الموضوع: قبل الوداع
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2007-02-05, 3:40 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
أخي الحبيب...
إن للموت لسكرات...
تذكر أشد كربات الدنيا ...فالسكرات منها أشد...
تذكر أشد مصائب الدنيا فالسكرات منها أعظم...
تذكر أشد الضيق الذي يحل بالمرء فالسكرات منها أعلى...
كفى به ألماً أنه آلم الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم و هو الصابر المحتسب فقد روت عائشة رضي الله عنها و قالت : ( إن رسول الله كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه ويقول : لا إله إلا الله إن للموت سكرات , ثم نصب يده فجعل يقول : في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده )رواه البخاري

يال قلبي.. و بأبي أنت و أمي يارسول الله...فقد آلمتك السكرات...
ويال حزني و أنت أفضل الخلق ...لقد حرتك لحظات الممات...

إذا كنت أنت الحبيب المصطفى قد أعيتك السكرات... فكيف بمثلنا من المقصرين الضعفاء ؟!... فاللهم نسألك العون ... فإنه لا مهرب منه ...و لا ملاذ عن كرباته إلا بعونك ياربنا قال تعالى (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) فاللهم رحمتك بنا عندما يشتد بنا و يشتد... و اللهم لطفك بنا عندما ينتزع انتزاعاً من أطراف أجسامنا حتى يصل التراقي ...فلا ينفع طبيب أو راق قال تعالى : (25) كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) ) القيامة

فنسألك حسن الخاتمة...
و أن تجمل النهاية...
فإنها عندما نبلغ النهاية ..تقفل أبواب قبول الأعمال.. و يصير المرء مرهوناً بما كسبت يمينه..قال تعالى (82) فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة

فياليت شعري ماذا يتمنى المرء في موقفه هذا...
و ليت شعري فهل يتمنى مسرف على نفسه أنه وقع في شراك معصيته...
قال تعالى : وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) سورة الأنعام

و هل يتمنى مفرط أن فرط في جنب الله...
و هل يتمنى مقصر على تقصيره...
فهناك تحين ساعة الندم و لات ساعة مندم...
قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) سورة الأنبياء

روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في خطبته : يا عباد الله : الموت الموت ، فليس منه فوت، إن أقمتم له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، الموت معقود بنواصيكم ، فالنجاة النجاة ، الوحا الوحا ، فإن وراءكم طالبا حثيثا وهو القبر ، ألا وإن القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران، ألا وإنه يتكلم في كل يوم ثلاث مرات فيقول : أنا بيت الظلمة .. أنا بيت الوحشة .. أنا بيت الديدان ألا وإن وراء ذلك اليوم يوما أشد من ذلك اليوم ، يوما يشيب فيه الصغير ، ويسكر فيه الكبير قال تعالى ( وترى الناس سكرى وما هم بسكرى ولكن عذاب الله شديد)

وقال الدقاق: ( من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، من نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة )



--------------------------------------------------------------------------------


و هل الموت هو النهاية ؟!

إن لحظات الموت عصيبة و ما بعدها إما حياة سعيدة أو حياة تعيسة
فهل انجلت الهموم...في مثل ذلك اليوم العصيب..
لا... ليس بعد...بل لقد بدأت حياة جديدة هي حياة البرزخ ...حياة القبر ..
فهناك حين يوضع المرء في القبر...
حيث الظلمة ...و الضيق...
حيث يتوسد الجسم الأرض...
و يجاور الدود...
و يوضع في وسط لحدة في ملابس بسيطة...
فلا أنيس إلا عمله...
و لا نور إلا نوراً اكتسبه في حياته..
و لا سرور إلا لمن عمل لآخرته...
فعندما يوضع الميت في قبره...
و ينصرف عنه أهله و أصحابه و مشيعيه...
و يبقى وحيداً لوحدة...
فإن المرء يكون بهذا الحال ...