عبادة جدي والداعية المجهول
عبدالرزاق الشمري
ذات يوم كنت في زيارةٍ لجدي أطال الله في عمره على طاعته ، هو رجلٌ أمي لا يقرأ ولا يكتب ، لكنه محبٌ للخير ، كنت قد زرته في النهار ، في وقت الضحى ، لأجلس معه و آخذ شيئاً من أخباره.
نهض جدي ففرش مصلاه ليصلي ، فسألته : ماذا تصلي يا جدي ؟ قال : صلاة الضحى ، ثم قال : بحمد الله لازلت محافظاً عليها منذ عشر سنين .
هنا سألته قائلاً : و قبل العشر سنين ما الذي منعك من أدائها ؟! فقال : لم أعرفها إلا قبل عشر سنين.
قلت: كيف؟ قال : أتى داعيةٌ في مسجدنـا فتكلم عن هذه الصلاة وفضلها وما لفاعلها من الأجر و الثواب ، فتعلمتها منه و عملت بـها.
فقلت: يا جدي هل تعرف اسم هذا الشيخ؟ قال : لا .
هنا قلت في نفسي : هنيئاً لذلك الداعية المجهول ، نعم لا يعرفه جدي ، لكن الله جل في علاه يعرفه حق المعرفة ، لا أدري أحي أم ميت ذلك الداعية ، لكن لـه بصمةٌ باقية أراها في جدي و في أمثال جدي ممن استفاد من الكلمات الدعوية .
همسة : أيها الدعاة.. إن المساجد لأرض خصبة، ابذروا فيها كلماتكم لتنموا ثمارها في أعمال الآخرين، فلرب كلمةٍ تركت رجلاً يعمل بها إلى أن يموت، هنيئاً للدعاة تلك الأجور التي لا تنقطع، و يا أسفى على من جمع العلم و تقاعس عن بذله للناس، فالباب ما زال مفتوح ، فأين المشمرون !!.