عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2007-05-19, 10:36 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي
ويتمثل حرص الإسلام في المحافظة على نقاء الماء في قوله (صلى الله عليه وسلم ) :." إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده " (رواه مسلم).

وجاء أيضا في الإرشادات النبوية، التحذير من ترك أواني الطعام والشراب مكشوفة، كحديث عائشة: " كنت أصنع لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ثلاثة آنية من الليل مخمرة( أي مغطاة ) : إناء لطهوره ، وإناء لسواكه، وإناء لشرابه "وحديث جابر " أمرنا النبي (صلى الله عليه وسلم ) أن نوكيء ( نربط فوهة ) أسقيتنا ونغطي آنيتنا " (رواه ابن ماجة).وفي ذلك حفظ للطعام والشراب من سقوط الحشرات المؤذية التي تنقل جراثيم المرض، وهذا من أهم سبل الوقاية والتحفظ من الأمراض وأسبابها.

وهذا النهي عن تلويث الموارد والطرق جزء من توجيهات الإسلام للحفاظ على صحة البيئة. ويقابل ذلك أمر إيجابي بتنظيفها. فقد قال (صلى الله عليه وسلم ) " إماطة ( أي إزالة) الأذى عن الطريق صدقة " (رواه أبو داود عن أبي ذر )،و قال: " عرضت على أعمال أمتي: حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها : الأذى يماط عن الطريق.. " ( رواه مسلم وابن ماجة عن أبي ذر )وقال: " الإيمان بضع وسبعون شعبة.... وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " ( رواه مسلم عن أبي هريرة) .

ولقد حذر الله سبحانه في مواضع متعددة من كتابه الكريم من الفساد في الأرض.. والفساد البيئي جزء من هذا الفساد في الأرض بل هو أول ما يتبادر إلى الذهن في هذا المقام. فقد قال عز من قائل: " كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ " ( ( البقرة: 60)وقال جل شأنه:" ولا تفسدوا في الأرض "(الأعراف: ه 8) وقال سبحانه: وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" ( القصص: 77). وقد نهى كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أقوامهم عن الفساد في الأرض .

بل قد خص الله بالذكر ذلك النوع من الفساد الذي يستأصل النبات والحيوان فقال: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ " البقرة: 205 ).

قال الإمام ابن حزم في المحلى محتجاً بهذه الآية: " فمنع الحيوان ما لا معاش له إلا به من علف أو رعي، وترك سقي شجر الثمر والزرع حتى يهلكا، هو بنص كلام الله تعالى فساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل، والله تعالى لا يحب هذا العمل ".

وقد حرص النبي (صلى الله عليه وسلم ) على تشجيع الزراعة بما يزيد الثروة النباتية ويضيف إلى البيئة الصالحة فقالت:" لا يغرس المسلم غرساً ولا يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة "( رواه مسلم عن جابر)، وقال: " من أحيا أرضاً ميتة فهي له " ( رواه الترمذى عن جابر وقال حديث حسن صحيح ). ونهى في مقابل ذلك نهياً شديداً عن قطع الشجر فقال: " من قطع سدرة ( يعني دون مبرر ) صوب الله رأسه في النار ! " ( رواه أبو داود عن عبد الله بن حبشي ).

وكان النبي (صلى الله عليه وسلم ) أول من أنشأ محميات بيئية لا يجوز قطع شجرها ولا قتل حيوانها. فقد " حمى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) كل ناحية من المدينة بريداً بريداً (والبريد اثنا عشر ميلاً ): لا يخبط ( ينزع) شجره، ولا يعضد ( يقطع )،إلا ما يساق به الجمل "(رواه أبو داود عن عدي، بن زيد ). وكان النبي (صلى الله عليه وسلم ) " ينهي، أن يقطع من شجرة المدينة شيء " ( رواه أبو داود عن سعد بن أبي وقاص )، وقال عن المدينة " لا ينفر صيدها.. ولا يصلح أن يقطع منها شجرة، إلا أن يعلف الرجل بعيره "(رواه أبو داود عن علي)؛ وقال (صلى الله عليه وسلم ) : " إني أحرم ما بين لا بتى المدينة: أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها "( رواه الإمام أحمد عن سعد بن أبي وقاص) " ؛ وقال عن واد بالطائف : " إن صيده و عضاهه حرام "( رواه الإمام أحمد وأبو داو ود عن الزبير ) . ولا يخفى ما للتشجير والخضرة من آثار هامة لحفظ التوازن البيئى وتوفير المناخ الملائم للحياة حيث تقوم النباتات بعملية التمثيل الضوئى فتوفر الأكسيجين اللازم لتنفس الإنسان والحيوان وتخلص البيئة من ثانى أكسيد الكربون فتأمل الإعجاز فى ذلك!

الاهتمام باستزراع النباتات وحمايتها لم يكن وليد العصر ، ولا من محدثات الزمن ، بل دعا اليه الإسلام منذ أربعة عشر قرناً فقد كان الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم يرغب أصحابه ويدعوهم إلى استزراع النباتات وحمايتها والمحافظة عليها من أحاديث الرسول في هذا المجال " ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طيرا أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة ( رواه مسلم والبخاري والترمذي ) " من أحيا أرضاً وعرة من المصر أو ميته من المصر فهي له ( رواه أحمد فى سنده ) ( ما من إمريء يحيي أرضاً فيشرب منه كبد حراء وتصيب منها عافية إلا كتب الله به أحراً ) ( رواه الطبراني في المعجم الأوسط والكبير ) ( أشهد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قضى أن الأرض أرض الله والعباد عباد الله فمن أحيا موتها فهو أحق به )( رواه أبو داود في سننه والترمذي في سننه ومالك في الموطأ )( إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها )( رواه مسلم ) صدق رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي.

وكانت الأوامر تصدر صريحة إلى قواد المسلمين تنهاهم عن قطع الأشجار أو تدميرها وضرورة المحافظة عليها كما أعطي الإسلام لولي الأمر الحق فى إقامة الحمي " المحميات الحيوية ) إذا كان ذلك فى صالح المسلمين ، وقد ادرك العالم الغربي فى السبعينات من القرن العشرين أهمية المحمية الحيوية فى حماية البيئة الحيوية ، وهي الدعوة التى تبناها الإسلام منذ اربعة عشر قرنا ً . هذه الاحاديث النبوية الشريفة دعوة صريحة تربي فينا السلوكيات البيئية الإيجابية نحو التخضير ونشر الخضرة فى كل مكان. مما يجدر ذكره أن حسن استخدام الطريق ومنع الأذي والضرر عنه قد كفله الإسلام وشدد عليه ورغب فيه انطلاقاً من أحاديث الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم " إماطة الأذي عن الطريق صدقة "( متفق عليه )من أذي المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم )( رواه الطبراني بإسناد حسن )( الإيمان بضع وستون أو سبعون شعبه أدناها إماطة الأذى عن الطريق ) ( متفق عليه ) (من أماط أذي عن طريق المسلمين كتبت له حسنة ) ( رواه البخاري والطبراني )( إن المؤمن ليؤجر فى إماطة الأذى عن الطريق)( رواه الترمذي ) من هذه الأحاديث النبوية الشريفة يتضح لنا أن إماطة الأذى بكل أشكاله المادية والمعنوية عن الطريق عبادة وفرض عين على كل مسلم فالأذى هنا يشمل كل ما يضر بالطريق ويشوه جماله ونظافته أو يتسبب في وقوع حوادث الطرق أو الإرباك المروري أو غيرها من الأضرار التى تلحق بالطريق ومستخدميه فمثلاً إلقاء الزجاجات الفارغة والمخلفات من أوراق وغيرها في الطريق يعتبر نوعاً من الأذى إشغال أرصفه الطرقات ، وهي المخصصة للمشاة بما يحول دون استخدامها فيه أذي وضرر لأن هذا الأمر قد يجبر المشاة أن يسيروا في عرض الطريق مما يعرضهم للحوادث كما أن عدم الالتزام بتعاليم وقواعد المرور مما يتسبب في وقوع حوادث مرورية يتأثر بها أناس أبرياء يعتبر أذى فالسائق الذي يسير بسرعة جنونية غير عابئاً بما تحدثه هذه السرعة من وقوع حوادث ، كثيرا ما تكون مميته ، يرتكب مخالفة قانونية وشرعية في حق نفسه وحق الآخرين فالسرعة الجنونية دعوة للتهلكة والله ينهانا عن إلقاء أنفسنا فى التهلكة يقول الحق تبارك وتعالى : " وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة " ( البقرة : 195 )كما أن هذه السرعة الجنونية فيها إسراف شديد على النفس حيث يسيء استخدام نفسه والسيارة التى يمتلكها معاً ويقتضي واجب الملكية فى الإسلام كما سبق أن بينا حسن استخدامها وصيانتها وصلاحها كما يدعونا الإسلام إلى الاعتدال فى السرعة يقول الحق تبارك وتعالى : " وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ" لقمان: 19 )

فالاعتدال فى السرعة هو حد الإسلام ، حد الاتزان وهو الحد الذي ستؤجر عليه لأنك بذلك تميط أذي عن الطريق بسرعتك المعتدلة المعقولة كما أن الاضرار بالطريق والتسبب فى الحوادث يتنافى ولاشك مع القاعدة الفقهية الإسلامية " لا ضرر ولا ضرار" فالطريق ليس ملكاً لك تعبث فيه كيفما تشاء ومن رحمة الله عليك أنك ستؤجر فى إماطة الأذى عن الطريق وتنجو من عقاب الله سبحانه وتعالى الذي توعد به المفسدين والمسرفين فى الأرض فهل نعقل ونتبع طريق النجاة فى الدنيا والآخرة ، وهل نحسن استخدام الطرق وأن نمتنع عن كل شكل من أشكال الأذى بها كما أمرنا الله سبحانه وتعالى . ومن وسائل حفظ الصحة وتعزيزها بالمحافظة على هذه النعمة ، إعطاء كل عضو حقه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم :" وإن لعينيك عليك حقاً "(متفق عليه عن عبد الله بن عمرو )، وعدم تكليف الإنسان نفسه ما لا يطيق لقوله (صلى الله عليه وسلم ): " عليكم ، بما تطيقون " ( متفق عليه عن، عائشة ) . كما أن من وسائل حفظ الصحة وتعزيزها ، كذلك، تقوية الجسم ولاسيما بالرياضات المناسبة، فقد قال (صلى الله عليه وسلم):" المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف "(رواه مسلم عن أبي هريرة ) وقال: " وإن لجسدك عليك حقاً " (رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو ) وقال: " احرص على ما ينفعك "( رواه مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة ) . وأخيراً ففي مقابل كل ما تقدم من سبل حفظ الصحة و. تعزيزها، تحذير شديد من أي تبديل أو تغيير على هذه النعمة لأن الإنسان سيدفع الثمن غالياً. ولا أدل على ذلك من الحديث التالي: “ لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا "رواه ابن ماجة وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن عمر ). وقد حرم الله الفواحش أياً كان نوعها تحريماً قاطعاً فقال جل شأنه:" وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"(الأنعام: 151) وقال سبحانه: " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" ( الأعراف: 33)