بسم الله الرحمن الرحيم
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " كَانَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ عِنْدَ السَّكْرَانِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، فَرَأَتْ فِي الْمَنَامِ كَأَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى وَطِئَ عَلَى عُنُقِهَا , فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِذَلِكَ , فَقَالَ : وَأَبِيكَ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لأَمُوتَنَّ وَلَيَتَزَوَّجَنَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَتْ : حِجْرًا وَسِتْرًا ، وَقَالَ هِشَامٌ : الْحِجْرُ , تَنْفِي عَنْ نَفْسِهَا ذَاكَ , ثُمَّ رَأَتْ فِي الْمَنَامِ لَيْلَةً أُخْرَى أَنَّ قَمَرًا انْقَضَّ عَلَيْهَا مِنَ السَّمَاءِ وَهِيَ مُضْطَجِعَةٌ , فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا , فَقَالَ : وَأَبِيكِ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَمْ أَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى أَمُوتَ وَتَتَزَوَّجِينَ مِنْ بَعْدِي , فَاشْتَكَى السَّكْرَانُ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ , فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ , وَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! " .
الطبقات الكبرى لابن سعد - طَبَقَاتُ الْكُوفِيِّينَ - ذِكْرُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ (رقم الحديث: 9712)
اجتهاد بسيط في ربط التعبير برموز الرؤيا
ان أصبت فمن الله و ان أخطأت فمن نفسي والشيطان
" رَأَتْ فِي الْمَنَامِ كَأَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى وَطِئَ عَلَى عُنُقِهَا , فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِذَلِكَ , فَقَالَ : وَأَبِيكَ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لأَمُوتَنَّ وَلَيَتَزَوَّجَنَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
-(أَقْبَلَ يَمْشِي): المشي المسير في الحياة, او يدل على وصولها حيث كان النبي لكونها و زوجها ممن هاجروا الى الحبشة ثم عادوا, وقد يكون الاقبال طلبها بعد وفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها.
-(حَتَّى وَطِئَ ): قد يشتق من اللفظ ماتوصل الى أصل معنى التأويل.
-(عَلَى عُنُقِهَا ): العنق موضع المكانة أو الشرف وهو زواجها من سيد الخلق. كما يدل قولها على الذمة.
- (لَئِنْ صَدَقَتْ : رُؤْيَاكِ لأَمُوتَنَّ وَلَيَتَزَوَّجَنَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فذكر معنى الزواج و ممن يكون.
" ثُمَّ رَأَتْ فِي الْمَنَامِ لَيْلَةً أُخْرَى أَنَّ قَمَرًا انْقَضَّ عَلَيْهَا مِنَ السَّمَاءِ وَهِيَ مُضْطَجِعَةٌ , فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا , فَقَالَ : وَأَبِيكِ لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَمْ أَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى أَمُوتَ وَتَتَزَوَّجِينَ مِنْ بَعْدِي "
-( قَمَرًا ) من دلالاته شخص رفيع المكانة, او سيد القوم او كبيرهم , لارتفاع مكانه في السماء.
و يدل على الهداية و النفع لنوره في الظلمات. او كما شبه نبينا الكريم في حقيقته في بعض ما أثر بالقمر.
-(انْقَضَّ عَلَيْهَا مِنَ السَّمَاءِ وَهِيَ مُضْطَجِعَةٌ)
إما أن يكون قد عبر بوقوع الاختيار عليها والزواج.
او أن ما رأته من حال القمر عبر بزوجها و موته, حيث لم يحدد في الرواية من يتزوجها مثلما روي في تعبيره للأولى. والأرجح في ظني الاحتمال الاول لتحديد الرواية موضع انقضاضه.
- كما ان صح ظني والله اعلم تمييزه للوقت في التأويلين كان في وصفها (يمشي) في الرؤيا الأولى, ثم (انقض) في الرؤيا الثانية.
سببا لقوله في الأخيرة (لَمْ أَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى أَمُوتَ) وهو قرب وقوع ظنه, أي للفرق بين طبيعة الفعلين في السرعة أوالزمن .
والله تعالى أعلم بالصواب
و فوق كل ذي علم عليم.