ثبوت العين بالأدلة الشرعية :
كما أسلفنا أن العين حق ، وأنها تؤثر في المعيون فتمرضه ، وربما قتلته ، والأدلة على ثبوت الإصابة بالعين كثيرة من القرآن الكريم ، والسنة الصحيحة من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ومنها :
أ- من القرآن الكريم :
1- قال تعالى : { وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } [ يوسف67 ] .
ذكر الكثير من المفسرين أن المراد من الآية خوف يعقوب عليه السلام على أبنائه من الإصابة بالعين ، ولذلك أمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة وليس من باب واحد .
2- وقال تعالى : { وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ } [ القلم51 ] .
في هذه الآية دليل على وجود العين وإصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل [ فتح الحق المبين 193 ] .
3- وقال تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ 1 مِن شَرِّ مَا خَلَقَ 2 وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ 3 وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ 4 وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ 5} [ الفلق ] .
والشاهد من السورة قوله تعالى : { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } [ الفلق5 ] .
ب- من السنة الصحيحة :
1- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العين حق ، ونهى عن الوشم " [ رواه البخاري ] .
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ، فلو كان شيء سابق القدر سبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا " [ رواه مسلم ] .
3- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان ، وعين الإنسان ، حتى نزلت المعوذتان ، فلما نزلت أخذ بهما وترك ما سواهما " [ رواه الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني ] .
4- وعن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " استعيذوا بالله من العين فإن العين حق " [ أخرجه ابن ماجة وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 938 ] .
5- وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العين لتولع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه " [ أخرجه أحمد وأبو يعلى وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ج2/ص550 ] .
ومعنى الحديث : أن العين تلازم المعيون فتؤثر فيه حتى يصعد مكاناً مرتفعاً ثم يسقط من أعلاه ، فنسأل الله العظيم أن يقينا شر العين والحسد .
6- وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين " [ أخرجه البزار وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم 1217 ] .
7- وعنه رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت عميس رضي الله عنها : " ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة ( نحيفة ) تصيبهم الحاجة ؟ " قالت : لا ، ولكن العين تسرع إليهم ، قال : " أرقيهم " ، قالت : فعرضت عليه فقال : " أرقيهم " [ أخرجه مسلم ] .
والأدلة في ذلك كثيرة وفيرة ويكفي ما ذكرت للفائدة ، ومعرفة أن العين حق ، وأنها تصيب ، وتؤثر في بدن المعيون .
التحرز والتوكل :
التحرز من العين مقدماً لا بأس به ولا ينافي التوكل ، بل هو التوكل لأن التوكل الاعتماد على الله سبحانه ، مع فعل الأسباب التي أباحها أو أمر بها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول : " أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامَّة " ويقول " هكذا كان إبراهيم يُعَوِّذُ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام " [ رواه البخاري ] [ فتاوى إسلامية ] .
عن أبي خزامة عن أبيه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ! أرأيت رقى نسترقيها ، ودواء نتداوى به ، وتقاة نتقيها ، هل ترد من قدر الله شيئاً ؟ قال : " هي من قدر الله " [ أخرجه ابن ماجة والترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح ] .
الإصابة بالعين :
ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإصابة بالعين أمر واقع ومحسوس ، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين " .
وأخرج مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن ابن عباس رضى الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا " .
وأخرج الإمام أحمد والترمذي وقال : حسن صحيح ، عن أسماء بنت عميس أنها قالت : يا رسول الله إن ولد جعفر تسرع إليهم العين ، أفأسترقي لهم ، فقال : " نعم ، فإنه لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين " .
وروى أبو داود بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغسل منه المعين " [ السلسلة الصحيحة ج6 ، ص61 ] .