4
وهذه آيات قرآنية كريمة تقطع بأن الإنسان سيبعث بجسده وروحه :
" الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " ( يس : 65 ) .
الأيدى والأرجل هى التى ستتكلم .. فأين هذا من زعمهم أن الجسد مجرد قميص ؟! فإن كان مجرد قميص فلا مبرر لأن يتكلم هذا القميص .. فيبطل زعمهم ..
" أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ " ( يس : 77 – 79 ) .
العظام سيتم بعثها من جديد .. والعظام هى ما يقوم عليه جسد الإنسان ..
" أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ " ( القيامة : 3 – 4 ) .
تأكيد قاطع من الله تعالى أن الإنسان سيبعث بجسده .. حتى بأطراف أصابعه " البنان " التى هى نهاية عملية خلق الإنسان .. وإشارة الله تعالى للبنان .. أكبر دليل على بعث كل إنسان بجسده ..
يييقول البروفيسور زغلول النجار فى تفسيره لهذه الآية الكريمة :
" والإشارة الي تسوية بنان الإنسان الحي أمر معجز حقا، والأكثر إعجازا إعادة تسوية بنان الميت عند بعثه، بعد أن كان جسده قد تحلل، وكانت عظامه قد بليت، وغاب ذلك كله في تراب الأرض ، من أعظم الدلالات علي طلاقة القدرة الإلهية المبدعة علي بعث الأموات من رفاتهم المتحللة كما خلقهم أول مرة من العدم.
و(بلي) في الآية الكريمة حرف رد للنفي الذي جاء في الآية السابقة( ألن نجمع عظامه) وإلغاء له، وهو جواب للتحقيق يوجب ما جاء في تلك الآية السابقة بمعني أن الله( تعالي) قادر علي جمع العظام بعد تحللها، بل هو( سبحانه وتعالي ) قادر علي ما هو فوق ذلك ألا وهو إعادة تسوية بنان الميت عند بعثه، بتفاصيل بصمته التي ميزته طيلة حياته عن غيره من بني جنسه، والتي تمثل الخاتم الذي ختم به بناء جسده وهو لم يزل جنينا في بطن أمه لم يتجاوز الشهر الثالث من عمره.
واللفظة( قادرين) حال من فاعل الفعل المقدر بعد الحرف ( بلي ) أي نجمع العظام النخرة ونحن علي ذلك قادرون وما هو فوق ذلك أننا قادرون( علي أن نسوي بنانه ) أي نجعلها كاملة الخلقة تماما كما كانت في حياته الأولي. و( البنان ) هي الأصابع أو أناملها ( أطراف الأصابع ) وهي جمع( بنانة ).
ومعني الآية الكريمة أن الله( تعالي ) قادر علي إعادة بعث رفات الميت مهما كانت درجات تحللها وبعثرتها في تراب الأرض ، وقادر علي جمع ذرات كل من عظامه ولحمه وجلده وشعره ، وكل صفة كانت في جسده قبل الموت ، وقادر علي التأليف بين ذلك كله ، وإعادة بعث الروح فيه ليرده حيا كما كان قبل الموت. وتخصيص البنان بالذكر يعود إلي كونها من أبرز الصفات الظاهرة في الجسم ، وآخر ما يتم من المراحل الأساسية في خلق الجنين ، وأنه الخاتم الرباني لكل فرد من بني الإنسان ، وإعادته إشارة إلي إعادة بعث الجسد كاملا دون أدني نقص ، ولذلك قال ربنا( تبارك وتعالي):
بلي قادرين علي أن نسوي بنانه القيامة 4 .... والبنان تحمل بصمتها التي تعتبر ختما إلهيا جعله الخالق ( سبحانه وتعالي ) علامة جماعية فارقة للإنسان دون غيره من المخلوقات المعروفة لنا ، كما جعله ميزة فردية لكل واحد من بني الإنسان تحديد شخصيته تحديدا قاطعا، وتفرده عن غيره إفرادا مميزا يتجاوز حدود الإرث والنسب والعرق, وذلك طيلة حياته والآية الكريمة التي نحن بصددها تؤكد علي إعادة بصمة كل بنان مع بعث كل ميت ، تأكيدا علي طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في كل من الخلق والبعث. كما تشير إلي دقة تسوية البنان وإلي أهمية ذلك في حياة الإنسان ، وهي أهمية لم تدركها العلوم المكتسبة إلا في مطلع القرن العشرين(1901 م) حين استخدم المحتلون البريطانيون بصمات الأصابع في تتبع بعض مقترفي الجرائم في الهند ، ثم أصبحت وسيلة من أهم وسائل التشخيص لبني الإنسان في كل دول العالم.
وسبق القرآن الكريم بثلاثة عشر قرنا لجميع المعارف المكتسبة ، وذلك بالإشارة إلي تسوية البنان في الأحياء ثم عند البعث مما يقطع بأن القرآن الكريم لايمكن أن يكون صناعة بشرية ، بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله ، وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية في نفس لغة وحيه ( اللغة العربية) علي مدي الأربعة عشر قرنا الماضية وإلي أن يرث الله ( تعالي ) الأرض ومن عليها ، فالحمد لله علي نعمة الإسلام ، والحمد لله علي نعمة القرآن ، والحمد لله. علي بعثة سيد ولد عدنان: سيدنا محمد بن عبدالله ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، وإمامهم أجمعين ، فصلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم ، والحمد لله رب العالمين " أ.هـ
أما أدلتهم الأخرى المزعومة ..
قولهم أن النفوس محدودة يُرد عليه بعدد سكان الأرض حاليا الذى تجاوز سبعة مليارات نسمة .. ومعنى ذلك أن النفوس ليست محدودة كما يدعون ولا حاجة لأن تنتقل من جسد لجسد .. فوجود سبعة مليارات جسد بها سبعة مليارات نفس حاليا يتنافى مع بدء الخليقة من آدم وحواء .. إذ لم يكن آيام آدم عليه السلام مليارات البشر كما هو الآن مما يدمر هذه الأكذوبة تماما ..
زعمهم أن عمر الإنسان 60 – 70 سنة لا يكفى للاختبار .. كلام سخيف يعطى الشرعية للمفسدين فى الأرض ليستمروا فى إفسادهم وإجرامهم بحجة أن أنفسهم ستنتقل إلى أجساد أخرى حتى تتطهر ! .. فالإنسان يحاسب منذ أن بدء يعقل الأمور والخير من الشر .. والإنسان يحاسب بما قدم سواء فى سنة من بعد بلوغه وإدراكه أو فى عشر سنوات أو أكثر أو أقل .. فلا علاقة بين العمر وبين والاختبار لأن الصالح يبدو صلاحه دون حاجة لآلاف السنين .. والآيات الكريمات توضح ذلك عن حال الكفار الذين يتمنون العودة إلى الدنيا للعمل الصالح .. لكنهم كذبة سيعودون للإفساد والكفر والإجرام .. يقول تعالى :
" وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " ( الأنعام : 28 – 29 ) .
زعمهم أن الله يعاقب نفس الأعمى أو الأعرج أو الأبرص أو الأصم .. كلام متهافت .. وحاشا لله أن يظلم أحدا .. ولكنه ابتلاء من الله .. فلا ذنب لهؤلاء بما فعل من كان قبلهم كما يزعم الكذبة ..
يقول تعالى : " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " ( النحل : 78 ) . لا تعلمون شيئاً .. لا علاقة لهم بإنسان عاش قبلهم كان فاسقا أو كان صالحا .. لم تحل فيهم روح إنسان قبلهم .. بل هم لا يعلمون شيئاً .. فكيف يعاقبون بما لم يفعلوه ؟! أهذا هو العدل من وجهة نظر الجُهّال ؟؟
المبدأ القرآنى واضح فى هذا الموضوع : " مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً " ( الإسراء : 15 ) .
أما القصص والحكايات الخرافية والتنويم المغناطيسى .. فكل هذا هراء لا أساس له من الصحة .. وهناك جهات فى دول الغرب مهمتها تصدير هذا العبث إلى عالمنا الإسلامى ، وإنتاج الأفلام الوثائقية عن التناسخ والتقمّص ونشر الروايات والقصص عن أطفال تحدثوا عن حياتهم السابقة ... إلخ هذه المهاترات ، من أجل خلق جو من الشك والارتياب وإنكار البعث والثواب والعقاب والحياة الآخرة ..
وأما الأحلام فهى تخيلات ورؤيا لا علاقة لها بالتناسخ ولا تحل روح إنسان فى جسد آخر حتى يرى حلما .. بل هو نفسه الذى يرى وغالبية الأحلام لها أثر فى الواقع .. أى يحلم الإنسان بما يراه نتيجة تأثره به ..
وبالنسبة لشعور الإنسان أنه قد عاش بعض اللحظات التى مر بها من قبل .. فهذا ما يُعرف علميا باسم " ديجا فو " .. تقول الموسوعة العالمية " ويكيبديا " : ديجا-فو، Déjà vu كلمة فرنسية تعني شوهد من قبل، أطلق عليها هذا الاسم العالم إمِيل بُويَرْك وهي ظاهرة تحدث لكثير من الناس ويحسوا بأنهم عاشوا الأحداث من قبل وأنها ليست تحدث لأول مرّة ولها عدة تفسيرات تفسر سبب حدوثها.
أُختلِفَ كثيراً في تفسير ظاهرة الديجافو وسبب حدوثها؛ الباحث الإنجليزي فريدريك دبليو يقول: بأنّ العقل اللاشعوري ـ أو الباطن ـ سجّل معلومات في فترة قريبة مع العقل الواعي؛ لذا يتوهّم الشخص أنّه مرّ بالتجربة ـ
بينما ينسُبْ عدّة محلّلون نفسانيّون الظاهرة إلى الخيال البسيط لدى الإنسان، وبعض الأطباء يعزون ذلك إلى خلل لحظي في الدماغ لمدّة ثواني قليلة ،
وهناك من قال أنّها جزء خافت مجهول من ذكريات الطفولة ،
أمّا التفسير الأوْهَن ممّن رأى أنّها ذكريات من حياة ماضية عشْنَاها ! ـ يقولون أنّها ذكريات حياة قديمة تُزعج إلى سطح العقل حين مُلائمة بيئة مُحيطة أو ناس مألوفين ! وربّما ما يُفنّد الرأي الأخير؛ ظاهرة أخرى تُسمّى (Jamais Vu) حيثُ تكون في مكان مألوف ودائم، ثمّ تشعر فجأة بأنّ ما يُحيطك غريب كُليّاً.
لها تفسير علمي هو تأخر وصول الدم من الفص الصدغي الأيمن إلى الأيسر بعد أن يكون المشهد أصبح ذكرى بالنسبة للفص الأيسر ، وأكثر فئة عمرية إصابة بهذه الظاهرة هم من 15 - 25 عاما.. يصاب به أكثر المصروعين قبل صرعهم أو بين النوبتين الصرعتين..ولكنه قد يقع في جميع شرائح الأفراد بدون سبب طبي أو مرض عضوي في أحيان كثيرة تفسر هذه الظاهرة عن محللون نفسيون كثر بأنه وهم أو تحقيق رغبة مكبوتة " أ.هـ
هذا ما ورد فى ويكيبديا عن هذه الظاهرة التى لا ترقى أن تكون دليلاً على أكذوبة تناسخ الأرواح .
إن فكرة تناسخ الأرواح فكرة شيطانية مجرمة يروج لها مجرمون فى عالمنا العربى والإسلامى لنشر الفوضى والإلحاد ، ويعمدون فى نشر أكاذيبهم على تحريف آيات القرآن الكريم والادعاء أنها تشهد لتلك العقيدة الضالة .
كما أن عدماء الضمير من هواة الكسب والربح شرعوا فى تأليف وطباعة كتب تروج لفكرة تناسخ الأرواح والتقّمص وسرد قصص خرافية عن أطفال كانت لهم حياة سابقة قبل ميلادهم .. بما يدخل فى عقول الناس صحة هذه الأكاذيب .
والمطلوب هو نشر الوعى بين الناس والتحذير من خطورة هذه الدعوة الهدّامة ، وتفنيدها فى وسائل الإعلام والمناهج الدراسية حتى نعطى الأطفال والتلاميذ مناعة ضد هذا الدجل الذى انتشر مؤخرا .. فروح الإنسان لا تحل فى إنسان آخر أو حيوان أو نبات أو جماد فلا تقمّص أو تناسخ أو تماسخ أو تفاسخ أو تراسخ كما يدعى الجهلاء .
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين .
منقول