عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2007-03-13, 5:52 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
الوصية الثالثة : اتق الله قبل الدَّين ومعه :
* فإن العبد إذا اتقى الله وأراد أن يأخذ مالاً ليرفع ضيقاً عن نفسه وأهله ، وصدق العزم في رده عند تيسره لقي من الله الفرج بعد الشدة واليسر بعد العسر قال الله تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [ الطلاق: من الآية4] .
وقال تعالى : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } [ الطلاق: من الآية2- 3] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال (( من أخذ أموال الناس يُريدُ اداءها أدّى الله عنه ، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله )) (11) .
قال ابن حجر : ( أتلفه الله ) ظاهره أن الإتلاف يقع له في الدنيا وذلك في معاشه أو في نفسه ، وهو علم من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئاً من الأمرين ، وقيل المراد بالإتلاف عذاب الآخرة )) (12) .

فمن لم يتق الله في الدَّين الذي عليه وماطل ، لقي من الله عنتاً وتلفاً والجزاء من جنس العمل ، فإن أحسن في القضاء أدَّاهُ الله عنهُ في الدنيا قبل الآخرة قال - صلى الله عليه وسلم - : (( ما من مسلم يدانُ ديناً ، يعلمُ الله منْهُ أنَّهُ يريدُ أداءهُ إلا أدَّاه الله عنهُ في الدنيا )) (13) .

وحسب المؤمن رهبة من مماطلة الناس في أموالهم ما جاء عن صهيب الخير عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : (( أيُّما رجُلٍ يدينُ ديناً ، وهو مُجمعُ أن لا يوفيهُ إيَّاهُ لقي الله سارقاً )) (14) .


الوصية الرابعة : الديون همّ بالليل وذل بالنهار :
* إن كثيراً من الرجال أريقت مياه وجوههم واختفوا عن أعين الناس خوفاً من عتاب الدائنين ، وهروباً من كلماتهم الساخنة .. ومن ذلك ما رواه الطحاوي عن عقبة بن عامر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : (( لا تخيفوا الأنفس بعْد أمنْها )) قالوا : يا رسول الله ، وما ذاك ؟ قال : (( الدينُ )) (15) .

لذا ، ينبغي على المرء أن يستشعر أن الدين مذلة للرجال ، كما جاء في الأثر : (( الدين همٌّ بالليل ومذلة بالنهار )) .. قال القرطبي : قال علماؤنا : (( وإنما كان شيناً ومذلة لما فيه من شُغلِ القلبِ والبال والهمِّ اللازم في قضائه والتذللِ للغريم عند لقائه ، وتحمُّلِ منته بالتأخير إلى حين أوانه )) (16) . وقد ذكر في الأثر صور من ذلك أيضاً :

* جاء أبو قتادة – رضي الله عنه – إلى رجل قد استدان منه ديناً ... جاء إليه ليتقاضاه في أحد الأيام فما كان من هذا المقترض إلا أن اختفى عن ناظريه واختبأ عنه .. وقُدر أن يخرج صبيٌ من دار ذلك المقترض ، فسأله أبو قتادة عن أبيه ؟ فقال الصبي : هو في البيت يأكل خزيرةً - نوع من الطعام – فنادى أبو قتادة بأعلى صوته : يا فلان أخرج فقد أخبرتُ أنك هاهنا ... فخرج ... فقال له : ما يُغيبك عني ؟ قال الرجل : إني معُسرٌ وليس عندي ما أسدد به ديني . فاستحلفه أبو قتادة أنه معسرٌ .. فحلف الرجلُ على ذلك .

فبكى أبو قتادة أن يصل الأمر بأخيه إلى هذه الحالة البائسة . فقال بعد ذلك : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : (( من نفّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة )) (17) .

* حُدثتُ أن رجلاً تكاثرت عليه الديون حتى زادت على المليونين من الريالات وبالطبع تتابع الطُراق عليه ، ووجهت إليه الكلمات اللاذعة حتى بلغ به الأمر أن فرّ من بيته وترك أهله لسنة كاملة !! فكانت المضايقات تتابع على أبنه الصغير حتى أُصيب بضائقة نفسية سيئة .. والبقية تأتي !!- إلا أن يتداركهم الله برحمته - .

الوصية الخامسة : إياك وخداع البنوك :
* ترفع البنوك بين الحين والآخر إعلانات تتضمن التشجيع على الاقتراض ، ويزعمون أن هذه القروض تجعل حياتك أكثر رفاهية ، فما عليك إلا أن توفر الشروط وتقوم بتعبئة النموذج المُعد لذلك ثم تكون النقود بين يديك لتتصرف بها بحريةٍ كاملة . وهذه البنوك إنما تشجع على الديون لأنها تتكسب من ذلك أموالاً طائلة ، وبخاصة أنها إنما تقرض بفوائد ربوية تتضاعف بمرور الزمن ، وهذا الأسلوب الاستثماري .

أولاً : مما حرمه الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – .
قال تبارك وتعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [ آل عمران:130] .
وقال – صلى الله عليه وسلم – : (( درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم ، أشدُ من ستٍ وثلاثين زنية )) (18) .
وقد لعن عليه الصلاة والسلام : آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه: (( هم سواء )) (19).

ثانياً : هذا القرض المالي الذي يفرح به المقترض لأيام معدودة يسبب له ضعفاً في إيمانه ، واضطراباً في قلبه . يقول الدكتور عمر الأشقر : (( الربا يُحدث آثاراً خبيثة في نفس متعاطيه ، وتصرفاته وأعماله وهيئته ، ويرى بعض الأطباء أن الاضطرابُ الاقتصادي الذي يولدُّ الجشع الذي لا تتوفر أسبابه الممكنة يسبب كثيراً من الأمراض التي تُصيب القلب ، فيكون من مظاهرها ضغط الدم المستمر ، أو الذبحة الصدرية أو الجلطة الدموية ، أو النزيف في المخ ، أو الموت المفاجئ ..
وقد قرر الدكتور عبدالعزيز إسماعيل عميد الطب الباطني في كتابه ( الإسلام والطب الحديث ) أن الربا هو السبب في كثرة أمراض القلب ... (20) .
وما قيل ليس من باب المبالغة بل الديون الحاصلة من قروض الربا تأتي بأكثر من ذلك!

ثالثاً : إن القروض الشخصية التي تقدمها هذه البنوك ربحها الدائم للبنوك فحسب يقول الدكتور ( شاخت ) مدير بنك الرايخ الألماني : (( إن الدائن المرابي ( أي البنك ) يربح دائماً في كلِّ عملية ، بينما المدينُ معرضٌ للربح والخسارة ، ومن ثم فإن المال كلُهُّ في النهاية لابد بالحساب الرياضي أن يصير إلى الذي يربح دائماً .. )) (21) .

والمعادلة في ذلك لا يطول حسابها .. يقول المراغي في تفسيره : (( الربا يُسهلُ على المقترضين أخذ المال من غير بدلِ حاضر ويزينُ لهم الشيطانُ إنفاقه في وجوه الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها ، ويغريهم بالمزيد من استدانة ، ولا يزال يزداد ثقل الدين على كواهلهم حتى يستغرق أموالهم فإذا حلَّ الأجل لم يستطيعوا الوفاء ، وطلبوا تأجيل الدين ، ولا يزالون يماطلون ويؤجلون، والدَّين يزداد يوماً بعد يوم ، حتى يستولي الدائنون قسراً على كلِّ ما يملكون ، فيصبحون فقراء مُعدمين ، وصدق الله : { يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ } ... )) (22) .