عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2011-10-30, 8:54 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي خطورة عبور دار الغرور
خطورة عبور دار الغرور

كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ، والموت علامة النهاية لفرصة الحياة التي وهبها الله لعباده فإما أن يأتي العبد مصحوباً بعمل صالح ؛ فتكون بذلك سعادته الأبدية التي لا يشقى بعدها أبداً ، وإما أن يأتيه حال فتنته ، وانغماسه في الشهوات والغفلات ؛ فتكون بذلك الطامة والمهلكة بعينها ؛ إذ لا رجوع إلى الدنيا أبداً ولا نجاة من فتنة القبر أبداً ، ولا فرار من هول يوم المحشر أبداً ، إنما هي فقط المساءلة التي لا يجدي معها الاعتذار ولا ينفع معها الندم على ما كان من الإصرار ، إنها قصــة هذه الحياة التي عقلها قبلنا الصالحون فكانوا لها من المعتبرين ، بينما غفل عن عظتها الغافلون ؛ فكانوا على ذلك من النادمين ، وعن دار النعيم مبعدين ، ومن رحمة الله محرومين ؛ وذلك لأنهم ظنوا دنياهم دار مقر ، لا دار ممر ؛ سوف يعبرون منها إما إلى جنة وإما إلى نار ؛ فلما جهلوا حقيقتها ؛ خلدوا إليها ، واطمئنوا بها ، حتى أذاقتهم من ويلاتها ، فلم تعافهم حتى من غدرها ؛ إلى أن انتهت بهم رحلة الأيام ، وانقضت من آجالهم الأعوام ؛ فوجدوا أنفسهم في مواجهة صريحة مع هول الحساب الذي لم يحسبوا له أي حساب ، وفي عمق فتنة القبور التي أغفلتهم عنها سعة الدور والقصور ، وحيينها أيقنوا أنهم ما عاشوا إلا دار غرور ، كان عليهم أن يتزودا فيها لدار النشور ليكون عبورهم لها خير عبور ؛ وذلك لأن هذه الدنيا خدّاعة لأهلها ببريق زيفها ، حتى إذا ما أجهزت عليهم وأنفدت منهم أنفاسهم ؛ تحشرجت في الحلقوم آمالهم وأحلامهم التي زينتها لهم ، فلا الآمال منها طالوا ، ولا الأحلام فيها حققوا ، ولا إلى الدار التي رحلوا إليها تجهزوا !!
فكانت عليهم الحسرة مضاعفة ؛ بفقدان الدنيا وضياع الآخرة ، وهنا تكمن الخطورة في أن يبقى العبد غافلاً لاهياً ، تستشرفه الدنيا ببريقها ؛ حتى يهون عليه أمر آخرته ؛ فيسوف فيها تمام التسويف ؛ حتى إذا ما اطمأن إليها وركن لها ؛ صرعته يد المنية في لحظة مباغتة ؛ فأفلت منه ما كان حريصاً عليه ، وأقبل عليه ما كان مفرّطاً فيه دون أدنى استعداد منه لمواجهة السؤال عن ذاك الحرص أو هذا التفريط ، فكان الضياع حليفه ، والخوف والهلع زاده ، ووحشة القبر مستقره ، وساحات القيامة معرض فضيحته ، وسؤال الله محكمته التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وآخذته عليها ؛ حتى يؤذن به إلى هلاك لا سبيل للفرار منه أبداً ، وإلى عذاب لا سبيل لوصفه أبداً ومنبت ذلك كله ؛ أنه لم يحترز من الفتن خلال أيام الزهو والغرور ، وإنما تمادى في سبل الغي والشرور ، فكان نصيبه العذاب والثبور ، وهكذا أخفق في عبور دار الغرور ، فشمروا عن ساعد الجد ، كي تحظوا بنعيم الخلد فإنما هي ساعة نقضيها في هذه الدار
ولكن عاقبتها . . . . إما إلى جنة ، وإما إلى نار .

ابو مهند القمري


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟