الموضوع: قصة امرأة ؟!
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2007-03-24, 2:00 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
و كم من عبدٍ كان من إخوان الشياطين فمنَّ الله عليه بتوبة مَحَت عنه ما سلف .. فصار صوَّاماً قواماً قانتاً لله ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه .. أيها الأخ المبارك .. من تدنس بشيء من قذر المعاصي فليبادر بغسله بماء التوبة والاستغفار .. فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ..


جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: " إذا أذنب عبد فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفر لي فقال الله: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنبا آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين حتى قال في الرابعة: فليعمل ما شاء " .. يعني مادام على هذه الحال كلما أذنب ذنباً استغفر منه غير مُصر ..


وفي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : أحدنا يذنب ، قال : " يكتب عليه ". قال : ثم يستغفر منه قال : " يغفر له ويتاب عليه ". قال : فيعود فيذنب . قال : يكتب عليه ". قال : ثم يستغفر منه ويتوب. قال : " يغفر له ويثاب عليه. ولا يمل الله حتى تملوا " أخرجه الحاكم في مستدركه ..


وسئل علي رضي الله عنه عن العبد يذنب ؟ قال : يستغفر الله ويتوب . قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب . قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب . قيل حتى متى ؟ حتى يكون الشيطان هو المحسور..

وهذا سر من أسرار العبودية لله .. أن تخطئ لتتوب .. وتذنب لتستغفر .. ليكون الله سبحانه هو المتفضل عليك وصاحب المنة والجود .. وبهذا فانك بالذنب مع التوبة الصادقة .. تحقق صفة العبد المنكسر المتأسف النادم الذليل الخاشع .. وربما تحقق فيك قول السلف : " رب معصية أدخلتك الجنة .. ورب طاعة أدخلتك النار" ..

ومعنى ذلك أن بعض المعاصي .. توجب لصاحبها بعد التوبة منها .. ذلا وانكسارا وخشوعا وندما .. وقلقا وحزنا وبكاء .. وتواضعا واستغفار .. وعملا صالحا .. فتكون سببا لدخول الجنة .. وربما صحت الأجسام بالعلل .. وبعض الطاعات .. توجب لصاحبها كبرا وعلوا .. وتيها وعجبا .. فتكون هذه الطاعة في حقه سببا لكثير من المعاصي والذنوب .. التي قد يدخل بها النار


أيها الأخ المبارك : إن من أعظم ثمار التوبة بعد مغفرة الذنب .. أن العبد إذا اتجه إلى ربه بعزم صادق وتوبة نصوح موقناً برحمة ربه واجتهد في الصالحات .. دخلَت الطمأنينة إلى قلبه .. وذهب عنه الهم والحزن وضيق الصدر و" الطفش " .. وانفتحت أمامه أبواب الأمل .. واستعاد الثقة بنفسه .. واستقام على الطريقة .. واستتر بستر الله ..

يقول أحد الدعاة جاني أحد الشباب فقال لي وهو يحدث عن نفسه .. لما كان عمري أربعة عشر سنة ذهب أبي إلى أمريكا للدراسة فذهبت معه .. أهملني أبي هناك بين المراقص والأسواق وأنا في تلك السن المبكرة ..

فلما أتم أبي دراسته سنتين عدنا إلى الرياض .. فطلبت أن يعيدني إلى أمريكا لأكمل الدراسة فرفض .. فدرست وتعمدت أن أرسب .. رسبت عدة مرات .. فلما رأى أبي ذلك أرسلني إلى أمريكا لأكمل دراستي .. فمكثت فيها تسع سنوات ..

لم تبقى معصية على وجه الأرض إلاّ فعلتها هناك .. ثم عدت إلى الرياض وبدأت ادرس في الجامعة وأنا لا أزال على المعاصي الكبيرة والصغيرة .. لكن بدا ضيق شديد يكتم عليَّ أنفاسي ويضيِّق عليَّ حياتي .. مللت من كل شيء كل شيء جربته لكن الملل يلازمني !


قال هذا الكلام كله . وهو يدافع عبراته .. فسألته : هل تصلي ؟ قال : لا .. قلت : أول علاج لهذا الهم هو أن تصلح علاقتك بالذي قلبك بين يديه يقلبه كما يشاء .. فحافظ على الصلاة في المسجد .. وموعدي معك بعد سبعة أيام .. ومضت الأيام ..

وبعد أسبوع جاءني بغير الوجه الذي فارقته عليه .. أول ما راني عانقني وقال : جزاك الله خيرا .. والله يا شيخ أنني في سعادة ما ذقتها منذ تسع سنوات .. فسألته عن الضيق والملل والاكتئاب .. فإذا هو قد زال عنه كله .. وصدق الله إذ قال : " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون "


أيها الأخ الحبيب : إن من الناس من يخدعه طول الأمل .. أو نضرة الشباب .. وزهرة النعيم .. وتوافر النعم .. فيقدم على الخطيئة .. ويسوف في التوبة، وما خدع إلا نفسه .. لا يفكر في عاقبة .. ولا يخشى سوء الخاتمة .. ولقد يجيئه أمر الله بغتة : ( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيّئَـاتِ حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنّى تُبْتُ الآن ) ..

ومن الناس من إذا أحدث ذنبا سارع بالتوبة .. قد جعل من نفسه رقيبا يبادر بغسل الخطايا .. إنابة واستغفاراً وعملاً صالحاً .. فهذا حريٌّ أن ينضمَّ في سلك المتقين الموعودين بجنة عرضها السماوات والأرض ممن عناهم الله بقوله :

( واَلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَـئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ وَجَنَّـاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَـامِلِين ) ..


" آلا بذكر الله تطمئن القلوب " من أراد الحياة الطيبة السعيدة فعليه بالإيمان بالله والعمل الصالح .. " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " !


وأما من أعرض عن الله وحارب ربه بالمعاصي .. فلا ينتظر إلا الهمَّ والنكد .. والقلق والتمزق .. والحيرة والفزع .. " ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا " فمع المعصية يصبح المال عذاب .. والولد فتنة .. والجاه مصيبة ..

فيا من مزَّقه القلق .. وأضناه الهم .. وعذَّبه الحزن .. عليك بالاستغفار .. فإنه يقشع سحب الهموم .. ويزيل غيوم الغيوم .. وهو البلسم الشافي والدواء الكافي .. الذي من عرفه وجربه وتداوى به فلن يحتاج إلى طبيب ولا إلى عيادة نفسية ..



قال بعضهم : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍ فرجاً ومن كل ضيقٍ مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب " .. فهل آن للعبد أن يرجع إلى ربه ويغتنم جوده وكرمه .. وحلمه ورحمته .. فليلجأ إلى مولاه .. ويستغفره من كل ذنب .. ويتوب إليه من كل سيئة ؟


يا من يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليل ِ
ويرى نياط عروقها في مخِّهـا والمخَّ في تلك العظام النحَّلِ


ويرى مسار الدم في أعضائها متنقلا من مفصلٍ إلى مفصلِ
اغفر لعـــبد تاب من زلاته ما كان منه في الزمان الأولِ


ومن أراد طيب العيش .. وسعادة الحياة وراحة البال .. وقرار النفس وحسن العاقبة .. فعليه بالاستغفار .. فكل كربة تفرج بالاستغفار .. وكل هم يزول بالاستغفار .. وكل حزن يذهب بالاستغفار .. والله أعلم وصلى الله على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه ..




بقلم : عبد الله بن راضي المعيدي