المشرّد!!
شعر: صالح بن علي العمري
من للفؤادِ الغضّ في أحزانِهِ = يشكو التعاسةَ في ربيعِ زمانهِ
عجبا لهذا الدهر كيف تكسّرت = سفنٌ يكّومها على شطآنهِ
أبدت له الأحداثُ كلّ فجيعةٍ = وسقته سُمَّ الموتِ في ريعانهِ
الهمُّ.. والليلُ الطويلُ.. و فكـرُه = كتبتْ معاني السُّهد في أجفانهِ
و فواجـعُ الأيام أدمت قلبـهُ = نقشت مثالبها على جُدرانهِ
و قوافل الآلام ما أبقت له = إلاّ تعاسته و عضّ بنانهِ
عبست له كل الدُّنا و تواطأت = جنباتُ أرْبُعِــهِ علـى خـذلانهِ
يمشي حسيرَ الرأس.. مجهول الخُطا = و الهمّ كلُّ الهمّ في وجدانهِ
أخفى له الواشي كمائن عثرةٍ = و سعى بعسكره إلى عـدوانهِ
وإذا تحدّث .. و الفضا مصغٍ له = ضحك المكان على اعوجاج لسانه
يمشي فريد الهمّ بين كهوفهِ = وصدى الوحوش يعجٌّ في وديانه
ما عاد ينعشه عبيرُ أزاهرٍ = و مغردٌ يشدو على أغصانه
ما عاد يبهجه الربيع بنفحهِ = و تبسُّم الآمال في ألوانه
أيرقُّ من شفق المساءِ فؤادُه = و دمُ الضياء ملطّخٌ بلبانه
ترمي به النكباتُ في بيدِ الضنى = و تُدينه الأحداث من هذيانه
ويذلّه بأس الزمان.. وربما = برقتْ له الآمالُ في غثيانه
ويخاف من غده المريب تجهّما = فيزيدُه شجنا إلى أشجانه
ما عاد يؤنسه تحضُّّن دارِهِ = و معاولُ التهديم ِ في بنيانه
ما عاد يوسُعُه الفضاءُ بأفقـهِ = و الضيق يفري في فسيح جَنَانه
يا هذه ا لدنيا فؤادك جائرٌ = تُشْقينَ هذا الكون في إنسانه
هذي مشاعر مهجةٍ مغلوبة = لمشرد ٍ يأسى على أوطانه
يبكي بكاء الطفل من فرط الأسى = ويرى السلامة في عُرى أكفانه
أفنت بشاشته و بسمة ثغره = و استبدلت بالبؤس كلَّ كيانه
يا مــن لصرخة أمّـةٍ مكلومةٍ = يحنو عليها قبل فوت أوانهِ
ما أضعف الإنسان في الدنيا إذا = لم يستمدْ العزم من إيمانه
و احسرتاه على فؤادٍ فارغ ٍ = و عوامل التمكين في قرآنه!!