الوقفة الخامسة : الحزن لا ينافي الصبر
• في صحيح البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قبض فائتنا فأرسل يقريء السلام ويقول إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع قال حسبته أنه قال كأنها شن ففاضت عيناه فقال سعد: يا رسول الله ما هذا ؟ فقال: " هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء"
== والحذر الحذر من الجزع عند نزول المصيبة فإنها علامة سوء وآية من آيات الخذلان . واعتراضٌ على الرب جل وتقدس ، ومن مظاهر الجزع والتسخط على قضاء الله وقدره : النياحة على الميت ، والصراخُ والعويل ، وشقُ الجيوب ولطم الخدود ، ونحوُ ذلك مما هو من طباع أهلِ الجاهلية 0
== ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية "
وجاء في صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " النائحةُ إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرعٌ من جرب "
فالصبر الصبر عباد الله فهو المربح والنجاة .
وإذا تكالبت عليك – أخي الحبيب – الهموم ، وأحاطت بك الأحزان والغموم ، فيمم وجهك للحي القيوم وبث الشكوى إليه فهو السامع لكل شكوى العالم بكل نجوى .
إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت *** وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر نفعاً *** وما أجدى بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث *** يمن به اللطيف المستجيب
اللهم فارج الهموم ، كاشف الغموم ، سامع النجوى ، رافع البلوى ، يا من عز جاره ، وجل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه ، يا غياث الملهوفين ، ويا رجاء المنقطعين ، ويا راحم المستضعفين ، ارزقنا الصبر على البلاء ، والرضا بمرّ القضا ، واملأ قلوبنا أنساً بذكرك ، وطمأنينة بوعدك .