لو أنك ذهبت لزيارة أحد المرضى ، وقال لك ابنك ذو العشر سنوات: خذني معك فماذا ستفعل؟ إن كثيرا من الآباء يقولون لأبنائهم في مثل هذا الموقف: إنك ما زلت صغيرا ، كما أنك مزعج وتسبب الكثير من الضوضاء والفوضى ، والمريض يحتاج إلى الراحة والهدوء ... لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ، إذ أخذ صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد معه في واحدة من الزيارت النبوية للمرضى ..
ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ الصغار معه لزيارة المرضى من الكبار ، بل إنه صلى الله عليه وسلم قد زار الصغار أنفسهم في مرضهم ، أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه ، فقال له:"أسلم"، فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال: أطع أبا القاسم ، فأسلم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول:" الحمد لله الذي أنقذه من النار ".
يا له من شعور جميل عندما يرى الطفل _ وهو ما زال في مرحلة الفطرة والنقاء_ أنه لا يذهب فقط لزيارة الكبار إذا مرضوا بل إنهم يأتون أيضا لزيارته إذا مرض ، وملء أيديهم الخير والبركة ، وفي قلوبهم الحب والشفقة ، وعلى ألسنتهم الدعاء والرجاء بالصحة والشفاء وحري بهذا الشعور الفريد أن يفجر في قلب الطفل ينابيع الخير والعطاء فيحب التواد والتراحم ، ويألف الجود والكرم..
كتاب " كيف تصنع طفلا مبدعا "ج1