12. نفسٌ أبيةٌ ... وهمة عليَّةٌ
من الكفر إلى الإيمان
فتاة روسية ، من عائلة محافظة ، لكنها ( أرثوذوكسية ) شديدة التعصب للنصرانية ، عرض عليها أحدُ التجار الروس أن تصحبه مع مجموعة من الفتيات ، إلى دولة خليجية ، لشراء أجهزة كهربائية ، ثم بيعها في روسيا ، كان هذا هو الهدف المتفق عليه بين الرجل ، وهؤلاء الفتيات ، وعندما وصلوا إلى هناك ، كشَّر الذئبُ ُعن أنيابه ، وعرض عليهن ممارسة الرذيلة ، وبدأ في تقديم الإغراءات لهن ، إلى أن اقتنعن بفكرته ، إلا هذه الفتاة ، التي كانت متمنعة أبية ، فضحك منها ، وقال : أنتِ في هذا البلد ضائعة ، ليس معكِ إلا ما تلبسين من الثياب ، ولن أعطيكِ شيئاً ، وبدأ يضيق عليها ، أسكنها في شقة مع بقية الفتيات ، وأخفى جوازات سفرهن ، وانجرفت الفتيات مع التيار ، وثبتت هي على العفاف ، ولا زالت تُلِحُّ عليه كل يوم ، في تسلم جوازها ، أو إرجاعها إلى بلدها ، فيأبى عليها ذلك ، فبحثت يوماً في الشقة ، حتى وجدت جوازها ، فاختطفته ، وهربت من الشقة ، خرجت إلى الشارع ، لا تملك إلا لباسها ، هامت على وجهها ، لا تدري أين تذهب ، لا أهل ، ولا معارف ، ولا مال ، ولا طعام ، ولا مسكن ، أخذت المسكينة تتلفت حائرة يمنة ويسرة ، وفجأة رأت شاباً ، يمشي مع ثلاث نساء ، اطمأنت لمظهره ، فأقبلت عليه ، وبدأت تتكلم باللغة الروسية ، فاعتذر أنه لا يفهم الروسية ، قالت : هل تتكلمون الإنجليزية ؟ قالوا : نعم !
فرحت ، وبكت ، وقالت : أنا امرأة من روسيا ، قصتي كذا وكذا ، ليس معي مال ، وليس لي مسكن ، أريد العودة إلى بلادي ، أريد منكم فقط إيوائي ، يومين أو ثلاثة ، حتى أتدبَّر أمري مع أهلي وإخوتي في بلادي ، أخذ الشاب ( خالد ) يفكر في أمرها ، ربما تكون مخادعة ! أو محتالة ! وهي تنظر إليه وتبكي ، وهو يشاور أمه وأختيه ، وفي النهاية أخذوها إلى البيت ، وبدأت تتصل بأهلها ، ولكن لا مجيب ، الخطوط متعطلة في ذاك البلد ! وكانت تعيد في كل ساعة الاتصال ، عرفوا أنها نصرانية ، تلطفوا معها ، رفقوا بها ، أحبتهم ، عرضوا عليها الإسلام ، ولكنها رفضت ، لا تريد ، بل لا تقبل النقاش في موضوع الدين أصلاً ، لأنها من أسرة " أرثوذكسية " متعصبة تكره الإسلام والمسلمين ! فذهب خالد ، إلى مركز إسلامي للدعوة ، وأحضر لها كتباً عن الإسلام باللغة الروسية ، فقرأتها ، وتأثرت بها ، ومرت الأيام ، وهم يحاولون ويقنعون ، حتى شرح الله صدرها ، وحسن إسلامها ، وبدأت تهتم بتعاليم الدين ، وتحرص على مجالسة الصالحات ، وخافت أن ترجع إلى بلدها فترتد إلى نصرانيتها ، فتزوَّجها خالد ، وكانت أكثرَ تمسكاً بالدين ، وحرصا على طلب العلم ، ذهبت يوماً مع زوجها إلى السوق ، فرأت أختا مسلمة ، قد غطت وجهها ، وكانت هذه أولَ مرَّة تري فيها امرأة كذلك ، فاستغربت من هذا الشكل !! وقالت : خالد ، لماذا هذه المرأة بهذا الشكل ؟ لعل هذه المرأة مصابة بعلَّة شوَّهت وجهها ، فغطته ؟ قال : لا ، هذه المرأة التزمت بهذا الحجاب الشرعي ، فسكتت قليلاً ، ثم قالت : نعم ، فعلاً ، هذا هو الحجاب الإسلامي ، الذي أراده الله منا ، قال : وما أدراكِ ؟ قالت : أنا الآن إذا دخلت أي محل تجاري ، لا تنزل أعين أصحاب المحل عن وجهي ! تكاد تلتهم وجهي قطعة قطعة !! إذن وجهي هذا لابد أن يُغطَّى ، لا بد أن يكون لزوجي فقط يراه ، إذن لن أخرج من هذا السوق إلا بمثل هذا الحجاب ، فمن أين نشتريه ؟ قال : استمري على حجابك هذا ، كأمي وأخواتي ، قالت : لا بل أريد الحجاب الذي اقتنعت به ، مرت الأيام على هذه الفتاة ، وهي لا تزداد إلا إيماناً ، وأحبها من حولها ، وملكت على زوجها قلبه ومشاعره ، وفي ذات يوم نظرت إلى جواز سفرها ، فإذا هو قد قارب على الانتهاء ، ولا بد أن يُجدَّد ، والأصعب من ذلك ، أنه لا بد أن يُجدد من المدينة نفسها التي تنتمي إليها ، إذن لا بد من السفر إلى روسيا ، وإلا تعتبر إقامتها غير نظامية ، قرر خالد السفر معها ، فهي لا تريد السفر من غير محرم ، ركبوا في طائرة تابعة للخطوط الروسية ، وركبت هي بحجابها الكامل !! وجلست بجانب زوجها شامخة بكل عزة ، قال لها خالد : أخشى أن نقع في إشكالات بسبب حجابك ، قالت : أنتِ الآن تريد مني أن أطيع هؤلاء الكفرة ! لا ، والله ، فليقولوا ما شاءوا ،بدأ الناس ينظرون إليها ، وبدأت المضيفات يوزِّعن الطعام ، ومع الطعام الخمور ، وبدأ الخمر يلعب بالرؤوس ، وبدأت الألفاظ النابية ، توجه إليها من هنا وهناك ، فهذا يتندر ، وذاك يضحك ، والثالث يسخر ، ويقفون بجانبها ، ويعلَّقون عليها، وخالد ينظر إليهم ، لا يفهم شيئاً ، أما هي فكانت تبتسم وتضحك ، وتترجم له ما يقولون ، غضب الزوج ، فقالت : لا ، لا تحزن ، ولا يضِق صدرك ، فهذا أمر هيِّن ، في مقابل ما جابهه الصحابة ، وما حصل للصحابيات من بلاء وابتلاء ، صبرت هي وزوجها ، حتى وصلت الطائرة .