حقيقة ،جَذلى أنا يا سيدي بكل ما سطرتهُ لي ها هُنا، مِن تدرجكَ في التقربِ إلى نفسك
والتَداوي بالحديثِ والأخذِ والعَطاء، ومراحل انتقالِك ،ولَن أستعجِل ولكني أحببتُ أن لا أكتِم إحساسًا يراودني
الآن ...
رحمَ الله والِدكَ وأنزلَ عليه شآبيب الرحمات وجعلكَ بابَ خيرٍ لا يُسد دونهُ أبدا
أما إنَّ مواقفَ السعد في حياتي كَثيرة - ولله الحمدُ والفَضل - وكَم أغدقَ عليّ مِن نعمٍ لا أكادُ أُحصيها، وإنْ خَالط الحُزن ثغرًا فقد ملأت الأفراحُ ثغورًا ، ويكفي من الفرحِ أنفاسُنا التي وإن خرجت عَادت حَتى نُسدد ونُقارب ما اجترحناهُ بالأمس
كانَ جدي - رحمه الله - من أكثرِ الناس محبةً لي وكانَ قد أخذ دورَ المُربي لي دونَ غيري من إخوتي، و قد خرجَ ذاتَ يوم ولكَ أن تتخيلَ شيخًا كبيرًا في السن ،قد اشتعل رأسهُ شيبًا ذاهِبًا لسوق قريتنا الصغيرة، وما أن غَاب لسويعات حَتى عادَ محمولًا على كتفي شابين يُسندانِه ورجلهُ مكسورة ، فقد مرّ جدي بمنطقة مُظلمة وهو عائِدٌ من السوق فسقط في حفرةٍ عميقة سببت له كسورًا و كَدمات، وما أن دخل منزلنا حتى أشار لوالدي بكيسٍ يحمله وقال له : خذ هذا الكيس فيه حلوى أم علي لفلانة - يقصدني - فقد اشتريتُه لها وذهبت مستعنيًا حينَ علمتُ أنهم يبيعونها في السوق .. فبكيت أولًا لسقوط جدي، وثانيًا لأني أساسًا لا أحب هذه الحلوى ولكني تغصبتها لخاطِر جدي ولرجله التي كُسرت
ولكني الآن بتّ لا أترك مناسبة فيها هذه الحلوى دونَ أن يكونَ لي نصيبُ الأسدِ منها، ففيها من عبقِ جدي وذكرى طيبته ...
جميلٌ أني وجدتُ الطَاولة قد قُلبت عليّ ، ولكني - بحول الله - سأعودْ لتعديلها ( بعدَ أن أُزيل عن كاهلي ذكريات تجددت
آمِلة من الله أن يكونَ يومك غيرُ اعتيادي، وأنْ تكونَ مفكرتك قد طفحت بِجمال ما ترى من مناظر تسرّ الخاطر وتقرُّ الناظِر