س22:
سمعت أن بعض أحاديث البخاري ضعفها الشيخ محمد الألباني - قدس الله روحه- فهل هذا صحيح ؟
الجواب :
معلوم عند عموم أمة الإسلام منزلة الصحيحين ( البخاري ومسلم ) ، وقد تلقتهما الأمة بالقبول .
غير أنهما تعرضا لانتقاد وهجوم !
فالانتقاد من علماء الأمة في نوع رواية ، أو تخريج حديث راوٍ بعينه ، أو انتقاد لفظة واحدة أو متن واحد ، ويكون الحديث ثابتاً لا مطعن فيه ، وإنما برواية دون رواية ، أو لفظة دون لفظة .
والهجوم من أعداء السنة سواء من الرافضة – قبّحهم الله – أو من المستشرقين وأذنابهم .
وللصحيحين منزلة عالية وقدر كبير عند علماء الإسلام ، ومنهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – فقد قال :
والصحيحان هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى باتفاق علماء المسلمين من المُحدِّثين وغيرهم ، فقد امتازا على غيرهما من كُتب السنة بتفردهما بجمع أصح الأحاديث الصحيحة ، وطرح الأحاديث الضعيفة والمنكرة ، على قواعد متينة ، وشروط دقيقة ، وقد وُفِّقوا في ذلك توفيقاً بالغاً لم يوفّق إليه مَن بعدهم ممن نحا نحوهم في جمع " الصحيح " كابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم ، حتى صار عُرفاً عاماً أن الحديث إذا أخرجه الشيخان أو أحدهما ، فقد جاوز القنطرة ، ودخل في طريق الصحة والسلامة ، ولا ريب في ذلك ، وأنه هو الأصل عندنا ، وليس معنى ذلك أن كل حرف أو لفظة أو كلمة في الصحيحين هو بمنزلة ما في القرآن ، لا يُمكن أن يكون فيه وهم أو خطأ في شيء من ذلك من بعض الرواة ، كلا ، فلسنا نعتقد العصمة لكتابٍ بعد كتاب الله أصلاً ، فقد قال الإمام الشافعي وغيره : أبى الله أن يتمّ إلا كتابه .
ولا يُمكن أن يدّعي ذلك أحد من أهل العلم ممن درسوا الكتابين دراسة تفهّم وتدبّر مع نبذ التعصب ، وفي حدود القواعد العلمية الحديثية ، لا الأهواء الشخصية ، أو الثقافة الأجنبية عن الإسلام وقواعد عُلمائه . انتهى كلامه – رحمه الله – .
إذا عُلِم هذا فإن الشيخ – رحمه الله – ربما يُضعّـف لفظة في الصحيحين أو في أحدهما ، ويكون سُبق إلى ذلك .
وعلى سبيل المثال :
اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديث صلاة الكسوف وصفتها ، وهي :
فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم سجد فأطال السجود ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى ثم انصرف . كما في حديث عائشة – رضي الله عنها – .
ووردت صفات أخرى بأربع ركوعات وبخمس وست ركوعات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : والصواب أنه لم يصل إلا بركوعين ، وأنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم ، وقد بين ذلك الشافعي وهو قول البخاري وأحمد ابن حنبل في إحدى الروايتين عنه ، والأحاديث التي فيها الثلاث والأربع فيها أنه صلاها يوم مات إبراهيم ، ومعلوم أنه لم يمت في يومي كسوف ، ولا كان له إبراهيمان ! انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – : وقد وردت الزيادة في ذلك من طرق أخرى فعند مسلم من وجه آخر عن عائشة وآخر عن جابر أن في كل ركعة ثلاث ركوعات ، وعنده من وجه آخر عن ابن عباس أن في كل ركعة أربع ركوعات ، ولأبي داود من حديث أبي بن كعب ، والبزار من حديث عليّ أن في كل ركعة خمس ركوعات ، ولا يخلو إسناد منها عن علة ، وقد أوضح ذلك البيهقي وابن عبد البر ونقل صاحب الهدي عن الشافعي وأحمد والبخاري أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطا من بعض الرواة ، فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض ، ويجمعها أن ذلك كان يوم مات إبراهيم عليه السلام وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح .
وهذا على سبيل المثال .
ولا يطعن هذا في الصحيحين أصــلاً ولايطعن في ثبوت أحاديث صلاة الكسوف ، وإنما في بعض ماوهم فيه بعض الرواة
وقد يكون للشيخ الألباني – رحمه الله – رأي أو وجهة نظر فيما يتعلق بمسألة من مسائل المصطلح ، كرواية أبي الزبير عن جابر – رضي الله عنه – .
وقد يكون الحق مع الشيخ في مسألة ، وقد يكون مع غيره .
ولا يغض هذا من قدر الصحيحين ولا من قدر الشيخ – رحمه الله –
فإنه – رحمه الله – ما عُرِف عنه إلا تعظيم السُّـنّـة والذب عنها والحرص على نشرها .
فرحمه الله رحمة واسعة ، وأسكنه فسيح جناته .
والله أعلم .
________________________________________
س23:
هل تنصحنا بكتب في علم التخريج ؟
الجواب :
بالنسبة لعلم التخريج ، فيحتاج من يُريد خوض غمار هذا الفن إلى فن لصيق به ، وهو علوم الحديث أو المصطلح ، فهما صنوان .
وأما كتب التخريج وما يتعلق به فقد كفانا المؤونة الشيخ الفاضل د . بكر أبو زيد في كتابه : " التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل " وهو مطبوع .
والله أعلم .
وصلى الله عليه على آله وسلم
________________________________________
س24:
نريد تبيين الاحاديث من فضيلتكم اقصد الاحاديث الضعيفه والموضوعه للناس بارك الله فيكم؟
الجواب :
لا أدري هل الأخ يُريد أن أذكر له الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، أو هو يُريد ذِكر مراجع لها ؟
فإن كان الأول فإن الأعمار لو أُضيف إليها أعمار أخرى لفنيت وما دوّن الضعيف والموضوع في كتاب جامع !
ولكني أذكر بعض المراجع :
تذكرة الموضوعات للمقدسي
الموضوعات لابن الجوزي – رحمه الله – ، وإن كان أُخذ عليه إدخال بعض أحاديث الصحيح .
العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي أيضا
الموضوعات في الأحاديث المرفوعات للجوزقي
أحاديث القصاص لشيخ الإسلام ابن تيمية
تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة لابن عرّاق
اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي
الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني
الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي لمحمد الحسيني السندروسي
الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة لملا علي قارئ
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني
ضعيف الجامع الصغير له
وكتب الشيخ عموما التي خرّج فيها أحاديث كتب معينة ، فقسّمها إلى صحيح وضعيف .
والنافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة لأبي إسحاق الحويني
وهناك كُتب هي بمثابة القواعد لمعرفة الضعيف والموضوع
وهي الكتب التي نُصّ فيها على أنه لم يصح في الباب شيء .
ومنها :
المغني عن الحفظ والكتاب في قولهم : لا يصح شيء في هذا الباب للموصلي
ولأبي إسحاق الحويني عليه : جُنة المرتاب بنقد كتاب المغني عن الحفظ والكتاب
الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث للعامري
التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث
والله أعلم .
________________________________________
س25:
1- هناك حديث منتشر
(( الجنة تحت أقدام الأمهات))
ما وضع هذا الحديث ؟
2- هل يكون الحديث صحيح إذا كان جميع رجاله على درجة واحدة من الصدق والأمانة أم في درجات متفاوتة
3- هل حديث بحيرا الراهب ضعيف .
4- هل يمكن لأي شخص أن يخرج حديث بالرجوع للكتب ام أنه يجب أن نعود لأهل العلم والتمرس .
الجواب :
الحديث ورد بلفظ : الجنة تحت أقدام الأمهات ، مَنْ شِئن أدخلن ، ومن شِئن أخرجن !
وقال عنه الألباني : موضوع .
قال : ويُغني عنه حديث معاوية بن جاهمة لما جاء إلى النبي صلى الله عليه على آله وسلم وهو يُريد الغزو ، فقال له – عليه الصلاة والسلام – : هل لك أمّ ؟
قال : نعم .
قال : فالزمها فإن الجنة تحت رجليها . رواه أحمد والنسائي والحاكم وصححه .
وقال الألباني : حسن .
بالنسبة للحديث الصحيح
فإنه يُشترط له خمسة شروط لكي يُحكم بصحته .
عدالة الرواة
ضبط الرواة
اتصال السند
السلامة من الشذوذ
السلامة من العِلّـة
وهذا لا شك يدلّ على دقّـة المحدثين – رحمهم الله –
غير أنه لا يُشترط لرجاله أن يكونوا على درجة واحدة ، فقد يكون فيهم :
ثقة ، وأوثق منه
و : ثقة ، وثقة ثبت
و : ثقة ، وثقة ثبت إمام
إلا أنهم لا ينزلون عن وصف الثقة .
فإن خفّ الضبط كـ " صدوق " نزل إلى درجة الحَسَن .
هذا كله فيما يتعلق بتصحيح الحديث لذاته .
وإلا فإن الحديث قد يُقال عنه : صحيح ، ويكون في أسانيده من خفّ ضبطه .
بمعنى أن الحديث الصحيح لغيره قد يكون في بعض طُرقه من خفّ ضبطه ، ولكنه باجتماع تلط الطُّرق يرتقي إلى درجة الصحيح لغيره .
وكذا الحديث الحسن لغيره ، فإنه قد يكون في بعض طرقه من هو ضعيف ، ويرتقي بمجموع طرقه إلى الحسن لغيره
أما حديث بحيرا الراهب
فاختُلِف فيه .
ولذا لما أشار إليها الشيخ محمد الغزالي – المعاصر – في فقه السيرة إليها بقوله :
وسواء صحّـت قصة بحيرا هذه أم بطلت ...
عقّب عليه الشيخ الألباني بقوله :
بل هي صحيحة ؛ فقد أخرجها الترمذي من حديث أبي موسى ، وقال : هذا حديث حسن . قلت : وإسناده صحيح ، كما قال الجزري . قال : وذِكر أبي بكر وبلال فيه غير محفوظ . قلت : وقد رواه البزار فقال : وأرسل معه عمه رجلاً . انتهى كلامه – رحمه الله – .
أما بالنسبة للتخريج
فيُمكن لكل باحث أن يعزو الأحاديث إلى مصادرها مُجرّد عزو
أما التصحيح والتضعيف فلا بُـدّ من التمرّس في هذا العلم وأن يكون عنده ملَـكَـة في هذا الفن .
وكثير من الباحثين في رسائل الماجستير والدكتوراه بل ومن المؤلفين يرجعون إلى كُتب أهل الاختصاص في التخريج والحُـكـم على الأحاديث .
مما يدلّ على صعوبة الحُـكم لغير أهل الاختصاص .
والله أعلم .
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم