عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2011-09-07, 3:54 AM
ريحانة الوجود
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية ريحانة الوجود
رقم العضوية : 92839
تاريخ التسجيل : 6 - 11 - 2009
عدد المشاركات : 8,030

غير متواجد
 
افتراضي
وانظري إلى صحابةِ رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، كيف صبروا على أذى قريشٍ مِن أجل هدفٍ واحـد ، وهو توحيـد اللهِ جلَّ وعلا ، هجروا أهاليهم وأصحابَهم ، وتركوا بيوتَهم وأموالَهم مِن أجل دين الله . فهذا بِلالُ بنُ رَباح - رضى اللهُ عنه - ثبت على دينه رغم ما لاقاه مِن التعذيب ، وعُرِفَ بقولتِه الشهيرة : ‹‹ أَحَـدٌ أَحَـد ›› ... وهذا أبو بكرٍ الصِّديق - رضى اللهُ عنه - أول مَن آمَنَ برسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، وصدَّقه في كُلِّ ما جاء به وتحمَّل أذى قومِهِ له ... وهذا أبو ذَرٍّ الغِفارىّ - رضى اللهُ عنه - الذي جهر بدينه ولاقى ما لاقَى مِن ضربِ كُفَّارِ قُريش ... وهذا الطُّفَيْل بن عَمرو الدَّوْسِىّ - رضى اللهُ عنه - الذي أسلم ولم يُفكِّر بشئٍ سِوَى دعوة قومِه للإسلام ... و عبدالله بن سَلام - رضى اللهُ عنه - الذي أسلم ، فاتَّهمه قومُه بالجهل وعابوه بعد أنْ مدحوه قبل عِلمهم بإسلامِه ... ألم تسمعي عن ابن تيمية الذي سُجِنَ فأَخرجَ لنا مجموعَ فتاواه التي يدرسها طُلاَّبُ العِلم ، ويستفيدُ منها الجميع .. و أحمد بن حنبل الذي حُبِسَ وعُذِّبَ لأنَّه رفضَ القولَ بخلق القُرآن ... كثيرون مَن تعرَّضوا للأذى والتعذيبِ والسَّجْن ، وكُلُّه في دين الله ، فصبروا وتحمَّلوا ، ولم يسخطوا ، حتى فرَّجَ اللهُ هَمَّهُم .... أترين بلاءَكِ - إنْ كان حقًا بلاءً - أشدَّ مِن بلاءِهم ..؟!!

وانظري حولَكِ ، ستجدين الكثيرين يُعانون ، وهم صابرون مُحتسبون ؛ منهم مَن ابتلاه اللهُ بالمرض ، ومنهم مَن ابتلاه بفقدِ قريبٍ أو حبيب ، ومنهم مَن شُلَّت أعضاؤه أو أحدُها ،، في كُلِّ يومٍ يتألَّمون ، ومع ذلك لا يبكون ولا يشكون .. ألم تسمعي بإخوةٍ لنا في بلادٍ أخرى مُضطهدين ، لا لشئٍ إلَّا لأنَّهم يعبدون رَبَّ الأرضِ والسَّماوات سُبحانه وتعالى ؛ منهم الحُفاةُ والعُراةُ والجَوعَى ، يعيشون نهارهم مُهدَّدين ، ويبيتون ليلَهم خائفين ، يُقتَّلون بلا سبب ، ويُشرَّدُ أولادُهم بلا ذنب . فيرفعون أَكُفَّهُم إلى اللهِ خاشعين مُتضرِّعين ، ورَبُّنا سُبحانه يقول : ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ النمل/62 ، ودعوةُ المظلوم ليس بينها وبين اللهِ حِجاب ، ولا بُدَّ لهؤلاءِ مِن يومٍ يكشفُ اللهُ فيه ضُرَّهُم ، ويُفرِّج هَمَّهُم . ففكِّري في حالِهم ، حينها ستحقرين تفكيركِ القاصِر .

إنْ كُنتِ تُريدين الحُبَّ الحقيقىَّ ولا تجدينَه ، فسأدلكِ عليه فهو خيرٌ لكِ وأنفع مِن الحُبِّ الذي تبحثين عنه وقد لا تجدينه .

قالت : أىّ حُبٍّ تقصدين ..؟

قلتُ : إنَّه أعظمُ حُب ، فهو ( حُبُّ اللهِ جلَّ وعلا ) .. والوصولُ إليه أيسر بكثير مِن حُبِّ البشر الذي قد يَندُرُ هذه الأيَّام .

قالت : أخبريني عن كيفية الوصول إليه .

قلتُ : الأمرُ سهلٌ يسير .
أولاً : أخبر رَبُّنا سُبحانه وتعالى أنَّه يُحِبُّ أُناسًا يتَّصِفون بصفاتٍ مُعيَّنة ، ألَا اتَّصفتِ بها أو بشئٍ منها ..؟! مِن ذلك : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ البقرة/195 ،، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ البقرة/222 ،، ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ آل عمران/146 ،، ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ آل عمران/159 ،، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ المائدة/42 ،، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ التوبة/4 .

أيضًا : تقرَّبي إلى اللهِ سُبحانه وتعالى بالفرائض ، ثُمَّ بالنوافِل ، فحينها سيُحِبُّكِ اللهُ جلَّ وعلا ، وإذا سألتيه أعطاكِ ، فهو سُبحانه القائِلُ في الحديث القُدُسِىِّ : (( وما تقرَّبَ إلىَّ عبدي بشئٍ أَحَبَّ إلىَّ مِمَّا افترضتُه عليه ، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إلىَّ بالنوافِل حتَّى أُحِبَّه ، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به ، وبصرَه الذي يُبصِرُ به ، ويدَه التي يبطِشُ بها ، ورِجلَه التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينَّه ، ولئن استعاذني لأًعيذنَّه )) رواه البُخارىّ .

وإذا كُنتِ تُحِبِّين اللهَ حقًا وتُريدين مَغفرتَه ومَحبَّتَه سُبحانه ، فاتَّبعي سُنَّةَ نبيِّكِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ آل عمران/31 .

ثانيًا : اعلمي أنَّ الدنيا مهما عظُمَت فهى حقيرة ، وأنَّ حياتَكِ مهما طالت فيها فهى قصيرة ، فاغتنمي كُلَّ لحظةٍ مِن لحظاتِ حياتِكِ فيما ينفعكِ في دُنياكِ وآخرتِك . وما لم تستطيعي تحصيلَه مِن خيرٍ في الدنيا فلعلَّكِ تُحصِّلينه وأكثرَ منه في الآخِرة . فلا تهتمِّي بأمرِ الدنيا ، واعملي للآخرة ، واحتسبي الأجرَ عند اللهِ جلَّ وعلا ، ففضلُه واسِع ، ﴿ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى الأعلى/17 ،، ﴿ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى الضحى/4 .

ثالثًا : حـدِّدي لكِ هدفًا ، وابذلي جُهدكِ في تحقيقه ، واجعلي هدفكِ الأساسىّ ( رضا اللهِ سُبحانه وتعالى و دخول الجنَّة ) ، فسيُنسيكِ انشغالُكِ بتحقيق هذا الهدف - بإذن الله - أىَّ أشياء أخرى لا قيمةَ لها .

وأخيـرًا أقولُ لكِ : إذا اختفى الحُبُّ مِن حياتِكِ ، ولم تجدي لكِ صديقةً صالحة ، هل ستتوقَّفُ حياتُكِ ؟! هل ستجلسين في حُجرتِكِ وتُغلقين بابكِ عليكِ وتهجرين مَن حولَكِ ؟! هل ستظلين الليلَ والنهارَ تبكين وتشتكين ؟! هل ستتخلين عن أهدافِكِ وآمالِك ؟!

لا أُنكِر أنَّ الحُبَّ في الله والصُّحبةَ الصَّالِحة يُؤثِّران على المَرء ، وقد يُغيِّران مِن مَجرى حياتِه ، ويكونان سببًا في تحقيقهِ لكثيرٍ مِن الإنجازات . فإن وجدناهما فلنحمد اللهَ على ذلك ، وإنْ لم نجدهما فلا أكثرَ مِن أن ندعوا اللهَ عَزَّ وجلَّ أن يرزقناهما ، ولتستمر حياتُنا ، ولنسيرَ في طريقنا مُتوكِّلين على اللهِ ، واثقين بسعةِ فضِلِهِ وجزيلِ عطائه .

ولتعلمي أنَّ صاحبتَكِ ستُفارقكِ يومًا أو ستُفارقينها ، فلن تدومَ صُحبتكما ، لأنَّ الموتَ قد يأتيكِ فتصيرين وحيدةً في قبرك ، أو يأتيها قبلكِ فتبقين في الحياةِ بلا صاحبة .
إذًا فلترضي بما قَسَمَ اللهُ لكِ .. واعلمي أنَّ ما اختاره اللهُ لكِ خيرٌ مِمَّا تختارينه لنفسِك .. و رُبَّ حُلْمٍ تحقَّقَ فأفسدَ عليكِ حياتك .

دعكِ مِن الهَمِّ والحُزن ، وأبدليهما بالأمل والتفاؤل ، فما عند اللهِ خيرٌ وأبقى ، فاسعي إليه ولا ترضي له بديلاً .

قالت : كلماتُكِ بعثت الأملَ في نفسي ، وأشعرتني بشئٍ مِن الراحةِ والسعادة .. وما أنا فيه أفضل بكثيرٍ مِمَّا فيه كثيرٌ مِن الناس .. وأقولُ لِكُلِّ مَن تبحث عن الحُبِّ ولا تجده : هناك حُبٌّ أعظم غفلتِ عنه ، وهو ( حُبُّ اللهِ جلَّ وعلا ) ، فاسعي له ولا عليكِ مِن الدنيا ، اجعليها تحت قدمكِ ، واعملي لدارٍ باقية لا هَمَّ فيها ولا نَصَب .

قلتُ : الحمد لله الذي أعانكِ على تغيير وِجهتكِ ، والتَّخلُّصِ مِن أحزانِك . أسألُ اللهَ لي ولكِ الهِدايةَ والثباتَ على دينه حتَّى نلقاه به .

قالت : آمين .. و جزاكِ الله خيرًا على هَمستِكِ الرائعة .

قلتُ : آمين ، وإيَّاكِ .



وانتهت الهَمسَـة ، ولعلَّها تصلُ لِكُلِّ حزينةٍ مهمومةٍ باحثةٍ عن الحُبِّ الحقيقىِّ والصُّحبةِ الصَّالِحة ، فتُعيدُ لها الأملَ في مُستقبلٍ أفضل وحياةٍ أجمل .




هَمْسَـةٌ مِـن قلم/
الساعيـة إلى الجنـة

موضوع أعجبني ونقلته لكم


توقيع ريحانة الوجود

: لم تخرج الأنفاس بحروف أفضل من قول (لا إله إلا الله)، أثقل في الميزان من مثاقيل الجبال ومكاييل البحار...

اللهـم سخر لنا من عبادك الصالحين من يدعو لنا في ظهر الغيب.. اللهم آآمين.

((رياحين من بستان التلاوات)


وتبقى الدعوات الطيبة
((اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي))