عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2006-12-28, 8:45 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
حوار راقٍ ذو مستوىً عالٍ
ومن مداراة النبي صلى الله عليه وسلم لزوجته حفصة ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله أنه قال:
أخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند حفصة: لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها.قالت: بلى يا رسول الله، فانتهرها.فقالت حفصة: {وإن منكم إلا واردها} فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد قال الله عز وجل: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياونلاحظ هنا كيف دارى النبي صلى الله عليه وسلم حفصة بالرد عليها، ولم يقل في نفسه إنني أنا النبي المشرّع فكيف تردين عليّ في موضوع أنا مختص به أكثر منك، وإنما تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الحدث على أنه مربي ومعلم، ولهذا نلاحظ في النص أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهرها عندما تكلمت من غير دليل، فعندما قالت له: بلى يا رسول الله، انتهرها، ولكنها عندما ذكرت له الدليل {وان منكم إلا واردها} نلاحظ أن النبي رد عليها بلطف ومن غير أن ينتهرها بقوله: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً}، فيظهر من هذا الموقف مدارة النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة ، وقد تكرر معها أكثر من موقف لأن الإنسان كلما ازدادت شدته احتاج الناس عند تعامله للمداراة أكثر.ولهذا فإن عائشة رضي الله عنها تصف حفصة فتقول: «وكانت بنت ابيها» بمعنى على شدة وشخصية والدها الفاروق رضي الله عنها، حتى حصل مرة أن طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة فدخل عليها خالاها: قدامة وعثمان ابنا مظعون فبكت وقالت: والله ما طلقني عن سبع (تعني بغض أو عيب أو نقص) فجاء جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «راجع حفصة فانها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة».وقد هزّ هذا الطلاق عمر الفاروق رضى الله عنه فحثى على رأسه التراب عندما سمع بالخبر وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعد اليوم.فنكرر هنا ما ذكرنا سابقاً من أن المداراة هي الأصل في الأخلاق مع الناس، إلا إذا اقتضت المصلحة خلافها، ولهذا فإن طلاق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة تشريع للأمة، فقد طلقها النبي بعد الدخول والخلوة كما طلق النبي إحدى زوجاته وهي امرأة من بني غفار فدخل بها فأمرها أن تنزع ثوبها فرأى فيها بياضاً فانحاز عنها، فلما أصبح أكمل لها الصداق، وقال: «الحقي بأهلك».
فالمداراة خلق عظيم وخاصة مع النساء فإنهن أحوج الناس إلى المداراة وذلك لغلبة العاطفة عليهن وسرعة انفعالهن، وهذا ما نتعلمه من حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.