
2012-01-11, 8:21 PM
|
الخطبة الثانية
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنْ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعد:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، واقبلوا أوامر الله ورضوا بها ولتطمأن بها نفوسكم، أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) فأتى الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم وجلسوا على الركب وقالوا: يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والحج وقد جاءت آية لا تطاق لنا بها، فقال: "ما هي؟" قالوا: قول الله (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) فإن حُسبنا على خطرات أنفسنا هلكنا قال: أتريدون أن تقولوا سمعنا وعصينا قولوا: سمعنا وأطعنا، فلما اقتراه القوم ورذلة به ألسنتهم أنزل الله عقبها: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ) الآية، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدث بها أنفسها ما لم يتكلموا به أو يعملوا".
أختي المسلمة، اختي المؤمنة، إن الله اختار لك الخير والصلاح، اختار لك عزاً وكرامة في الدنيا والآخرة، فأمرك الله بغض بصرك وحفظ فرجك قال تعالى:(وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)، أمرك الله بالحجاب فقال: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)، وقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)، نهاك نبيك صلى الله عليه وسلم أن تُسافر بلا محرم "فلا يحل لإمر إلا ومعها ذي محرم"، وحرم عليك الخلوة بمن ليس لك محرماً يقول صلى الله عليه وسلم: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" وقال: "إيَّاكم والدخول على النساء" فقال: الحمو، قال: "الحمو الموت"، هكذا حماك نبيك صلى الله عليه وسلم عن الرذال والأخلاق وحفظ كرامتك وعزك.
أيتها المرأة المسلمة، إن الله أراد لك الخير والصلاح جعلك مسلمةً مؤمنةً قانتةً صادقةً صابرةً خاشعةً متصدقةً صائمةً ذاكرة الله كثيرا، وعدك بالثواب العظيم والحافظين فروجهم والحافظات: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)، أطيعِ الله ورسوله يُبارك لك في عمرك وعملك: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ).
أيتها المسلمة، أن الله يريد لك الخير ويريد لك اجتناب الضلال واتباع الشهوات والميل مع الشهوات والشبهات.
أيتها المرأة المسلمة، إن الله أمرك بطاعته وطاعة رسوله، وعدك الخير، والثواب العظيم، وأمرك الإقرار في بيتك وتربية الأولاد وناك عن تبرج الجاهلية الأولى، نهاك عن السفور والتبرج والتعري للرجال وحذرك من هذه المصائب، ونبيك صلى الله عليه وسلم يقول: "اتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت بالنساء".
أيتها المرأة المسلمة، يدعوك إسلامك إلى الاستقامة على دين الله، والمحافظة على القيم والفضائل والمكارم، فهل كذا أولى بك؟ أم طاعة من يريدون تحررك من القيم والفضائل وإبعادك عن كل الأخلاق والمكارم، من يريد الزج بك في كل هاوية لا تحمدين عقباها تحت مضللة الطمع المادي فقط، فتقي الله في نفسك، ولزمِ شرع الله ففيه العزة والكرامة لك في الدنيا والآخرة، احذري طاعة من يريد أن يعرضك لذائب البشر، وضعفاء النفوس، وعباد الشهوات، اتقي الله تقواً يحفظك الله عن الحرام تكوني مسلمة مؤمنة تربين أجيال صالحة يخدم المجتمع بعزٍ وكرامة وتمسك بالقيم والفضائل، فتقي الله في نفسك تقواً تحمين به نفسك عن محارم الله، غضي البصر واحفظي الفرج، وابتعدي عن كل المغريات التي تغري بها البصائر وضعفاء الإيمان.
أسأل الله أن يحفظ الجميع بالإسلام وأنَّ يثبتنا وإيَّاكم على قوله الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إنَّه على كل شيء قدير، واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ.
وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على سيدنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل اللَّهمَّ هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلح ولاة أمرنا، وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللَّهمّ أمده بالصحة والسلامة والعافية، وكُنَّ له عوناً ونصيراً في كل ما همه وجعله بركةً على أمته وعلى مجتمع المسلمين إنَّك على كل شيء قدير، اللهمَّ وفق ولي عهده نايف بن عبد العزيز لكل خير وسدده في أقواله وأعماله، وأعنَّه على مسئوليته إنَّك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
اللَّهمّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك، وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللّهمَّ سقيا رحمة لا سقيا بلاء، ولا هدم، ولا غرق، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرُ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
http://mufti.af.org.sa/sites/default/files/14330212.mp3
خطبة الجمعة 12-02-1433هـ - ثمرات طاعة الله ورسوله
توقيع رؤى عابرة |
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
|
|