كيف نفكر لعلاج مشاكلنا العائلية ؟
إن أي مشكلة تحدث بين الزوجين , فإن لهما تجاهها أحد أربعة مواقف :
الموقف الأول : العلاج
ونعني به قلع جذور المشكلة من أصلها ونفيها كي لا تعود مرة أخرى ، كفعل طبيب الأسنان عندما يقتلع ضرس العقل من فم المريض بعد ورم اللثة ، فيكون قد قلع أصل المشكلة ، فلا يتألم المريض بعد ذلك من وجع الضرس .
الموقف الثاني : الاحتواء
ونعني به استيعاب المشكلة ، وحسن التعامل معها , والحرص على عدم زيادة حجمها وتفاقمها , بل السعي لإيقافها وتجميلها , كما يجمل طبيب الأسنان ضرس المريض إذا أنكسر جزء منه فيلبسه بعجينة ، ثم يعود كما كان , ولكن بعد إجراء عملية تجميل صناعي , ولا شك أن هذا يحتاج إلى تشخيص ووقت حتى يصل الطبيب إلى النتيجة المرجوة .
الموقف الثالث : التوظيف
ونعني به محاولة تخفيف المشكلة من خلال توظيفها والاستفادة منها في ما هو خير , كفعل طبيب الأسنان مع الضرس المسوس , فإنه يحاول أن ينظفه من التسوس مع الاستفادة من أصل الضرس , ومثال ذلك أن يكون الزوج بخيلاً , ولا نستطيع علاج البخل أي اقتلاعه من جذوره , ولا احتواه ,ولكننا أن نوظفه , فتجعل بخله عن الإنفاق في المحرمات مثلاً فهنا لا يعتبر بخلاً , ولكنه بخل محمود , أو أن يكون مسرفاً فنوجه إسرافه فيما يعود على تنمية الأبناء ثقافياً وتعليمياً للأمور التي تعود على الأسرة بمنفعة رأسمالية , أو أن تكون الزوجة قائدة وشخصيتها قوية ومتميزة , فتوظف هذه الصفة في الخير في تربية الأبناء مثلاً .
الموقف الرابع الإهمال
ونعني به إهمال المشكلة وتجاهلها وتجاوزها , فلعلها تذهب مع الوقت , وكما قيل آخر الدواء الكي .
مثال :
لنضرب مثالاً على ما سبق بيانه ليتضح المفهوم أكثر ..
مشكلة : زوج مدمن على المخدرات .. كيف نتعامل معها ؟!
للزوجة هنا أن تختار : هل تريد :
1- العلاج : يعني أن يقلع عن المخدرات ويرجع سليماً معافى .
2-الاحتواء : يعني أن يتعاطى المخدرات بعيداً عنها وعن أولادها, فإذا عاد إلى رشده يرجع إلى البيت .
3-التوظيف : لايمكن تصوره في مثل هذه المشكلة ,لأن المخدرات شر محض .
4-الإهمال : يعني تركه يتعاطى المخدرات من غير إرشاد أو توجيه لعله يقلع عنه في المستقبل لوحده .
مثال أخر :
مشكلة : زوجة مبذرة ومسرفة .. كيف نتعامل معها ؟!
للزوج هنا أن يختار : هل يريد
1-العلاج : بمعنى أن ينقلها من العيب الذي هي فيه إلى الاعتدال في الإنفاق .
2-الاحتواء : فيجعلها مبذرة ومسرفة من مالها الخاص , وليس من ماله ومصروف البيت .
3-التوظيف : فيجعلها مسرفة في الخيرات وفعل الصدقات وليس في كل شي .
4-الإهمال : بمعنى أن يهمل التعامل مع هذه المشكلة ويبني الزوج حياته بنفسه لعلها تتأدب مستقبلاً .
وكذلك نقول هنا الأمر متوقف على القرار الذي يتخذه الزوج في التعامل مع هذه المشكلة , وكل مرحلة لها معاناتها ووقتها .
نبحث عن الكمال :
لماذا يشتكي أكثر الناس من حياتهم الزوجية ؟
ويعبرون عنها بكثرة المشاكل وعدم الارتياح ؟!
ذلك لأنهم دائماً يبحثون عن الكمال , فالزوج يريد زوجة كاملة الأوصاف والأخلاق والسلوك , والزوجة تريد زوجاً كامل الأوصاف . كذلك ولهذا نلاحظ أن أكثر الأزواج والزوجات يشكو بعضهم من بعض , والحقيقة أنهم هم الذين ينغصون على أنفسهم جمال حياتهم وسعادة نفوسهم , هؤلاء هم الذين يقفون موقفاً واحداً أمام جميع المشاكل الزوجية , فلا يعرفون غير موقف العلاج للمشكلة , ولهذا فإذا لم يحصل العلاج جاءهم الإحباط الزوجي , فلا يفكرون في الاحتواء , ولم يتعرفوا على التوظيف .
فهؤلاء يعيشون حياتهم الزوجية وكأن بيدهم عصا موسى عليه السلام , أو خاتم سليمان عليه السلام .
إن الشخصية الايجابية هي التي تحول المحنة إلى منحة , وتحول العائق
إلى فرصة , وبدلاً من أن تشتكي من النار , وتفكر في كيفية استثمارها سواء بالتدفئة أم بالطبخ عليها ..
فتقول مرة أخرى للقارئ الكريم : أنت الذي تحدد كيف تتعامل مع مشكلتك ..
وأنت صاحب القرار الأول والأخير .
هل تختار العلاج ..؟
أم الاحتواء..؟
أم التوظيف ..؟
أم الإهمال ..؟
فكر.. ثم استخر .. ثم توكل على الله ..
2- كيف نفكر لحل المشكلة الزوجية ؟
سنتطرق لعدة وسائل تعين الزوجين لاحتواء المشاكل الأسرية وعلاجها
1-وسع الخيال :
أفضل طريقة لعلاج المشكلة أو احتوائها أو توظيفها بعد الاستعانة بالله تعالى وحسن التوكل عليه , هي أن يوسع أحد الطرفين خياله , فيزوده بالأفكار التي لو جمعها مع المشكلة , لأنتجت له حلاً يمكن أن يكون مقبولاً وفق القاعدة التالية :
نجمع بين المشكلة والخيال ثم نستخرج الحل المقترح
ولنوضح هذه القاعدة بالشرح التالي:
المشكلة : نختار هنا المشكلة التي يعاني منها أحد الطرفين مثل :
1- العناد , التدخين , الإهمال , ترك الصلاة , الغرور , الثرثرة ...
2- الخيال : بعد أن نختار المشكلة نطلق لخيالنا العنان فنكتب كل ما نتخيله مثل : صاروخ , دبوس , بحر , غيوم , وردة .....
ثم نختار واحدة مما تخيلناه ونجمعها مع المشكلة , ثم نفكر بالناتج في علاج المشكلة , وقد تكون الحلول المقترحة مقبولة أو مرفوضة , ولكن لو فكرنا بهذه الطريقة فسنكون متميزين في علاج مشاكلنا , ثم نحاول تطوير الأفكار المرفوضة .
ولنبدأ عملياً بمثال حتى نوضح للقارئ وللقارئة أكثر .
المشكلة هي صمت الزوج ونتخيل معها وردة حمراء مثلاً فيكون الحل كالتالي :
الحل الأول : تقدم الزوجة لزوجها وردة حمراء , وعليها رسالة تعبر لها عن معاناتها بسبب صمته , وتدعوه للحديث معها .
الحل الثاني : تقدم الزوجة لزوجها وردة حمراء بعد أن تصبغها باللون الأسود وتقول له : هذا السواد يشعرك بأن الوردة ميتة مع أنها حية , وكذلك أنا ميتة بسبب صمتك .
الحل الثالث : أن تشتري الزوجة 20وردة وتعلق على كل وردة بطاقة فيها كلمات تشجيعية للزوج مثل : أريدك أن تتحدث معي , أو أنا سعيدة عندما تتحدث معي وهكذا ..
مثال 2 : لو جمعنا بين الصمت والقمر فما هي الحلول ؟
الحل الأول : أن تدعو الزوجة زوجها إلى الذهاب إلى البحر في ليلة مقمرة ثم تحاوره عن ألمها بسبب صمته .
الحل الثاني : أثناء وجود الزوجين على البحر ورؤيتهما للقمر , تقول له : كيف يضي القمر ؟ فيقول أنه يستمد نوره من أشعة الشمس ، فتقول :لو لم تنشر الشمس أشعتها عليه لما رأينا جماله ، ثم تلتفت إليه وتقول : وأنت لو أنك تعطيني من حديثك شيئاً فسترى جمالي وحيويتي .
هل تعلم أنك لو فكرت بهذه الطريقة ، فستجد للمشكلة الواحدة ,أكثر من 500 حل بعضها يناسبك وبعضها يحتاج إلى بعض التطوير ليناسبك .