" اللهم بارك لنا في مكتنا ، اللهم بارك لنا في مدينتنا ، اللهم بارك لنا في
شامنا ، و بارك لنا في صاعنا ، و بارك لنا في مدنا ، فقال رجل : يا رسول الله !
و في عراقنا ، فأعرض عنه ، فرددها ثلاثا ، كل ذلك يقول الرجل : و في عراقنا ،
فيعرض عنه ، فقال : بها الزلازل و الفتن ، و فيها يطلع قرن الشيطان " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 302 :
أخرجه يعقوب الفسوي في " المعرفة " ( 2 / 746 - 748 ) و المخلص في " الفوائد
المنتقاة " ( 7 / 2 - 3 ) و الجرجاني في " الفوائد " ( 164 / 2 ) و أبو نعيم في
" الحلية " ( 6 / 133 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 1 / 120 ) من طرق عن
توبة العنبري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا
، فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و قد تابعه زياد بن
بيان حدثنا سالم به . أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 246 / 1 /
4256 ) و أبو علي القشيري الحراني في " تاريخ الرقة " ( 2 / 20 / 1 - 2 ) و
الربعي في " فضائل الشام و دمشق " ( 11 / 20 ) و ابن عساكر ( 1 / 121 - 122 ) و
قال الطبراني : " لم يروه عن زياد إلا إسماعيل ، تفرد به ابنه حماد " ! كذا قال
! و هو عند ابن عساكر من طريق سليمان بن عمر بن خالد الأقطع أخبرنا إسماعيل بن
إبراهيم - و هو ابن علية - به . و عند القشيري من طريق العلاء بن إبراهيم حدثنا
زياد بن بيان به . قلت : و زياد بن بيان - هو الرقي - صدوق عابد كما قال الحافظ
في " التقريب " ، فالإسناد جيد . و تابعه نافع عن ابن عمر به ، و لم يذكر مكة .
أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 12 / 384 / 13422 ) و في " الأوسط " ( 1 / 215
/ 1 / 3851 ) من طريق إسماعيل بن مسعود : أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن عون
عن أبيه عنه . قلت : و هذا إسناد جيد أيضا ، عبيد الله هذا ، قال البخاري في "
التاريخ " ( 3 / 1 / 388 ) : " معروف الحديث " . و قال ابن أبي حاتم ( 2 / 2 /
322 ) عن أبيه : " صالح الحديث " . و تابعه أزهر بن سعد أبو بكر السمان :
أخبرنا ابن عون به ، إلا أنه قال : " نجدنا " مكان " عراقنا " ، و المعنى واحد. أخرجه البخاري ( 1037 و 7094 ) و الترمذي ( 3948 ) و ابن حبان ( 7257 -
الإحسان ) و البغوي في " شرح السنة " ( 14 / 206 / 4006 ) و صححوه و أحمد ( 2 /
118 ) و ابن عساكر ( 1 / 122 - 124 ) . و تابعه عبد الرحمن بن عطاء عن نافع به
، إلا أنه قال : " مشرقنا " مكان " عراقنا " ، و زاد في آخره : " و بها تسعة
أعشار الشر " . أخرجه أحمد ( 2 / 90 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 102 / 2
/ 2087 ) و ابن عساكر ( 1 / 125 ) و قال الطبراني : " لم يروه عن عبد الرحمن بن
عطاء إلا سعيد بن أبي أيوب تفرد به ابن وهب " . قلت : و لفظ الزيادة عنده : " و
به تسعة أعشار الكفر و به الداء العضال " . فلعله يعني بالتفرد هذه الزيادة و
إلا فالحديث مع الزيادة الأولى قد تابعه عليه أبو عبد الرحمن - و هو عبد الله
بن يزيد - عند أحمد و ابن عساكر و رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن
عطاء و هو ثقة على ضعف فيه كما يشعر به قول الحافظ في " التقريب " : " صدوق ،
فيه لين " . فعندي وقفة في ثبوت هذه الزيادة ، لتفرد عبد الرحمن بها دون سائر
الرواة ، و لاسيما و قد رواها الفسوي ( 2 / 750 و 751 ) عن ابن مسعود و علي رضي
الله عنهما موقوفا و لا يظهر لي أنها في حكم المرفوع . و الله أعلم . و تابعه
أبو عبيد حاجب سليمان بن عبد الملك عن نافع به ، إلا أنه قال : " العراق و مصر
" . أخرجه أبو عبد الله القطان في " حديثه " ( ق 59 / 2 ) ، و أبو أمية
الطرسوسي في " مسند ابن عمر " ( ق 207 / 1 - 2 ) ، و ابن عساكر ( 1 / 124 - 125
) من طريق محمد ابن يزيد بن سنان الرهاوي عن أبيه : حدثني أبو رزين الفلسطيني
عنه . قلت : و هذا إسناد ضعيف ، أبو عبيد ثقة ، لكن أبو رزين الراوي عنه لم
أعرفه ، و قد أورده الذهبي في " المقتنى في الكنى " بهذه الرواية ، و لم يسمه .
و الرهاوي ليس بالقوي ، كما قال الحافظ ، فذكر " مصر " في هذا الطريق منكر . و
بالله التوفيق . و له شاهد ، يرويه إسحاق بن عبد الله بن كيسان عن أبيه عن سعيد
بن جبير عن ابن عباس مرفوعا نحو حديث الترجمة . أخرجه الطبراني في " الكبير " (
12 / 84 / 12553 ) . لكن إسناده ضعيف جدا ، إسحاق قال البخاري : " منكر الحديث
" . و أبوه عبد الله صدوق يخطىء كثيرا كما قال الحافظ في " التقريب " . و شاهد
آخر من رواية الحسن البصري مرسلا . أخرجه يعقوب الفسوي ( 2 / 750 ) ، و من
طريقه ابن عساكر ( 1 / 128 ) . و إسناده صحيح مرسل . و قد روي من حديث معاذ ، و
فيه زيادة في آخره جوابا لقول الرجل : " و في عراقنا " تخالف جواب النبي صلى
الله عليه وسلم الثابت في جميع طرق الحديث ، و لذلك أوردته في الكتاب الآخر : "
الضعيفة " ( 5518 ) ، مع بيان المتهم بوضعه . و إنما أفضت في تخريج هذا الحديث
الصحيح و ذكر طرقه و بعض ألفاظه لأن بعض المبتدعة المحاربين للسنة و المنحرفين
عن التوحيد يطعنون في الإمام محمد بن عبد الوهاب مجدد دعوة التوحيد في الجزيرة
العربية ، و يحملون الحديث عليه باعتباره من بلاد ( نجد ) المعروفة اليوم بهذا
الاسم ، و جهلوا أو تجاهلوا أنها ليست هي المقصودة بهذا الحديث ، و إنما هي (
العراق ) كما دل عليه أكثر طرق الحديث ، و بذلك قال العلماء قديما كالإمام
الخطابي و ابن حجر العسقلاني و غيرهم . و جهلوا أيضا أن كون الرجل من بعض
البلاد المذمومة لا يستلزم أنه هو مذموم أيضا إذا كان صالحا في نفسه ، و العكس
بالعكس . فكم في مكة و المدينة و الشام من فاسق و فاجر ، و في العراق من عالم و
صالح . و ما أحكم قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء حينما دعاه أن يهاجر من
العراق إلى الشام : " أما بعد ، فإن الأرض المقدسة لا تقدس أحدا ، و إنما يقدس
الإنسان عمله " . و في مقابل أولئك المبتدعة من أنكر هذا الحديث و حكم عليه
بالوضع لما فيه من ذم العراق كما فعل الأستاذ صلاح الدين المنجد في مقدمته على
" فضائل الشام و دمشق " ، و رددت عليه في تخريجي لأحاديثه ، و أثبت أن الحديث
يتبع في المشاركة القادمة :
.