عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2007-06-25, 7:59 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
الوقفة الثالثة : عقوبة الزاني والزانية في القبر :

كما أسلفت أن الزنا جريمة بشعة ، وتغيير للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها ، في الزنا إرضاء للشيطان ، وإغضاب للرحمن ، ولهذا رتب على فعل الزنا عقوبة شديدة في القبر ، وذلك بوضع الزُناة والزواني في تنور - فرن - أعلاه ضيق ، وأسفله واسع ..



ومن أراد تشبيهاً له ، فليذهب لفرن الخبز - التميس - ولينظر شكله في الدنيا ، لكن فرن القبور يختلف شدة وحرارة ، فيوضع فيه أهل الزنا ، ويأتيهم اللهب من كل مكان ، يصرخون ويستغيثون ، ولكن هيهات هيهات أن ينقذهم أحد من العالمين ، ويستمر بهم العذاب إلى قيام الساعة ، فإذا قامت القيامة ، فالساعة أدهى وأمر .

عن سَمُرَة بن جنْدب رضيَ الله عنه قال : " كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعني مما يكثرُ أَن يقول لأصحابِهِ : هل رأى أَحدٌ منكم من رُؤيا ؟ قال : فيَقصُّ عليه ما شاء الله أن يَقصَّ ، وإِنه قال لنا ذاتَ غَداةٍ : إِنَّه أتاني الليلةَ آتِيان وإِنهما ابتعثاني وإِنهما قالا لي : انطلِق ، وإِني انطلقتُ معهما ، وإِنا أَتينا على رجل مَضْطجع . . . إلى أن قال : " فانطلقنا فأتَينا على مثل التنُّور " ..

قال : وأَحسِبُ أَنه كان يقول : فإِذا فيه لَغَطٌ وأَصواتٌ ، قال : فاطلعْنا فيه فإذا فيه رجالٌ ونساء عراةٌ ، وإِذا هم يأتيهم لَهَبٌ من أسفلَ منهم ، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضَوْضَوا _صرخوا _ قال : قلتُ لهما : ما هؤلاء ؟ قال : قالا لي : انطلِق انطلق . . . إلى أن قال : " وأما الرجالُ والنساءُ العراةُ الذين في مثلِ بناءِ التنور فهمُ الزُّناة والزواني " [ أخرجه البخاري واللفظ له ، ومسلم ] .

ألا فاعلم أيها المسلم ، وأيتها المسلمة ، أن الوقوع في مثل هذه الجرائم العظام ، كالزنا واللواط والربا وغيرها من الكبائر ، ما هي إلا طريق سهل ميسر ومُعَبَّدٌ إلى نار جهنم والعياذ بالله ، فالنار محفوفة بالشهوات ، فمن وقع في الشهوات وقع في النار ، عَنْ أنسٍ رضي الله عنه قالَ : قالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم : " حُفَّتِ الجنةُ بالمكارِهِ ، وحُفَّتِ النارُ بالشهواتِ " [ متفق عليه واللفظ لمسلم ] .

الوقفة الرابعة : عقوبة الزاني والزانية في الآخرة :

ونأتي إلى نهاية المشوار البشري منذ خليقته وحتى مماته ، ثم بعثه ونشره وحشره ، فالزاني في الدنيا إما أن يُرجم ، وإما أن يجلد ، وفي القبر مصيره تنور فيه نار محرقة تحرق الجلود والأبدان ، وتتأثر منها الأفئدة والقلوب ، وفي نهاية المشوار ، استقرار في نار جهنم إلى أمد يريده الله عز وجل ، لا يعلم مداه إلا هو سبحانه ، فربما استمر مئات السنين أو ملايين السنين ، ومع ذلك ، فالله عز وجل لا ينظر إلى الزناة يوم القيامة ، ولا يلقي لهم بالاً ، ومن لا ينظر الله إليه ، فمن يرحمه ، ومن ينقذه من النار ، وغضب الجبار .

قال تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } [ الفرقان68_79 ] .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم : " ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : شَيْخٌ زَانٍ _ رجل كبير _ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ " [ رواه مسلم ] .

ورواه الطبراني في الأوسط ولفظه : " لاَ يَنْظُرُ اللَّه يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى الشَّيْخِ الزَّانِي ، وَلاَ الْعَجُوزِ الزَّانِيَةِ " .

الوقفة الخامسة : أخذ الحيطة والحذر :

فأخذ الحيطة والحذر هو السبيل بإذن الله تعالى إلى إصلاح المنزل وأهله ، وفي مقابل ذلك الحذر من الشك ، فإن الشك دمار ، لاسيما إذا لم يكن له سبب ، فعلى رب الأسرة أن يسعى جاهداً لتفقد أسرته ، ولا يترك لهم الحبل على الغارب ، تسرح الأم ، ويسرحن البنات ، بلا زاجر ولا رادع .

فمن النساء من تقول لزوجها : أنها ذاهبة لزيارة جارتي ، وبعد ذلك سأسهر مع فلانة ، وإذا تأخرت اخلد أنت للنوم ، وسوف آتي متأخرة ، وربما قالت البنت مثل كلام أمها ، فهذا الأب مسؤول عما يحصل لزوجته وابنته أمام الله تعالى عن هذه الأمانة الملقاة على عاتقه ، أحفظ أم ضيع ؟

وما يدريك أيها الزوج أين تذهب زوجتك ، ومع من تتحدث ، ومن ستقابل ، وكذلك ابنتك ؟

ولا شك أن ذلك غشٌ للرعية التي بين يديه ، وسيعاقب عليها يوم القيامة عقاباً أليماً ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً ، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ ، وَهُوَ غَاشٌّ رَعِيَّتَهُ إلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " ، وفي رواية : " فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " [ رواه البخاري ومسلم ] .

وكم قبضت الهيئات على نساء وبنات وهن في حالة خلوة غير شرعية مع رجال أجانب لا يمتَّون لهن بصلة ، فأين القوامة ؟ وأين الغيرة ؟ وأين الخوف من الله ؟

الوقفة السادسة : التحذير من أقارب الزوج والزوجة :

هناك من الأزواج من يدمر بيته بيديه ، وذلك بإدخال أقاربه أو أقارب زوجته إلى بيته في غيبته ، ولا ريب أن ذلك خطر عظيم ، فهناك من الأزواج من يأتي بأخيه ليدرس عنده ، أو يكمل جامعته ، أو غير ذلك ، ثم يقع ما لم يكن في الحسبان .

ولهذا جاء الشرع القويم ، بالتحذير من مغبة وخطورة هذا الوضع القائم في كثير من بيوت المسلمين اليوم ، بقصد العفة والشرف والثقة ، وإذا بالأمور تنتكس فطرها ، وتتغير أوضاعها ، فيجد الزوج زوجته وهي بين أحضان أخيه والعياذ بالله ، فيقول : معقول ؟ أخي ، وزوجتي ، فنقول له : نعم أخوك وزوجتك ، وما الذي يمنعهما من ارتكاب الفاحشة ، إذا توفرت أسبابها ، وأُغلقت عليهم الدور أبوابها ، وكان الشيطان ثالثهما ..

وقد ضجَّتِ الصحف بخبر ذلك الرجل ، الذي أنجبت زوجته خمسة من الأبناء ، وكان أخوه يسكن معه مدة طويلة من الزمن في بيت واحد ، وفي يوم من الأيام احتاج الزوج أن يذهب إلى المستشفى لإجراء بعض الفحوصات الطبية ..

ويا للمفاجأة ، فعندما هو مع الطبيب يتحدثان إذ دخل عليه أولاده عند الطبيب ، فسأله الطبيب من هؤلاء ؟ قال : أبنائي ، قال الطبيب : لا يمكن ، لأنك عقيم لا تنجب ، وعندما أُخذت عينه من الأطفال والزوج وأخوه ، اتضح أن الأبناء للأخ ، وليسوا للزوج ، وهذه قصة حقيقية وليست خرافية .

فلو أننا تتبعنا زواجر الشريعة ، وحمايتها للأسرة المسلمة ، وعنايتها بها ، وأغلقنا باب الحرام ومداخلة لسلمنا من أمور كثيرة ، ولهذا جاء في الحديث ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَىٰ النِّسَاءِ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : يَا رَسُولَ اللّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : " الْحَمْوُ الْمَوْتُ " [ متفق عليه ] ، أتدرون من الحمو : إنه قريب الزوج ، فالأخ هو الموت هو المصيبة هو الطامة .

وربما قال قائل : أنا أُحسن إلى أخي ، بل أنت تسيء إلى أخيك ، وتعين الشيطان عليه وعلى زوجتك وقريبتك .. نعم أيها الأخوة هناك من الأزواج من بلغت به السذاجة مبلغها ، حتى أدخل على زوجته أخوه ، وابن عمه ، وابن خاله ، وابن عمها ، وابن خالها ، وغيرهم ممن هم في سن المراهقة أو أكثر منها ، فيذهب لعمله أو يخرج من بيته ويترك النار مع البنزين ..

ونسي المسكين أن للشيطان مداخل ، ولهذا جاءت النصوص الشرعية بالتحذير من ذلك ، وسد الباب أمام الفواحش كي لا تقع ، قال تعالى : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [ الأحزاب 53 ] .

وعن بريدة رضي الله عنه قال : قاَل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا " [ أخرجه الطبراني ] .



الوقفة السابعة : التحذير من دواعي الزنا :

للزنا دواع كثيرة ، ومثيرات وفيرة ، فمن أعظم ذلك :

- الخلوة بين الرجال والنساء الأجانب .

- ومن ذلك تعطر المرأة وخروجها من بيتها وهي متعطرة متطيبة .

- ومن ذلك خروج المرأة من بيتها دون محرم ، لاسيما وهي بكامل زينتها .

- ومن ذلك تحدثها مع الرجال الأجانب بتكسر وميوعة وخلاعة .

- ومن ذلك ضحك المرأة في الهاتف مع الرجال الأجانب .

- مشاهدة النساء والرجال عبر التلفاز ، فهذه المشاهد تسبب فتنة كبيرة ، وعواقب وخيمة .

- ومن أعظم ذلك مشاهدة الأفلام الخليعة الفظيعة التي تجلب الشر للناس ، وتحرك مكامن غرائزهم وشهواتهم .

- ومن ذلك خروج المرأة مع السائق لوحدها دون محرم ولو كان لعدة أمتار ، فالشيطان معهما وهو ثالثهما .

- الخلوة بين الرجال والنساء في العمل ، ولقد أثبتت الوقائع والحوادث خطورة الوضع القائم اليوم في المستشفيات وغيرها .

وختاماً :

يا أيها الزاني ! أقلع عن الذنوب ، فلعل الله عليك يتوب ، أما تستحي حين زنيت بأمته ، أما خفت حين انتهاكك لحرمته ؟ أظننت أنك لا توقف بين يديه ؟ أم زعمت أنك لا تعرض عليه ؟ كلا ، فإنك مسؤول عن ذلك ، ومطلع على تلك المهالك .

أسأل الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت في هذا الموضوع الحساس ، لتذكير من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، لينتبه لنفسه ، ويأطرها على الحق أطراً ، ويحذرها من عاقبة فعل الزنا .



ونسأل الله الثبات على دينه ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله ، والحمد لله رب العالمين .



كتبه / يحيى بن موسى الزهراني