وقفة مع نهاية عام
خالد الراشد
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ }
{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً }
{ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً }
أما بعد :
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشرَّ الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ..
عباد الله ..
انبثق نور الإسلام من مكه ليحطم الجاهلية بكل ما فيها إلاَّ ما وافق الإسلام ..
وقام ابن عبد الله - محمد صلوات ربي وسلامه عليه - قام بحمل راية الدعوة والجهاد ، والتفَّ حوله الرجال يفدون دينهم بكل غالٍ ونفيس ..
وما هي إلاَّ سنوات قليله مليئة بالصبر والتضحيات إلاَّ والإسلام قد ضرب أطنابه هنا وهناك ، وانتشر أبطال الإسلام يبلغون دعوة الله رافعين شعار :
لا إله إلا الله ..
العزة ..
لله ..
ولرسوله ..
وللمؤمنين ..
فسادت لهم الأرض ..
ونشروا العدل والمساواة ..
وقدموا ملئ الجبال تضحيات ..
وسطّروا البطولات ..
كانوا كالبنيان يشدُّ بعضه بعضاً ..
ثم تبدل الحال ..
وتفكك البنيان ..
وركنت الأمة للدعة والشهوات ..
وضيّعت أوقاتها ..
بل أعمارها ..
أمام شاشات وقنوات ..
ومع نهاية هذا العام ..
وبداية عام ..
أردت أن ..
أرفع الهمم ..
وأُذكر الأحفاد بما صنع الأجداد ...
أردت أن ..
أُذكر مع بداية العام الجديد بماضينا المجيد..
فهيا معاً نفتح صفحات التاريخ ، ونرى ماذا صنع الرجال !!..
روى الواقدي بسنده عن عمر بن الحكم قال :
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمير الأسدي إلى ملك بصرى بكتاب ، فلما نزل " مؤته " عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني ..
فقال له : أين تريد ؟!.
فقال له أنه يريد الشام ..
فقال : لعلك من رسل محمد ؟!.
قال : نعم أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فأمر به فأوثقه ، ثم قدمه فضرب عنقه مخالفاً بذلك كل الأعراف والقوانين - ذلك أنَّ الرسل لاتقتل-..
فما بلغ الخبر النبي صلى الله عليه وسلم اشتدَّ ذلك عليه ..
وزاد ذلك عندما قامت مجموعة من العرب المتنصرة بقتل بعثة سلمية دخلت أرض الشام تدعو العرب إلى الإسلام ، فقتلوا جميع أفراد البعثه غدراً وعدوناً ..وكان عددهم أربعة عشر رجلاً ..
فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا بدَّ من تأديب هؤلاء الغادرين ، ليعلموا أنَّ لهذا الدين رجال يذودون عن دينهم وأعراضهم ..
فاستنفر القائد الأعلى صلوات ربي وسلامه عليه ( 3000 ) ثلاثة آلاف من خيرة أصحابه ، وعيَّن ثلاثه يتولون قيادة الجيش بالتناوب وهم :
زيد بن حارثه ..
ثم جعفر ..
ثم عبد الله بن رواحه ..
فخرج الجيش لتأديب أعداء الله ..
وليعلم أولئك المعتدين أنَّ للإسلام رجال يدافعون عن دينهم وأعراضهم ..
ودَّع المسلمون جيشهم وهم يدعون لهم قائلين :
دفع الله عنكم ، وردكم صالحين غانمين ..
خرج الجيش بسرية وكتمان ..
ولكن الطابور الخامس من اليهود والمنافقين أرسلوا الأخبار إلى أخوانهم في الكفر والنفاق ، يخبرونهم بخروج جيش المسلمين فحشدوا ( 100000) مئة ألف من مرتزقة العرب المتنصرة ، و( 100000) مئة ألف من الرومان ..
لك أن تتخيل ( 3000 ) ثلاثة آلاف من الرجال يواجهون ( 200000) مئتا ألف من الكفار ..
أيها الغالي ..
إن اشتباك ( 3000 ) ثلاثة آلاف في معركة حاسمة مع ( 200000 ) مئتي ألف يمثل أعظم مخاطرة ومغامرة في تاريخ الحروب..
فتشاور الرجال قبل لقاء العدو ..
وكان القرار هو مواجهة الأعداء أيَّاً كانت النتائج ..
أليس كلا الأمرين :
النصر ..
أو الشهادة ..
فوز للمسلم المجاهد في سبيل الله ..
أما التراجع دون لقاء العدو ..
فليس من شيم الأبطال ..
ولا من شيم الرجال ..
ولا مجال للتراجع عند طلَّاب الجنان ..
لسان الحال ..
سأحمل روحي على راحتي
إما حياة تسرّ الصديق
وأُلقي بها في مهاوي الردى
وإما ممات يغيظ العدا