وغير ذلك من العادات التي تخالف الإسلام ومازالت موجودة إلى اليوم، وإننا لا نريد أن نستدل من الشريعة بما يخالف كل عادة مما ذكرنا، ولكننا أحببنا أن نذكرها على سبيل المثال لا الحصر، حتى نعرف المعاناة التي عاناها النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندا أراد كسر عادة وتغييرها، فالأمر ليس بسهل ويحتاج إلى وقت وصبر، وقد ذكر د. مصطفى السباعي قوة العادة فقال: «كم عظيم هزم الجيوش، وهزمته عادة سيئة». (1)
وقال كذلك: «أقسى أنواع الاستعمار: استعمار العادة للإنسان». (1)
واحببت أن انقل لكم قصة ثلاث هنديات لنتعرف على مأساتهن بسبب العادات الاجتماعية والتي تخالف الدين.
أقدم ثلاث أخوات هنديات على الانتحار بتناول مبيد للحشرات، وقال ناطق باسم الشرطة في بومباي: إن والد المنتحرات أعلن أنه لم يتمكن من العثور على زوج لابنته الكبرى، ورفض السماح لابنتيه الأخريين بالزواج طالما لم تتزوج الأولى» (2)
وأسماء الأخوات الثلاثة: فيجا ياناتي (30 سنة) وشاكونتالا (25 سنة) ويامونا سوفارنا (20 سنة)، فهذه قصة من آلاف القصص والتي ذهبت ضحيتها فتيات بسبب (دكتاتورية الأعراف)، وأنا أعرف قصصاً كثيرة لفتيات وشباب مظلومين بالعادات التي تخالف الإسلام، ولعل من أبرزها عدم زواج الأصيل من غير الأصيل، وهي القصة التي ركز عليها حبيبنا محمد [ ولهذا قال معروق الرصافي:
كــــل ابــن آدم مقهــــور بعـــــــادات لهـــن ينقــــاد فــي كل الإرادات
عوائــد عمــت الدنيـــا مصائبـهــا وإنمـــا أنــا فــــي تلـك المعيبــات
إن العوائـــد كـالأغــلال تجمعنـــا علــى قلـوب لنــا منهـن اشتـــات
الحــر مَنْ خرق العـــادات منتهجــاً نهج الصواب ولو ضد الجماعات
ومن إذا خذل الناس الحقيقة عن جـهل، أقام لها في الناس رايــات
ولم يَخَف في اتباع الحق لائمــة ولـــو أتتـــه بحـــد المشرقيـــــات
وعامل الناس بالإنصــاف مدرعــاً ثــوب الأخوة من نسج المســاواة
فأغبي البرية أوفاهم لعادتــــه وأعقــل النـــاس خــراق لعـادات (3)
- كيف نغير العادة السيئة؟
انه سؤال مهم ويحتاجه كل إنسان، فما منا أحد وإلا ويحتاج إلى تغيير عادة سيئة عنده سواء أكانت العادة سلوكية أم صحية أم تربوية، أم غيرها، ولقد ناقش القرآن الكريم هذه المسألة ولفت النظر إلى أن التغيير يبدأ من الذات، وهذا ما يؤكده حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو أن كل إنسان يتحمل مسؤولية فعله، وكذلك تعرض علماؤنا وخصوصاً المهتمين بالسلوك بهذا الجانب، وشرح ابن القيم قضية قطع الخواطر السلبية واستبدالها بخواطر إيجابية لأن أصل العادة خاطرة، ثم تطورت إلى هم ثم عمل ثم يكرر هذا العمل حتى أصبح عادة، وناقش الغزالي كذلك هذه المسألة في الإحياء وأفاضوا في شرحها، ولكن ما لفت نظري البرنامج الذي وضعه «أنتوني روبنز» في تغيير العادات السيئة في كتابه: «أيقظ قواك الخفية» وأحببت أن ألخص ما كتبه في ثلاثين صفحة (1) من كتابه بهذه الخطوات:
1 - قرر ما تريد تغييره بالضبط: وهذه هي أول مرحلة من مراحل التغيير بأن يحدد الإنسان ما يريد تغييره، ويحدد عادة واحدة فقط، فيتخذ قراراً بتغيرها.
2 - اربط الألم بعدم التغير والمتعة بالتغير: وهذا مما يساعد على التغيير بأن تربط الألم بعدم التغيير، كما لو نصحك طبيب مثلاً بعدم أكل الحلويات من أجل زوال المرض الذي تعاني منه، فإن قرارك هذا بعدم الأكل عندما تربطه بألم المرض فإنه يساعدك على الالتزام به، وعندما تتخيل نفسك بعد زوال المرض ومتعتك بذلك فهذا يساعدك في تغيير تلك العادة.
3 - استخدم كل قدراتك: عند اتخاذ قرار التغيير استخدم كل قدراتك من أجل إنجاح هذا القرار، وضرب مثالاً بالذبابة التي تريد أن تخرج من الشباك وهو مغلق فتطير ثم تضرب بالزجاج، وتطير مرة أخرى وتضرب بزجاج الشباك وهكذا تكرر محاولاتها، ولو غيرت مسارها لخرجت من الباب أو الشباك الآخر، وهكذا بعض الناس في عملية التغيير، يريدون أن تغيير أنفسهم باتباع طريقة واحدة، ولا يستخدمون كل قدراتهم، ويقولون: لا فائدة من التغيير.
4 - ابتكر بديلاً جديداً يمنحك القوة: وضرب مثلاً من يريد أن يقلع عن التدخين فليحل محله الرياضة حتى يحافظ على الشعور بالمتعة.
5 - كرر النمط الجديد ليصبح عادة: ومن ثم يكرر الإنسان النمط الجديد له، حتى يصبح عادة، فتحل العادة الحسنة محل العادة السيئة، وكافئ نفسك عند كل انتصار، وضرب مثلاً باللاعب المشهور في كرة السلة (ببوسطن).. «لاري بيرد» والذي كان يصيب في كل رمية، فأرادت إحدى الشركات أن تسجله في لقطة إعلانية وهو يرمي الكرة ولا يصيب الهدف بها، وظل يتدرب مراراً حتى يتعلم الخطأ لأنه تعود على إصابة الهدف حتى تبرمج على ذلك.
6 - اختبر ما أنجزت: وآخر شيء اختبر نفسك فيما انجزته وأوجد لك بيئة تغير، واعتقد أن هذه قضية مهمة جداً لأن الإنسان يتأثر بمن حوله، وهذا تأكيداً للحديث المشهور في الرجل الذي قتل 99 نفساً، وأذكر نصه لأن فيه تغيير البيئة حتى يحافظ على نفسه.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب فأتاه، فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة، فقال: لا، فقتله فكمل به مئة. ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مئة نفس فهل له من توبة، فقال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى أرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة. (1)
- هل ستصبح عاداتنا غربية؟
هناك أربعة أنواع من العادات:
- طبيعية.
- عقلية.
- اجتماعية.
- روحية.
فالكسل وإدمان التدخين من العادات الطبيعية، وأما القراءة وحب الجمال فمن العادات العقلية، وأما الزيارات فمن العادات الاجتماعية وتزكية النفس والعبادات من العادات الروحية، وكلها يمكن اكتسابها وتنميتها في أنفسنا وكذلك يمكننا تغييرها، ولا شك في أنّ البيئة لها أثر على الإنسان في تربيته وتشكيل عاداته منذ الصغر، ومن لطائف ما سمعت عندما كنت أقدم برنامج البيوت السعيدة في شهر يناير عام 2001، وكانت الحلقة تحت عنوان «حجاب الفتيات» وفيها جمهور من الفتيات يتحدثت عن سبب حجابهن ولفت نظري ونحن نتحدث عن البيئة أنّ إحدى الفتيات قالت: إن البيئة في التعريف القديم كان يقصد منها المناخ الأسري، أما اليوم فبيئة الطفل ما يرى وما يسمع وما يتفاعل معه من خلال الإعلام والإنترنت والشارع فأصبح العالم هو بيئته وليس لوالديه إلا تأثير بسيط جداً.
واستوقفتني هذه الكلمة وجلست أفكر بها لأن فيها وجهة نظر تستحق الوقوف عندها خاصة إذا علمنا أن الغرب يصدر ثقافته، ونحن يتخلى بعضنا عن ثقافته وأصوله، والغرب يملك مع ذلك تكنولوجيا متطورة وثورة في الاتصالات مبهرة، كما يملك الموارد المالية والبشرية وطبقاً لإحصائيات الأمم المتحدة فإن أكبر صناعة تصديرية في أمريكا ليست الطائرات والأسلحة والسيارات، وإنما هي صناعة الترفيه فقد حصدت أفلام هوليود أكثر من 30 مليون دولار على نطاق العالم عام 1997، ثم إن شراء جهاز كمبيوتر واحد في بنجلاديش مثلاً يكلف العامل أجر ثماني سنوات، بينما تكلف المواطن الأمريكي أجر شهر واحد، وإذا أدركنا أن 80% من المعلومات المتداولة في العالم الإسلامي غربية المصدر أو أمريكية في المقام الأول فإن تأثيرها لاشك كبير
فالواقع الذي نعيشه ملون بألوان الغرب في كل شيء في الأمور الصناعية والاستهلاكية ونحن نستطيع أن نعتمد على أنفسنا ونطور ذواتنا وأن نحرم الغرب من رواج بضاعتهم وكلنا يعرف موقف الشعوب العربية عند استشهاد الطفل ( محمد الدرة ) فقد قاطع بعض أفراد الشعب المصري مطاعم ( الماكدونالدز ) وكانت خسارته في شهر واحد ثمانية ملايين دولار فإذن لدينا القوة لو وظفناها التوظيف الصحيح فنحن أمه فيها كل مقومات القيادة ولكننا مصابون بما يسمى التكاسل العلمي فقد خلف علماؤنا ما يقارب ثلاثة ملايين مخطوطة موجودة الآن في المكتبات
فالواقع الذي نعيشه ملون بألوان الغرب في كل شيء في الأمور الصناعية والاستهلاكية ونحن نستطيع أن نعتمد على أنفسنا ونطوّر ذواتنا وأن نحرم الغرب من رواج بضاعتهم وكلنا يعرف موقف الشعوب العربية عند استشهاد الطفل «محمد الدرة»، فقد قاطع بعض أفراد الشعب المصري مطاعم «الماكدونالدز»، وكانت خسارته في شهر واحد ثمانية ملايين دولار، فإذن لدينا القوة لو وظفناها التوظيف الصحيح، فنحن أمة فيها كل مقومات القيادة ولكننا مصابون بما يسمى «التكاسل العلمي»، فقد خلف علماؤنا ما يقارب ثلاثة ملايين مخطوطة موجودة الآن في المكتبات العالمية وهذا ما حدثني به الشيخ شعيب الأرناؤوط المحقق المعروف، ولكننا كما ذكرت نعيش في جو التكاسل العلمي، أن اللغة العربية في هيئة الأمم تعتبر السادسة بينما هي على شبكة الإنترنت ترتيبها (22) أليس ذلك مؤشراً على اعتمادنا على الغرب من الناحية العلمية.
إن الطب والهندسة وغيرها من العلوم مازال في دولنا يدرس باللغة الأجنبية، وعدد الناطقين باللغة العربية (300 مليون) تقريباً، بينما في السويد أو بلجيكا وعدد سكانهما عدة ملايين يدرسون الطب والهندسة وغيرها بلغتهم.
ونقولها مرة أخرى ما لم نتحرك، والا فستكون عاداتنا في المستقبل غربية أو أمريكية!! فلابد من النهوض والحركة وهذا ما نتعلمه من درس زينب - رضي الله عنها -
- كيف نربي أبناءنا على العادات والحسنة ؟
1.نعرف لهم العادة الحسنة وفوائدها ونبين لهم العادة السيئة ومضارها
2.نغرس في أنفسهم الدين الإسلامي فهو مرجعنا التربوي
3.أبين لهم أهمية عاداتنا وتقاليدنا التي تتوافق مع الإسلام وما يخالف منها الإسلام .
4.اعرض عليهم بعض الكتب عن عادات الشعوب وثقافتها ليقرؤوها
5.أستثمر فرصة إلى بلاد الغرب في تعريفهم بعاداتهم الغربية ، وأعلق عليها إن كانت حسنة أو سيئة .
6.أدرسهم قصة زينب رضي الله عنها .
جاسم المطوع