الموضوع: رحلة المحبين
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2007-05-13, 6:07 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي

خامساً : الإقبال على تلاوة كتابه :
القرآن كلام الرب جل و علا استشعر المحبون أنه كلام ربهم فترنموا به آناء الليل و أطراف النهار علموا أن فيه هدايتهم و صلاحهم فأقبلوا عليه لينالوا الحظ الأعظم والنصيب الأوفر من الهداية قال تعالى : { {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً }الإسراء9 قال ابن مسعود رضى الله عنه : [ لا يسأل أحدكم عن نفسه إلا القرآن فان كان يحب القرآن فهو يحب الله وان كان يبغض القرآن فهو يبغض الله ] قال ابن جب رحمه الله : [ من أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من النوافل كثرة تلاوة القرآن وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم قال حبان بن الأرت لرجل تقرب إلى الله تعالى ما استطعت واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه ... يعني القرآن لاشيء عند المحبين أحلي من كلام محبوبهم فهو لذة قلوبهم وغاية مطلوبهم قال عثمان رضي الله عنه : لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم ...] جامع العلوم صـ 364 و قال أبو سعيد الخراز : [من أحب الله أحب كلام الله ولم يشبع من تلاوته ].
قال سهل بن عبد الله : [علامة حب الله حب القرآن وعلامة حب القرآن حب النبي صلى الله عليه و سلم وعلامة حب النبي صلى الله عليه و سلم حب السنة وعلامة حب السنة حب الآخرة ... ] و قال مالك بن دينار :[ إن الصديقين إذا قرئ عليهم القرآن طربت قلوبهم إلى الآخرة ] يقول ابن القيم رحمه الله : [ فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر فإنه جامع لجميع منازل السائرين واحوال العاملين ومقامات العارفين وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والانابة والتوكل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الاحوال التي بها حياة القلب وكماله وكذلك يزجر عن جميع الصفات و الأفعال المذمومة والتي بها فساد القلب وهلاكه فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية وهو محتاجا إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو ليلة فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى الى حصول الايمان وذوق حلاوة القرآن ]مفتاح دار السعادةج1 ص187 سادساً : محبة النبي صلى الله عليه وسلم ومتابعة :
أخي الراغب في اللحاق بقافلة المحبين اعلم أن هناك شرطاً عظيماً للحاق بها ألا و هو محبة النبي صلى الله عليه و سلم و متابعته و قال تعالى : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) آل عمران31 قال الحسن قال قوم على عهد النبي انا نحب ربنا فأنزل الله تعالى هذه الآية ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ) وقال الجنيد ادعى قوم محبة الله فأنزل الله آية المحبة قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ] قال ابن القيم رحمه الله : [ فجعل اتباع رسوله مشروطا بمحبتهم لله وشرطاً لمحبة الله لهم ووجود المشروط ممتنع بدون وجود شرطه وتحققه بتحققه فعلم انتفاء المحبة عند انتفاء المتابعة ... ]

سابعاً : قيام الليل :
الراغب في رفقة المحبين يتخذ له من سكون الليل فرصة للقاء بربه و سيده ومولاه يظهر الفقر و الحاجة ما بين قيام و ركوع و سجود و استغفار وقد مدح الله المحبين بقوله : ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (السجدة:16) و قال تعالى : (كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } وقال صلى الله عليه و سلم : ( واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل, وعزه استغناؤه عن الناس)) رواه الحاكم و صححه ووافقه الذهبي و صححه الألباني .
وعن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قربة لكم إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم ) رواه ابن خزيمة و حسنه الألباني رحمه الله .
قال الحسن البصري: [ لم أجد من العبادة شيئاً أشد من الصلاة في جوف الليل, فقيل له: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوها؟ فقال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره. نسأل الله من فضله ].
فاجتهد أخي أن يكون لك نصيب من الليل فإن لم تظفر بآخره و أوقات السحر فجاهد نفسك في تحصيل ذلك و لا تفرط في أوله فصلي من الليل قبل أن تنام و أختم يومك بالوتر و تذكر وصية النبي صلى الله عليه و سلم لأبي هريرة فقد قال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ ) رواه البخاري ثامناً : الدعوة إلى الله :
ركاب قافلة المحبين يصيحون في الناس ليل نهار أن فروا إلى الله أحبوا ربهم فشغلوا بدلالة الناس عليه قال تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33) تلا الحسن البصري هذه الآية فقال : [ هذا حبيب الله هذا ولي الله هذا صفوة الله هذا خيرة الله هذا أحب أهل الأرض إلى الله أجاب الله في دعوته ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته وعمل صالحاً في إجابته وقال إنني من المسلمين هذا خليفة الله ]. تفسير ابن كثير صـ1659ـ قال ابن الجوزي رحمه الله : [ ألست تبغي القرب منه ؟ فاشتغل بدلاله عباده عليه فهي حالات الأنبياء عليهم الصلاة و السلام , أما علمت أنهم آثروا تعليم الخلق على خلوات التعبد لعلمهم أن ذلك آثر عند حبيبهم ] صفقات رابحه صـ171.
فيا راغباً في اللحاق دونك أبواب الخير فهي مشرعة أمامك شارك في الدلالة على الله بنصيحة تسديها أو كلمة توجهها أو خطبة تذكر بها أو شريط توزعه أو كتيب تهديه أو يتيم تكفله أو محتاج تعينه ... إلى غير ذلك من أبواب الخير فكن مفتاحاً للخير تطيب حياتك في الدنيا و الآخرة تاسعاً : الدعاء :
أخي الراغب في اللحاق بقافلة المحبين ألا أدلك على طريق من أيسر الطرق الموصلة إلى ذلك إنه الدعاء فقد لهج به الرسل و الأنبياء رغم أنهم قادة الركب و ما ذاك إلا ليعّلموا أممهم أن الدعاء هو طريق الظفر بحب الله عز وجل كيف لا و هو الذي يحب من دعاه و يعده بالإجابة قال تعالى : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }غافر60 ولذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم : (أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقرب إلى حبك ) رواه الترمذي و صححه الألباني و إذا أتم العبد الخطوات السابقة انضم بإذن الله إلى ركب المحبين .
و لكن من هم أولئك الركب المبارك ؟
يقول الله تعالى في بيان ركب المحبين: ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) (النساء:69) فما أعظمها من رحلة و ما أجله من ركب ! و تأمل أخي شوق قادة الرحلة و ربانها إليها حتى أنهم من فرط فرهم بها يلهجون إلى الله بالدعاء أن يلحقهم بأهلها و هم قادتها فيا لله العجب !
فهذا سليمان عليه السلام يدعو ربه فيقول : ( وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل:19) وهذا يوسف عليه السلام يبتهل إلى ربه بقوله : ( رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (يوسف:101) وهذا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام يقول : ( رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (الشعراء:83)
أخي الحبيب إني أدعوك إلى الفوز بصحبة هذا الركب المبارك فهيا بارك الله فيك انضم إلى قافلتهم إنها أخي قافلة ربانها محمد بن عبد الله بصحبة أنبياء الله عليهم أفضل الصلاة و أزكى التسليم فهل تبادر باللحاق؟