عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2007-02-25, 9:49 PM
الصادر والوارد
مشرف سابق
رقم العضوية : 9770
تاريخ التسجيل : 3 - 10 - 2005
عدد المشاركات : 2,162

غير متواجد
 
افتراضي
* طول الأمل ينسينا ويطغينا ويرجئ التنفيذ عندنا، قال الله تعالى:(إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون،أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون).كلما جاء طارق الخير صرفه بوّاب لعل وعسى، لابد من العمل الفوري لأن الله تعالى يقول:(وسارعوا...)،(وسابقوا...)، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:(اغتنم خمساً قبل خمس...)،(بادروا بالأعمال...)

* ومن الشبهات عند البعض التي تضعف التطبيق أن يجعل الصلاح كلٌّ لا يتجزّأ فإما أن يلتزم إلتزاماً كاملاً أو يتركها كلها.وهذا غير صحيح لأنه من منا لايخطئ؟
إذا كنت تستطيع أن تنفذ الآن فلم لا تنفذ؟ فسينفعك عند الله وإن كنت مقصراً في غيره.

* عدم وجود القناعة في الإلتزام بالإسلام مانع من التطبيق، بعض الناس يضع خطة طويلة تدريجية للإلتزام، وأنت ما يدريك ربما تموت قبل أن تنتهي الخطة أو يقول أريد التدرج في تخفيف المنكر ثم يبقى فترة طويلة دون التخلص منه،والشيطان يضخم هذه القضية.
توكل على الله وأخرج المنكر والله سيعينك وينزل معونته على قدر مؤونتك وستشعر بحلاوة وسيعينك الله على الصبر على الأذى ومواجهة الانتقادات وسيرتفع إيمانك وعند ذلك تستطيع المقاومة والصمود والاحتمال،وعلى الأقل لو فشلت فإنك خضت التجربة وبذلت محاولة فكنت خيراً من الذي لايبذل شيئاً.

* الشيطان حريص على أن يصرفنا عن تنفيذ ما تعلمناه فهذه منية الشيطان قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(خصلتان لا يحافظ عليهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير ومن يعمل بهما قليل:تسبح الله عشراً وتكبر الله عشراً وتحمد الله عشراً في دبر كل صلاة فذلك مائة وخمسون باللسان وألف وخمسمائة في الميزان وتسبح ثلاثاً وثلاثين وتحمد ثلاثاً وثلاثين وتكبر ثلاثاً وثلاثين إذا أخذ مضجعه فذلك مائة باللسان وألف في الميزان فأيكم يعمل في اليوم ألفان وخمسمائة سيئة؟ قالوا يا رسول الله! كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل؟
قال: يأتي أحدكم الشيطان إذا فرغ من صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا فيقوم ولا يقولها فإذا اضطجع(يعني للنوم) يأتيه الشيطان فينومه قبل أن يقولها".(رواه الإمام أحمد).
- مسألة مهمة:الإحساس بقيمة المعلومة:كان وقع المعلومة على السلف (قرآن،حديث،آية،مسألة،حكم شرعي..) كبير جداً فهو يشعر أنه وقع على كنز عظيم فلذلك يقدر القضية حق قدرها وينفذ.
لذلك كان بعض العلماء لا يملي على طلابه إلا ثلاثة أحاديث في اليوم حتى يعمل بها.

* ومن العلاجات العظيمة النظر في قصص السلف والتأمل في كيفية تطبيقهم للعلم الذي تعلموه،يقول المرّوذي:قال الإمام أحمد: ما كتبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً إلا وعملت به(وفي مسند الإمام أحمد حوالي 40.000 حديث) حتى مر بي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام ديناراً فأعطيت الحجام ديناراً حين احتجمت. (والدينار 4 جرامات وربع من الذهب وسعر الجرام من 35-40 ريال). واستأذن الإمام أحمد زوجته في أن يتخذ أمة فأذنت له فاشترى جارية بثمن يسير وسماها ريحانة استناناً بالرسول صلى الله عليه وسلم... وقصص أخرى كثيرة تبين حرص السلف على تطبيق ما يتعلمونه. أولئك آبائي فجئني بمثلهم!

* للخطيب البغدادي كتاب اسمه:(اقتضاء العلم للعمل) يقول فيه: العلم شجرة والعلم ثمرة وليس يُعَدُّ عالماً من لم يكن بعلمه عاملاً، العلم والد والعمل مولود، العلم مع العمل والرواية مع الدراية- فلا تأنس بالعمل إذا كنت مستوحشاً من العلم ولا تأنس بالعلم إذا كنت مقصّراً في العمل ولكن اجمع بينهما.
وأول من تسعر بهم النار يوم القيامة الذين لم يعملوا بعلمهم:

وعالم بعلمه لم يعمل *** معذب من قبل عبّاد الوثن

قومٌ تقرض يوم القيامة شفاههم بمقاريض من نار وهم الخطباء الذين يقولون مالا يفعلون ويقرأون كتاب الله ولا يعملون.
ويسئل الإنسان يوم القيامة عن علمه ماذا عمل فيه؟
وقد قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إني أخاف أن يكون أول ما يسألني فيه ربي أن يقول: قد علمت فماذا عملت فيما علمت؟
مثل الذي عنده علم لا يعمل به كمثل مريض عنده دواء لا يتداوى به! لماذا حصلت البركة عند الأولين؟ لأنهم كانوا يأخذون عشر آيات لا يتجاوزونها حتى يعملوا بما فيها ولذلك تعلموا العلم والعمل جميعاً.
قال علي بن أبي طالب: هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل.
وإياك خدعة جمع العلم ثم العمل. يكون رجل من أهل النار يدور فيها كما يدور الحمار على رحاه فيقول له أهل النار ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وآمركم بالمنكر وآتيه. أو كما قال صلى الله عليه وسلم والحديث في البخاري.
كيف أنت إذا قيل لك يوم القيامة أعلمت أم جهلت؟ فإن قلت:علمت،قيل لك فماذا عملت فيما علمت؟ وإن قلت جهلت، قيل لك: فما كان عذرك حين جهلت؟ أما تعلمت؟
قال الرسول صلى الله عليه وسلم:(مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه).رواه الطبراني وصححه الألباني.
قيل:إذا أراد الله بعبد خيراً فتح له باب العمل وأغلق عنه باب الجدل وإذا أراد به شراً أغلق له باب العمل و فتح له باب الجدل.

ولا ترجئ فعل الخير يوماً إلى غد *** لعل غداً يأتي وأنت فقيد

(احذروا سوف فإن سوف من جند إبليس).

* بعض طلبة العلم يقف مع صورة العمل، يجمع الأقول وينظر في المسانيد ثم ينسى قضية العمل.

وأخيراً ينبغي علينا العودة إلى الله سبحانه وتعالى وأن نقوم لله عز وجل بالتنفيذ و التطبيق وأن نربي غيرنا على ذلك،وهذه أبياتٌ جميلة يعظ فيها أبٌ ابنَه وكنّاه بأبي بكر:

أبا بكرٍ دعوتك لو أجبت *** إلى ما فيه حظك لو عقلت
إلى علم تكون به إماماً *** مطاعاً إن نهيت وإن أمرت
ويجلو ما بعينك من غشاها *** ويهديك الصراط إذا ضللت
وتحمل منه في ناديك تاجاً *** ويكسوك الجمال إذا اغتربت
ينالك نفعه ما دمت حياً *** ويبقى ذكره لك إن ذهبت
وكنزُ لا تخاف عليه لصاً *** خفيف الحمل يوجد حيث كنت
يزيد بكثرة الإنفاق منه *** وينقص إن كفّاً به شددت
فلو قد ذقت من حلواه طعماً *** لآثرت التـعلم واجتهدت
ولم يشغلك عنه هوى مطاعٌ *** ولا دنيا بزخرفها فتنـت
فواظبه وخذ بالجدِّ فيه *** فإن أعطاكه الباري أخذت
وإن أوتيت فيه طول باعٍ *** وقال الناس أنك قد سبقت
فلا تأمن سؤال الله عنه *** بتوبيخٍ علمت فهل عملت؟


نلجأ إلى الله تعالى بالدعاء ونسأله المعونة على تطبيق ما تعلمناه ونسأله أن يوفقنا لما يرضيه وأن يجعلنا من الحريصين على العمل بالعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


توقيع الصادر والوارد
الأعمال الكبيرة إذا توازعتها الأيدي ،
وتقاسمتها الهمم،
هان حملها ،وخف ثقلها
وإن بلغت من العظم مابلغت