عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2007-01-27, 5:21 PM
مافي مني
عضو متميز بالمنتدى
رقم العضوية : 14236
تاريخ التسجيل : 28 - 6 - 2006
عدد المشاركات : 1,072

غير متواجد
 
افتراضي
المسيرة السياسية :

" إن سياسة الكويت سياسة وفاق وسلام ، تنبع من روح القانون الدولي والنظام العالمي الجديد الذي يهدف إلى تدعيم أسسه ويعتمد على قوة القانون والشرعية الدولية واستخدام الصلاحيات التي يوفرها ميثاق الأمم المتحدة".

هذه الكلمات للمغفور له الشيخ جابر الأحمد -طيب الله ثراه- تحدد بإيجاز المسار السياسي لدولة الكويت ، تلك الدولة المسالمة التي تحب ولا تكره ، تصادق ولا تعادي ، تجمع ولا تفرق ، تصالح ولا تخاصم وهي على هذا المسار ثابتة الخطى ماضية في طريقها الذي رسمه لها قائدها.

وعلى رغم ما تعرضت له الكويت من عدوان واحتلال كان بمثابة الصدمة لها لم تغير من سياستها الخارجية ، بل العكس زادها ذلك قوة وثباتا ، وهذا ما يؤكده رحمه الله في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السادسة والأربعين " ..... الكويت اليوم كالكويت بالأمس ، جسر محبة ورسول سلام ، والفرق أنها اليوم أعمق شعورا بمعنى السلام ، وأعظم إيمانا بالنظام الجديد الذي يصون العدل ويحمي الحق ويسعى للخير.... "

فعلى المستوى الخليجي ولد مجلس التعاون لدول الخليج العربي بفكرة كويتية خالصة نابعة من قناعة أميرها وقائدها الذي استطاع بنظرة ثاقبة أن يحدد الخطوة وميقاتها بهدف حفظ الخليج العربي من طمع الطامعين وحقد الحاقدين وكأنه ينظر إلى عصور قادمة تكون فيها التكتلات ركيزة المجتمع الدولي.

المغفور له الشيخ جابر الأحمد -طيب الله ثراه- كان دائما يردد على مسامع إخوانه قادة الخليج في كل دورة من دوراته ضرورة الوقوف في وجه الأخطار ، لحمة ثابتة ولبنة متماسكة خرجت من رحم التعاون الخليجي .... هذا التعاون الذي يهدف إلى خير بلدان الخليج وشعوبه من أبناء الجيل الحاضر وأبناء الأجيال المقبلة وإلى خير البشرية.

وكثيرا ما شدد رحمه الله في كلماته بمؤتمرات قمم مجلس التعاون الخليجي على أن لقاءات المجلس الأعلى لمجلس التعاون واجتماعاته تتخذ طابعا مميزا في المنطقة العربية حيث أصبح مجلس التعاون رمزا للترابط والتماسك والمصير الواحد ، وقد تولد شعور لدى المواطن في بلدان مجلس التعاون بأنه جزء لا يتجزأ من مجموعة متناسقة ، وأنه على المستوى الفردي مستعد لان يشارك في أي جهد لتعضيد هذا الشعور وترسيخه فكرا وعملا.

ثم جاءت قمة الدوحة لدول مجلس التعاون في العام 1996م لتكون منتدى لفكرة كويتية خالصة طرحها رحمه الله على إخوانه قادة مجلس التعاون ، تتمثل في تكوين مجلس استشاري من 30 عضوا من مواطني الدول الست الأعضاء في المجلس ، تكون مهمته تقديم النصح والمشورة والرأي للمجلس الأعلى لمجلس التعاون ، وقد تلقى إخوانه قادة دول مجلس التعاون فكرة سموه بكل ترحاب وتقدير رغبة منهم في أن تكون قرارات مجلس التعاون منسجمة مع تطلعات المواطنين.

أما على المستوى العربي فإنه رحمه الله يؤمن إيمانا عميقا بأهمية أن يسود السلام العادل والشامل المنطقة العربية على أسس صحيحة وسليمة ، بإعادة جميع الحقوق المشروعة إلى سوريا في هضبة الجولان ولبنان في جنوبه وبقاعه الغربي ، وبذلك تتجنب المنطقة عوامل عدم الاستقرار.

كما أن القضية الفلسطينية لها النصيب الأكبر في اهتمامات المغفور له ، فهي رفيقته الدائمة في مشاركاته الخارجية ، فهو يؤكد أنه لا يمكن للأمن والاستقرار أن يسود المنطقة ما لم تحل هذه القضية.

ولقد لعب رحمه الله دورا بارزا في تسوية النزاع الذي دار في اليمن عام 1994م حيث دعا سموه المسؤولين اليمنيين في ذلك الوقت إلى وقف القتال الدائر في بلادهم والجلوس على طاولة المفاوضات للتباحث بروح أخوية مخلصة حول جميع عناصر الاختلاف ، وأعرب رحمه الله لدى استقباله مبعوث نائب رئيس مجلس الرئاسة باليمن آنذاك عن أسف الكويت العميق لإراقة الدماء وإزهاق الأرواح وإهدار القوى ، وأكد رحمه الله بوضوح موقف الكويت الثابت الرافض لاستخدام القوة في حل المشكلات.


مساعدة اللاجئين العراقيين في مخيماتهم في إيران عن طريق الهلال الأحمر الكويتي
والكويت يمثلها أميرها المفدى حريصة أشد الحرص على التمسك بانتمائها العربي ، وتعزيز هذا الانتماء في قلوب أبنائها ، وعلى الرغم مما أصابها من آلام بأياد عربية أساءت لعروبتها ولروابط الأخوة وصلة الرحم .... فإن الكويت تفرق بين النظام النظام العراقي البائد والشعب العراقي المظلوم والذي هو الآخر ضحية من ضحايا هذا النظام ... فالكويت لم تنس معاناة الشعب العراقي ، حيث قدمت له ممثلة بجمعية الهلال الأحمر الكويتية الكثير من المساعدات الإنسانية وبخاصة في مخيمات اللاجئين العراقيين في جنوب إيران.



وفي إحدى زيارات المغفور له الرسمية لبريطانيا قدم تبرعا سخيا لصندوق "عمار" لإغاثة اللاجئين العراقيين ، هذا الصندوق الذي سمي باسم صبي عراقي يعاني من تشوهات جسدية ، حيث أصيب أثناء الهجمات التي شنها نظام بغداد بالأسلحة الكيماوية والجرثومية في منطقة الاهوار بجنوب العراق عام 1991م ، وقد أحضرت "ايما نيكلسون" النائبة البريطانية المحافظة التي ساهمت في إنشاء الصندوق الصبي عمار إلى لندن في عام 1992م ، لتلقي العلاج الطبي ومن ثم أطلقت اسمه على صندوق لإغاثة اللاجئين العراقيين.

وقد قرر القائمون على الصندوق استخدام الهبة الأميرية لبناء مستشفي وتطوير برنامج تعليمي في جنوب إيران لخدمة اللاجئين العراقيين الذين تركوا ديارهم بسبب قسوة نظام صدام حسين العدواني.

وعلى مستوى الدول الإسلامية ، وفي تناغم يعبر عن شخصية المغفور له الشيخ جابر الأحمد -طيب الله ثراه-الدؤوبة المتفانية شهد العالم الإسلامي اهتماما بالغا من سموه بقضايا الأمة الإسلامية على اختلافها وتباينها السياسي.

فقد ترأس المغفور له منظمة المؤتمر الإسلامي في الكويت خلال دورتها الخامسة (1987-1991م) التي صادفت وقوع الاحتلال العراقي على الكويت ، حيث طلب سموه من الدول الإسلامية العذر عن أي تقصير من جانب رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي خلال المحنة التي تعرضت لها الكويت يقول رحمه الله " .... فقد كنا نود أن نعطي الكثير من أجل المنظمة لولا ما تعرضنا له من مأساة .... " جاء ذلك في خطاب سمو الأمير بمناسبة افتتاح مؤتمر القمة الإسلامـــي في دورتـــه الســـادسة " بداكار عام 1991م ، حيث ذكر سموه في خطابه الإنجازات التي تحققت طيلة سنوات قيادة الكويت للقمة الإسلامية وأبرزها الاهتمام بقضية فلسطين وفي مقدمتها القدس الشريف ، وعملية السلام الشاملة التي بـــدأت في مدريد ، وقـضــــايا لـبـنـان وأفغانستان وجنوب أفريقـيـــــا وجزيرة مــايـــوت ، والوضع الاقتصادي الحرج بأفريقيا ، وأحداث الصومال ونزاع جامكو وكشمير والاقليات الإسلامية في العالم.

من جانب آخر يؤكد رحمه الله: " ..... أن حقائق الإسلام ليست شعارات للاستهلاك في سوق السياسة ، إنما هي أوامر إلهية مقدسة ..... " مذكرا بما فعله النظام العراقي البائد مع جاره المسلم في الكويت.

وفي هذا التوجه ، يحث رحمه الله دول المنظمة دائما على التعـــاون والتــرابط والاتحاد ليكون لها شأن ، حيث يقول رحمه الله" .... في سبيل تحقيق صورة ناصعة لأمتنا ودخول حلبة المنافسة التي تفرضها المرحلة الحالية أرى أن يكون طريقنا إلى ذلك أن نحدد دون مزايدات ودون المساس بخصوصيات دولنا ضوابط الالتزام من كل الأطراف واحترام المواثيق ونبذ العدوان ، وتتجه جهودنا في الوقت نفسه نحو البحث عن الوسائل الممكنة البالغة الوضوح والتحديد ، والخطوات والمراحل لتحقيق أهدافنا ، وإلى البحث عن صيغة عملية نضمن من خلالها قدرا متفقا عليه من التنسيق بين مواقف الدول الإسلامية إن لم يصل إلى التطابق فلا يصل إلى التضارب والتناقض ، ولتكن هذه السبل من مهام الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي ....".