وليس معنى إعمال العقل في تفهّمِ الخطابِ أن نقفَ عند كلِّ كلمةٍ ونتكلّف في معرفةِ معناها وما وراءها، بل يكفي المعنى الإجماليُ الذي تدلّ عليه الآيةُ حتى يتسنى لنا الاسترسالُ في القراءةِ ومن ثمَّ التصاعدُ التدريجي لحركةِ المشاعرِ فتصل إلى التأثُّرِ والانفعالِ في أسرعِ وقتٍ.
سادسًا: الاجتهادُ في التعاملِ مع القرآنِ كأنه أُنزل عليك،وكأنك المخاطبُ به، والاجتهادُ كذلك في التفاعلِ مع هذا الخطابِ من خلالِ الردِّ على الأسئلةِ التي تتضمنها الآياتُ، والتأمينُ عند مواضعِ الدعاء.. وهكذا.
سابعًا: تكرارُ وترديدُ الآيةِ أوالآياتِ التي حدث معها تجاوبٌ وتأثُرٌ قلبي حتى يتسنى للقلبِ الاستزادةُ من النورِ الذي يدخل، والإيمانِ الذي ينشأُ في هذه اللحظاتِ، ويستمرترديدُ وتكرارُ تلك الآيةِ أو الآيات حتى يتوقّفَ التأثُّرُ والانفعالُ،فكما قيل: "الآيةُ مثلُ التمرةِ كلما مضغتَها، استخرجتَ حلاوتَها".
فإن داومَنا على هذه الوسائل –أخي القارئ–وثابرنا عليها وسرنا بها جنباً إلى جنبٍ مع المحورين السابقين(تقوية الرغبة،والإلحاح على الله)، فلنبشر جميعًا بقربِ شروقِ شمسِ القرآنِ على قلوبِنا لتبدأَ معها حياةٌ جديدةٌ تكسوها السكينةُ والطمأنينةُ، وروحٌ جديدةٌ وثّابةٌ توّاقةٌ لفعل الخيرِ، وأهمّ من هذا كلّه التجلببُ بجلبابِ العبودية،والرضا بالله رباً، والاكتفاء به، والاستغناء عن الناس.
..كل هذا، أخي الحبيب،وغيره من الثمارِ العظيمةِ ينتظرنا جميعًا إن نحن أحسَنَّا الإقبالَ على القرآنِ وداومنا على ذلك.
فكلما أعطينا للقرآنِ حقّه أعطانا من خيرِه وكنوزِه التي لا نهاية لها، فلو كان البحرُ مدادًا والأشجارُأقلامًا، تكتبُ ما يحمله كلامُ الله من معانٍ هاديةٍ، لنفد البحرُ قبل أن تنفدَ أسرارُ ومعاني هذا الكلام.
واعلم -أخي- بأننا إذاأحسنَّا الإقبالَ على القرآنِ،وأكثرنا من تلاوتِه بالليلِ والنهارِ، فسنجد–بعون الله– لذةَ المناجاةِ، وسنأنسُ بكلامِ الله أكثرَ من أُنسنا بأي شيءٍ آخر، وستأتينا الفتوحاتُ من حيث لا نحتسب.
[المصدر: تحقيق الوصال بين القلب والقرآن – د. مجدي الهلالي / ص136-147]
التعديل الأخير تم بواسطة رؤى عابرة ; 2011-09-16 الساعة 6:11 PM.
توقيع رؤى عابرة |
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
|
|