اﻷ‌رضية بكل مقوماتها وصفاتها . فكل أمر من أمور اﻷ‌رض بدءا من بنيتها الداخلية إلى تضاريس سطحها ، ومن صفات نطقها الصخرية ، والمائية ، والهوائية ، والحيوية ، من مختلف صور المادة والطاقة فيها ، ومن دورات ذلك كله (دورة الصخور ، دورة الماء ، دورات الهواء ، دورات الحياة ، دورات التغذية ، والهدم والبناء ، وغيرها) ، ومن نطق الحماية المختلفة التى حباها الخالق -سبحانه وتعالى- بها , ومن عﻼ‌قاتها بأجرام السماء من حولها , كل ذلك يشهد للخالق البارئ المصور بطﻼ‌قة القدرة , وبديع الصنعة , وإحكام الخلق , لذلك قال ربنا -تبارك وتعالى- : "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتَِ" (الروم:22).


ثانيا قوله –تعالى- :"وَاخْتِﻼ‌فُ أَلْسِنَتِكُمْوَأَلْوَانِكُمْ " (الروم:22).
يخلق الفرد من بني آدم من نطفة أمشاج (مختلطة) نصفها موروث عن اﻷ‌ب وأسﻼ‌فه إلى أبينا آدم –عليه السﻼ‌م– والنصف اﻵ‌خر, موروث عن اﻷ‌م وأسﻼ‌فها إلى أمنا حواء –عليها رضوان الله- , ثم تنمو هذه النطفة المختلطة (إذا شاء الله تعالى لها النماء) لتصبح تريليونات الخﻼ‌يا المتخصصة في أنسجة وأعضاء ونظم متخصصة تتعاون من أجل المحافظة على حياة كل فرد منا ما قدر الله –تعالى- له الحياة . وإذا كان الفرد منا ينحل جسده إلى النطفة اﻷ‌مشاج التي قدر الله –تعالى- له أن يخلق منها , فإن بﻼ‌يين البشر الذين يمﻸ‌ون جنبات اﻷ‌رض اليوم , والبﻼ‌يين التي عاشت من قبل وماتت , والبﻼ‌يين التي سوف تأتي من بعدنا إلى قيام الساعة ينتهي نسبها إلى شيفرتين وراثيتين كانت إحداهما في صلب أبينا آدم واﻷ‌خرى في صلب أمنا حواء , لذلك يتشابه البشر جميعا في التركيب الكيمائي للحمض النووي الريبي منزوع اﻷ‌وكسجين الذي تكتب به الشيفرة الوراثية إلى نسبة 99.9% ويختلفون فقط في نسبة 0.1% . ومن طﻼ‌قة القدرة اﻹ‌لهية أن الله -تعالى- يعطى لكل فرد من بني اﻹ‌نسان بصمة وراثية خاصة به تميزه عن غيره . وكما أعطت طﻼ‌قة القدرة اﻹ‌لهيه المبدعة من فروق ﻻ‌ تتعدى 0.1% في تركيب الحمض النووي الذي تكتب به الشيفرة الوراثية , بصمة وراثية خاصة لكل فرد من بني آدم وقد شاءت إرادة الله الخالق أن يبني من اللغة الواحدة التي تكلم بها أبوانا آدم وحواء –عليهما رضوان الله–التي كانت هي اللغة العربية أكثر من خمسة آﻻ‌ف لغة ولهجة يتحدث بها أهل اﻷ‌رض اليوم وﻻ‌بد لهذا التنوع في ألسنة البشر من عﻼ‌قات وراثية وبيئية وزمنية محددة تعكس جانبا من طﻼ‌قة القدرة اﻹ‌لهية المبدعة في الخلق . أما عن ألوان البشر والتنوع الهائل فيها بين اﻷ‌حمر واﻷ‌بيض واﻷ‌صفر واﻷ‌سود وما بين ذلك ، فإن التنوع فيها يرجع أيضا إلى عدد من الصفات الوراثية والبيئية التى تؤدي إلى اختﻼ‌ف نسبة كل من صبغتى " الميﻼ‌نين " و " الهيموجلوبين " في خﻼ‌يا الجسم بصفة عامة وفي الخﻼ‌يا الجلدية -بصفه خاصة وتأثيرها بين الصبغتين ﻻ‌ يتوقف عند حدود تلوين البشرة والشعر والعينين , بل يتعدى ذلك إلى العديد من الوظائف الحيوية الهامة . ولو كان أهل اﻷ‌رض جميعا يتكلمون بلغة واحدة ولهم لون عينين وبشرة وشعر واحد , وسمات جسدية واحدة لكانت الحياة مملة , سقيمة , غير مرضية , ولذلك يَمُنُّ علينا ربنا -تبارك وتعالى- بقوله العزيز : " وَاخْتِﻼ‌فُ أَلْسِنَتِكُمْوَأَلْوَانِكُمْ " (الروم:22) . ولما كان المرء منا ﻻ‌ دخل له في لون بشرته أو شعره أو عينيه , نهى اﻹ‌سﻼ‌م العظيم عن التمييز بين الناس على أساس من اللغة أو اللهجة أو لون البشرة والشعر وعن أي تعصب على أساس من ذلك , فقد يولد توأم من نفس البطن يتفاوت في كل منهما لون البشرة والشعر.


ثالثا : في قوله –تعالى- :"وَاخْتِﻼ‌فُ أَلْسِنَتِكُمْوَأَلْوَانِكُمْ " (الروم:22).
هذه الحقائق العلمية الدقيقة عن خلق السماوات واﻷ‌رض وعن اختﻼ‌ف اﻷ‌لسنة واللهجات مع اﻷ‌صل الواحد لﻺ‌نسان , لم يكتشف منها شيء ذو بال إﻻ‌ في القرنين الماضيين , وسبق القرآن الكريم باﻻ‌ستشهاد بها دليﻼ‌ً على حقيقة اﻷ‌لوهية والربوبية , والخالقية والوحدانية المطلقة لله الخالق فوق جميع خلقه , واعتبارها من آيات الله الدالة على حقيقته لهي من المعجزات العلمية والعقدية للقرآن الكريم الذي أنزل منذ أكثر من أربعة عشر قرناً على نبي أمي صلوات ربي وسﻼ‌مه عليه , وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من اﻷ‌ميين , ولم يكن ممكنا ﻹ‌نسان عايش تلك الحقبة أن يكون له رأي في مثل هذا المستوى العلمي الرفيع إﻻ‌ أن يكون موصوﻻ‌ً بالوحي , ومعلما من قبل خالق السماوات واﻷ‌رض . ومن هنا تتضح ومضة اﻹ‌عجاز العلمي في قوله –تعالى- : "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِوَاﻷ‌َرْضِوَاخْتِﻼ‌فُ أَلْسِنَتِكُمْوَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ ﻵ‌يَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ" (الروم:22)


توقيع حنونة مكه
(((ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)))
لاتنسوني من دعواتكم فأنا والله بحاجتها...



 

 



Facebook Twitter