عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2007-05-30, 12:29 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
ث‌. معالجة اللقوة بالكي :

اللقوة هي شلل العصب الوجهي Paralysie Faciale والبرد هو السبب الغالبة في إحداثها، فتنسب إليه حينئذ، وتعرف باللقوة الرثوية أو البردية.

وكان يعلل تأثير البرد بالتهاب العصب أو احتقانه وتورمه وانضغاطه في القناة العظيمة التي يخترقها، أعني قناة فاللوب حتى خروجه منها من الثقبة الإبرية الخشائية. وفي السنين الأخيرة علل حدوث اللقوة البردية، بتشنج الأوعية الدموية المغذية للعصب، ولذا أضحت الأدوية الموسعة للأوعية .

وأعتقد أن اللقوة التي استفادت من الكي في العصور الغابرة هي اللقوة الشائعة بالكي أي اللقوة البردية . وهاكم حادثتان وقعتا في عهد الرسول العربي وعولجتا بالكي، ونقلهما لنا التاريخ باختصار.

أخرج الإمام مالك في موطئه عن نافع مولى ابن عمر رحمه الله : " أن ابن عمر أكتوى من اللقوة ورقي من العقرب"[32].

وعن أبي الزبير المكي قال : رأيت عبد الله بن عمر بن الخطاب وقد أكتوى في وجهه من اللقوة[33].

وروى ابن سعد في طبقاته باستناد صحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن أبا طلحة أكتوى وكوى أنساً من اللقوة[34].

وبما أن الزميل الدكتور سلمان قطاية المتخصص بأمراض الأذن والأنف والحنجرة، له اهتمام خاص باللقوة وبالعمل الجراحي المناسب إذا اقتضى الأمر، وله اهتمام بتاريخ الطب العربي، فقد أخبرته عن الحادثة الأولى وسألته :

هل رأيت في مطالعاتك في الطب العربي ما يشير إلى مداواة اللقوة بالكي فأجاب: نعم في القانون لابن سينا، ولى تعليق على ذلك في مقالة نشرته، ثم أطلعني عليه . ثم نشر الزميل ذلك المقالة بعنوان: " أمراض الأذن والأنف والحجنرة عند ابن سينا"[35].

فعلل الزميل أولاً فائدة محمرات الجلد التي وصفها ابن سينا في معالجة اللقوة، بأن سبب اللقوة هو تشنج الأوعية المروية للعصب فيسبب ذلك التشنج فقر دم موضعي ووذمة ، والعلاج هو الأدوية الموسعة للأوعية والأدوية المحمرة في اجتهادي ليست سوى ضرب من ضروب الأدوية الموسعة للأوعية أ هـ .

ثم علل الزميل فائدة الكي في معالجة اللقوة، كم وصفها ابن سينا، فقال : هذا ويشير (أي ابن سينا) إلى ضرورة " كي العرق الذي خلف الأذن " تلك المنطقة التي يخرج منها العصب الوجهي من الثقب الإبري الخشائي، وربما كان للكي تأثير موسع للأدوعية عن طريق المنعكسات. ومن يستغرب ذلك بعد أن برهن العلماء الصينيون عن فائدة الوخز بالإبر المسخنة أ هـ .
أوافق الدكتور قطاية على تعليله هذا، وأضيف تعليلاً آخر وهو إمكانية انطلاق مواد تتولد في الأنسجة المحترقة وما جاورها نتيجة للكي، لها فعل موسع وعائي أيضاً .

ويحتاج إثبات ذلك أو نفيه إلى دراسات عليا، وتجارب من قبل المتخصصين في مراكز الأبحاث العلمية .

ثم إني استعرت الزميل الكريم كتاب ( التصريف لمن عجز عن التأليف) فوجدت أن الزهراوي يشير في اللقوة بإجراء الكي في ثلاث نقاط، توافق غصون شعب العصب الوجهي المعصبة لعضلات القحف والعضلة المدارية الجفنية ولعضلات الشفتين . وإليكم نص عبارته :

قال رحمه الله تعالى : اللقوة التي تعالج بالكي إنما تكون من النوع الذي يحدث من البلغم [36] على ما ذكرت في تقاسيم الأمراض، ويجتنب كي النوع الذي يحدث من جفوف وتشنج العصب. متى عالجت هذا النوع من اللقوة بالارياجات والسعوطات والغراغر فلم ينجع علاجك، فينبغي أن تكوي العليل ثلاث كيات : واحدة عند أصل الأذن، والثانية أسفل قليلاً من صدغه، والثالثة عند مجتمع الشفتين. واجعل كيّك من ضد الجهة المريضة،لأن الاسترخاء إنما يحدث في الجهة التي تظهر صحيحة. وصورة الكي أن تكويه كية بإزاء طرف الأذن الأعلى تحت قرن الرأس قليلاً، وأخرى في الصدغ ويكون طولها على قدر الإبهام، تنزل بالكي يدك حتى تحرق قدر نصف ثخن الجلد، وهذه صورة المكواة وهي نوع من السكينة التي تقدمت صورتها إلا أنها ألطف قليلاً كما ترى .

ورسم جراحنا العربي المكواة ثم قال : وينبغي أن يكون السكين فيه فضل غلظ قليلاً، ثم تعالج الموضع بما تقدم ذكره حتى يبرأ إن شاء الله تعالى أ هـ .

ولقد ذكر سابقاً في بحث كي الشقيقة أن تشرّب قطنة من ماء الملح وتوضع على الكية وتترك ثلاثة أيام، ثم تحمل القطنة بالسمن ثم تعالج بالمراهم إلى أين بيرأ .