عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2007-05-19, 10:38 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي
لا ضرر ولا ضرار:

هذه العبارة الجامعة الفذة حديث شريف رواه الدار قطني عن أبي سعيد الخدرى ، وقال عنه الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وهي مؤكدة بصيغ أخرى كقولة صلى الله عليه وسلم: " ملعون من ضار مؤمناً أو مكر به " ( رواه الترمذي عن أبي بكر وقال حديث غريب ) ، وقولة : " من ضار أضر الله به "( رواه ابن ماجة وأبو داود عن أبي صرامة ) ، أو قوله:" من، ضار مؤمناً ضار الله به "( رواه الترمذي عن أبي صرامة وقال حديث حسن غريب ) .

ولعل أجمل ما ورد في تعريف الضرر والضرار، ما ذكره السيد رشيد رضا رحمة الله في تفسير سورة المائدة: " أي: رفع الضرر الفردي والمشترك " ومنه أخذت قاعدة دفع المفاسد وحفظ المصالح مع مراعاة ما علم من نصوص الشارع ومقاصده.

وقد جاء تحريم الضرر في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى سورة الأعراف (33) " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ " وقوله في سورة الأنعام (120)" وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَه "ُ مع قوله سبحانه في سورة البقرة (219 ) عن الخمر والميسر: " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا " فجعل الإثم نقيض النفع فهو الضرر إذن، وهو- كما نرى- محرم بنص القرآن، لا يحل للمسلم أن يضر بنفسه أو يضار بغيره. وذلك في كتاب الله كثير .

فلننظر الآن كيف يتجلى هذا المبدأ في شؤون الصحة :

ا- الإضرار بالنفس :

وهذا محرم لقوله عز وجل: " وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ "( النساء: 29) وقوله سبحانه: " وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة "( البقرة : 195 ) وقوله (صلى الله عليه وسلم ) " لا ضرر".فلا يجوز للمسلم أن يعرض نفسه لخطر المرض أو الإصابات بأي شكل من الأشكال لقوله-(صلى الله عليه وسلم ): " لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه "قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: "يتعرض من البلاء لما. لا يطيقه " (رواه ابن ماجة وأحمد عن حذيفة، والترمذي وقال: حديث حسن غريب). ويكون تعرض المرء للأمراض، والإصابات بتعرضه لأسبابها، أو تهاونه في عدم اتقائها، أو تهاونه في حفظ صحته عليه. وقد وجه الإسلام إلى السبيل القويم في ذلك كله، فأوجب على المسلم:. أن يحرص على ما ينفعه من سبل الحياة الصحية كالتغذية بالغذاء الحسن والاعتدال فيه وفي المشرب، واتخاذ بعض الرياضات التي تحفظ عليه سلامة أعضائه وما إلى ذلك؛ وأن يقدم لجسده كله ولكل عضو من أعضائه حقه من الرعاية والإراحة والعناية، لقوله صلى الله عليه وسلم" احرص على، ما ينفعك " ( رواه مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة)، ولحديث: " وخذ من صحتك لمرضك "( عزاه البخاري لابن عمر )، ولقوله (صلى الله عليه وسلم ) : " ما أطعمت نفسك لك صدقة " ( رواه البخاري في الأدب المفرد عن المقدام بن معد يكرب) وقوله: " إن لنفسك عليك حقاً "(رواه البخاري عن وهب بن عبد الله)، وقوله: " إن لجسدك عليك حقاً .. وإن لعينيك عليك حقاً… "( متفق عليه عن عبد الله بن عمرو ) . . أن يتخذ كل أسباب الوقاية من الأمراض لأن التوقي يكفل الوقاية. فقد قال (صلى الله عليه وسلم ) : " ومن يتوق الشر يوقه " ( أخرجه الخطيب في تاريخه عن أبي هريرة). ويدخل في ذلك البعد عن مصادر المرض كاجتناب مقارفة الزنى واللواط وسائر الفواحش لقوله تعالى: " وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً "( سورة الإسراء : 32 )، وقوله "وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ "( الأنعام: 151) وقوله سبحانه: " وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ *إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ " (الأعراف : 80 ـ 81 )، وقوله النبي (صلى الله عليه وسلم )" إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط "( رواه ابن ماجة والبيهقي عن جابر ابن عبد الله ). كما يدخل في الوقاية البعد عن مصادر الإثم، لقوله سبحانه:" وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ "( الأنعام: 120 ) والإثم- كما يقول السيد رشيد رضا رحمه الله في تفسيره- " كل ما فيه ضرر في النفس أو المال أو غيرهما، وأشدها المضار والمفاسد الاجتماعية ". ومن الإثم المسكرات والمخدرات وكل ما يخامر العقل ؛ " وقد قال ربنا سبحانه:" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ " ( البقرة: 219)، وقال جل جلاله: " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ " ( المائدة: 90) والاجتناب أعلى درجات التحريم. وقد " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر "( رواه أحمد وأبو داو ود عن أم سلمة )، وقال (صلى الله عليه وسلم ) :" ألا إن كل مسكر حرام، وكل مخدر حرام، وما أسكر كثيرة حرم قليلة ، وما خمر العقل فهو حرام " ( رواه أبو نعيم عن أنس بن حذيفة ). ويدخل في التوقي كذلك عدم التعرض للمصابين بالأمراض المعدية. كما يدخل في ذلك التطعيم لتوقى كثير من الأمراض المعدية.

. أن يتخذ كل أسباب الوقاية من الإصابات. والأصل في ذلك ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) " إذا غرستم ( أي نزلتم للنوم بالليل) فاجتنبوا الطريق، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل "( رواه مسلم عن أبي هريرة)، وقوله(صلى الله عليه وسلم ): "إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ريما ما خلفه عليه " ( متفق عليه عن أبي هريرة)، وقوله صلى الله عليه وسلم : "أطفئوا المصابيح إذا رقدتم، وغلقوا الأبواب، وأوكوا( أي اربطوا أفواه) الأسقية، وخمروا ( أي غطوا) الطعام والشراب "( رواه البخاري عن جابر)، وقوله: " إن هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم " ( متفق عليه عن أبي موسى). وقوله: " من بات على ظهر بيت ليس له حجار( أي جدار)فقد برئت منه الذمة " ( رواه أبو داو ود عن علي ابن شيبان ). وقد "نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) عن الوحدة: أن يبيت الرجل وحدة أو يسافر وحده "( رواه الإمام أحمد عن ابن عمر، وسنده صحيح على شرط البخاري) .

. أن يتداوى إذا أصيب بالمرض لقوله (صلى الله عليه وسلم ) : " تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء "( رواه البخاري في الأدب المفرد عن أسامة بن شريك، ) .