الأخوة الأكارم:
وهاهو الشعب الفلسطيني ـ مسلمين ومسيحيين ـ يقف اليوم في خندق واحد، حيث إن الإرهاب الإسرائيلي لا يفرق بين مسيحي ومسلم، وإن قنابل الاحتلال وطائراته موجهة ضد المسلمين والمسيحيين معا، فكما تضرب القدس والخليل، فهي تضرب بيت لحم، وكما تعتدي على رام الله والبيرة وجنين، فهي تعتدي على بيت ساحور، وكما تهاجم طولكرم ورفح وجباليا فهي تهاجم بيت جالا.
إن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في هذه الأيام قد يتمت الأطفال ورملت النساء، ودمرت البيوت والمصانع والمؤسسات وجرفت المزارع والبيارات، وهاجمت مقرات السلطة الوطنية الفلسطينية،
حيث إن قوات الاحتلال تتبع سياسة الأرض المحروقة التي لا تبقي ولا تذر، حيث وصلت هذه الاعتداءات إلى المقدسات الإسلامية والمسيحية، حيث منعت المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك والصلاة فيه، وإغلاق المسجد الإبراهيمي في الخليل أمام المصلين، وقصف العديد من المساجد في نابلس، وجنين، وطولكرم، والخليل، وبيت لحم، ورفح، وغزة، وخان يونس، وجباليا وغيرها من المحافظات،
كما امتدت هذه الاعتداءات إلى كنيسة القيامة حيث منعت سلطات الاحتلال المسيحيين من الاحتفال بأعيادهم، كما أنها تحاصر كنيسة المهد في بيت لحم، وتقتل وتعتدي على العلماء المسلمين ورجال الدين المسيحي (مرفق تقرير عن الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في آخر هذا البحث)
ومع ذلك فإن القيادة الفلسطينية تسير على خطى العهدة العمرية، وتتمسك بها، وتسير على هديها، حيث إنها تعمل جاهدة على تشكيل وفد إسلامي مسيحي مشترك لتظهر للعالم العلاقة الوثيقة بين أفراد الشعب الواحد، إن الأوضاع الراهنة في فلسطين خطيرة جداً، ونحن بحاجة إلى دعم الأشقاء في الأمتين العربية والإسلامية ليبقى هذا الشعب المرابط متمسكاً بحقوقه مرابطاً على أرضه مدافعاً عن عقيدته.
إنني انتهز هذه المناسبة ـ ومن خلال علماء الأمة ـ أن أنقل أصدق آيات الشكر والتقدير من الشعب الفلسطيني المرابط، ومن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الأخ الرئيس ياسر عرفات ـ رئيس دولة فلسطين ـ إلى الشعوب العربية والإسلامية على وقفتها المشرفة مع أشقائهم في فلسطين،
هذه الوقفة وهذه التبرعات الكريمة التي تبين بأننا أخوة في السراء والضراء وأننا أمة واحدة هي الأمة العربية والإسلامية، وأننا ننتظر مستقبلاً زاهراً بإذن الله، وإن شاء الله سنصلي معاً وسوياً في المسجد الأقصى المبارك وقد تحرر من أيدي المحتلين.
{وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا } (سورة الإسراء، الآية: 51)
كلنا ثقة بالله، بأن الليل مهما طال فلابد من بزوغ الفجر، فما بعد العسر إلا اليسر، وما بعد الضيق إلا الفرج وإن الفرج آت بإذن الله، رغم المشككين، رغم الحاقدين رغم أعداء الإسلام كلهم وكما قال الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني وما استعصى على قوم منال ولكن تؤخذ الدنيا غلابا إذا الإقدام كان لهم ركابا