ما الفرق بين المداراة والمداهنة؟
لعل البعض يتساءل ما هــي حــــدود المـــداراة ومــا ضواطبهــا ومـــا معناهـــا ومـــا الفـــرق بينهــا وبـين المداهنـــة؟!وأسئلة أخرى كثيرة، وقد أعجبني بحث في كتاب (نضرة النعيم) يتحدث عن كل ذلك وذكر أن..معنى المداراة: الملاينــة والملاطفــة وخفــض الجـنـــاح للنــاس، وليــس الكــلام وتـــرك الإغــلاظ لهــم فــي القـــول.والفرق بينهما وبين المداهنة: أن المداهن يخفض جناحه للناس ولكن بعمل أمور يكرهها الله تعالى، وقد أنشد علي بن محمد البسامي:
دار من الناس ملالاتهم من لم يدار الناس ملّوه
ومن فوائد المداراة:
1 - الراحة في الدنيا والأجر والثواب في الآخرة.
2 - يتقي بها المداري شر الناس.
3 - يحتاج إليها مع الأصدقاء والأعداء.
4 - أنها دليل كمال العقل وحسن الخلق.
فهذه - وغيرها كثير - من فوائد المداراة، وقد قال منصور بن محمد الكريزي:
أغمض عيني عن صديقي كأنني
لديه بما يأتي من القبــح جاهــــل
ومـا بــي جهــل غيـــر أن خليقتــــــي
تطيق احتمال الكره فيما أحــاول
متـى ما يربني مفصل فقطعتــــــه
بقيت ومالي في نهوضي مفاصل
ولكن أداريــه، وإن صــــــــــــــــح شدنـــي
فإن هــو أعيــــا كــــان فيـــــــه تحامـــــل
بل حتى الأعداء يمكننا مداراتهم فقد قال لقمان لابنه: «يا بني كذب من قال إن الشر بالشر يطفأ، فإن كان صادقاً فليوقد نارين، ولينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى، وانما يطفئ الخير الشر كما يطفئ الماء النار».
فمعنى المداراة معنى جميل، خاصة إذا تخلق به الإنسان مع زوجته أو أبنائه، فهو ضمان لاستمرارية العلاقة، ولو عرف المتزوجون في واقعنا المعاصر هذا الخلق لما ازدادت حالات الطلاق والمشاكل الأسرية، لأن المدارة تغلفها إلا إذا حصلت مشكلة كبيرة، وإن المتتبع لهدي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يجده خير مثال في مداراة زوجاته وأصحابه، بل إن السلف الصالح كانوا خير مثال في مداراتهم للناس.
فقد جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال: إن الناس قد وقعوا فيما وقعوا فيه، وقد حدّثت نفسي ألا أخالطهم.فقال له وهب: لا تفعل، فانه لابد للناس منك ولابد لك منهم، لهم إليك حوائج، ولك إليهم حوائج، ولكن كن فيهم أصم سميعاً، وأعمى بصيراً، وسكوتاً نطوقاً.وموقف آخر يرويه لنا عقال بن شبّة فيقول:كنــت رديف ابــي، فلقيــه جريــر على بـغـــل فحـيـاه أبي وألطفــه فلمــا مضى قلـــت: أبعـــد مــا قال لنا مــا قــال!قال: يا بني، «أفأ وسع جُرحي!». بمثل هذه الأخلاق تميز سلف الأمة وقادوا العالم ومن يريد أن يقود أسرته بنجاح فعليه بخلق المداراة.وقد تنبّه الغرب لمثل هذه المهارة فألف (ديل كارنيجي) كتابه الشهير «كيف تكسب الناس؟» وألف بعده (مورييل سولومتون) كتابه «العمل مع أصعب الناس»، ثم ألف (جيمس فان فليت) كتابه «للنجاح مع الناس»، وهذه المؤلفات كلها تتحدث عن خلق المداراة ولكن بأشكال وأساليب متنوعة، وكلها ألفت في الخمسين سنة الماضية، بينما ألف (ابن ابي الدنيا) المتوفى عام 281 هــ كتابه الشهير «مداراة الناس» ومن ينظر إلى محتواه يجد أنه كتاب متميزّ في طرحه وقد دخل مؤلفه في تفاصيل المداراة.فهذا هو خلق المداراة الذي نتمناه في بيوتنا كما كان يفعله حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد وصفته عائشة رضي الله عنها: عندما سئلت عن حاله إذا خلا بنسـائه فقالت: «كان كرجل من رجالكم، غير أنه كان من أكرم الناس وأحسن الناس خلقاً وكان ضحاكاً بساماً».وكل هذه الصفات من أصول خلق المداراة.ملكة جمال المطلقات.. والزواج العميانيإن الاتجاه العالمي يسير نحو تيسير سبل تفكيك الأسرة، وسرعة فك الارتباط بين الزوجين، ففي بريطانيا تم تطوير برنامج يقدم خدمة تسريع إجراءت الطلاق من خلال ملء استمارة وتقديم وثائق عبر البريد الإلكتروني إلى فريق قانوني عامل بالشركة، وتعتبر هذه الخدمة أرخص من زيارة المحامي وأسرع حيث تتكلف 99 جنيهاً بالإضافة إلى رسوم المحكمة 150 جنيهاً، وفي مصر كانت قضية الطلاق تتداول في المحاكم من أربع إلى ثمانـــي سنوات، إلى أن أقر قانــون «الخلـــع» والذي ينهــي العلاقــة بجلســة أو جلستين، بل ان إحــدى المجلات البريطانية «تشات» دعت إلى مسابقة تحت عنوان «تخلصّــي من زوجك بطــلاق مجاني، واستكتبت القراء بأفكار يقدمونها للزوجة حتى تتخلص من زوجهـــا بطلاق مجانــي، ورصدت المجلة مكافأة 500 جنيه وتصرف هذه المكافأة لمصاريف دعـوى الطــلاق للمشاركـــة.