عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 28  ]
قديم 2011-09-24, 11:08 AM
الوديعه
عضو جديد
رقم العضوية : 155795
تاريخ التسجيل : 17 - 9 - 2011
عدد المشاركات : 76

غير متواجد
 
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم

النهايـــــــــه


أمر معبد بإخراج جثة حنظلة وتغطيتها لحين دفنها00
ورجع هو وأخوه إلى حيث تركوا غياث ووجدوه قد أخرج من القصر إلى الدكة التي قبالته وقد فرش له وأسند00كان يضع يده على خاصرته00 وكانت ثيابه الرخيصة وأكمامه مصبوغة بحمرة زاهية0

جلس معبد عند رأسه00 ووقف الآخرون قريباً منه00وقالت عطر في صوت مبحوح:
-لقد بقر الرجل بطنه00لكنه مازل حياً0وأحضر بعض الخدم لفافة وإناء ، فأخذها معبد ورفع يده برفق وجعل يمسح خاصرته بالماء وينظف موضع الجرح00كان الشق واسعاً غائراً00مخيباً للآمال!

فقام بتضميده وربطه ثم سأل عطر:
-هل طلب شيئاً؟

فقالت:
-لا0

وانحنى معبد عليه بشفقة وقبلَّه وهو يظن أنه نائم00

لكن غياث حرك شفتيه الجافتين وقال بخفوت:
-إنك كريم00إذ تقبل لصاً سرق مالك واستمتع به!

وهمس معبد له:
-لاتتحرك00ولا تتكلم فتزداد آلامك!

-إن الألم لايهمني00فلم أعد أحفل بالحياة0

-لا تقل مثل هذا00!

-أظنني سأرحل00وحسبي أن أموت وقد تبت وطهرت يدي من الحرام0

-ستعيش بإذن الله0

-لا تأمل كثيراً00فأنا أحسب أني سأجد راحتي بعد قليل00فاجعلني في حل00

-أنت في حل0

-حسناً00أريدك أن تذهب إلى قريتي الممرة وتبحث عن والدي وتطلب لي الصفح منهما وتخبرهما قصتي0

-سأفعل00وماذا أيضاً؟

-لا شيء0وصمت معبد ولم يتكلم أحدٌ لفترة وقطع الصمت غياث وهويستقيم من رقدته ويقول في عزم:
-هات ثيابي وأحضر لي فرساً00سأستعيرها منك ثم أردها لك إذا وصلت0

فسأل معبد مستغرباً:
-وأين ستذهب؟!!

-سأذهب إلى الثغور00

-وأنت في هذه الحالة؟!!

-نعم00 ستربطني إلى الخيل بحبل ولن أسرع00وسأصل بإذن الله0

-هل جننت؟!لن أفعل ذلك أبداً!!

-بل ستفعل00وإلا ذهبت على قدمي!

وتحرك مؤكداً عزمه على الرحيل مما اضطر معبداً إلى تهدئته و أرسل في طلب فرسه السابقة00ولما رآها غياث تناول صرة ثيابه وقال:
-هيا احملوني عليها0

فقال معبد محاولاً ثنيه:
-انتظر حتى تشفى ثم00 اذهب00

فقال غياث بيأس:
-يكفيني أنني شفيت من الحياة!

وصمت قليلاً ثم قال وقد تدحرجت على خده دمعة كبيرة0
-أحب أن يراني الله وأنا أسعى مقبلاً عليه لعلًّه أن يرحمني ويمحوعني مافعلت0

-إذاً سأرحل معك حتى تصل؟

-لا00لتبقى للعناية بأرضك وأسرتك00أما أنا فقد عشت غريبا ً، وأريد أن أرحل غريباً00وأموت غريباً00لعل الله أن يرحم غربتي!


وأراد الوقوف فعجز فتقدم منه سريع ومعبد وحملوه إلى الفرس نزولاً عند إرادته فانكفأ على ظهرها00وربطوه بحبل إليها00وأمر معبد أحد عبيده أن يقود الفرس إلى ظاهر البستان00وتهادت الفرس ببطء إشفاقاً على صاحبها السابق 00لكن لم تمضِ غيرمسافة قليلة حتى ارتخت يداه ومالت عنقه ثم سقط إلى الأرض0

أرادت عطر أن تقول شيئاً فخنقتها العبرة00وتهالك سريع على الأرض حزناً على سيده00وسارع معبد وشقيقه والآخرون إليه00 كان وجهه مضاءً كالمصباح وعلى ثغره ابتسامة!

تـمت