عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2011-05-07, 12:09 PM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,493

غير متواجد
 
افتراضي الشعور بالوحدة والضيق
الشعور بالوحدة والضيق
أ. شريفة السديري



السؤال
أشعر بوحدة وضيق رغم قُربي من جميع أهلي وصديقاتي، والجميع يقول لي: إنَّك تدخلين القلب، وأحس بنقص كبير لا أعرف لماذا؟ وأحيانًا أشعُر بأنِّي عبءٌ على أهلي؟
وشكرًا.


الجواب
أهلاً بكِ عزيزتي.
رغمَ قصر رسالتك إلا أنَّكِ اخترتِ الكلمات التي وصَفتْ وضعَك، وساعدَتْني على معرفة ما تُعانِينه.

تشعرين بـ"وحدة وضِيق" وبـ"نقص كبير"، وتشعُرين بأنَّك "عبء على أهلك"!

عزيزتي، ما تُعانين منه هو اكتئابٌ Depression، وللاكتِئاب تعريفاتٌ عدَّة؛ أحدها يقول: "هو حالةٌ من الحزن الشديد المستمر تنتج عن الظروف المحزنة الأليمة، وتُعبِّر عن شيءٍ مفقود، وإنْ كان المريض لا يَعِي السبب الحقيقي لِحُزنه".

وهذا ما يحصل معك، تنتابُك حالةٌ من الحزن والضيق الشديد والمستمر، ولا تعرفين السبب.

عمرك 27 عامًا، وتشعُرين بالوحدة رغم وجود الأهل والأصدقاء، وهذا هو التعبير اللاشعوري عن افتِقادك للزوج الذي تَسكُنين إليه، وتُكمِلين معه حَياتك، وتبثِّينه عاطفتك وحبك!

وشُعورك بأنَّك عبءٌ على أهلك هو دليلٌ قوي أنَّك مكتئبة وحزينة؛ لتأخُّر زَواجك حتى الآن، وشُعورك هذا قد يكونُ ناتجًا عن العادات والتقاليد التي تَقضِي بأنَّ الفتاة التي تتجاوَز سنًّا محدَّدًا بلا زواج فتاةٌ عانس وعبء على أهلها!

ولكن عزيزتي، إنَّ الزواج رزقٌ من الله - تعالى - للعباد، يأتي في وقته المحدَّد وأجَله المقدَّر، وفي عصرنا هذا ارتفع سنُّ الزواج كثيرًا حتى وصَل إلى أوَّل الثلاثين؛ لأنَّ الأوضاع المعيشيَّة والتعليميَّة تُلزِم الشباب بالدراسة حتى إنهاء المرحلة الجامعيَّة، وبعدَها يبحَث الشاب عن وظيفةٍ ويبدأ في الادِّخار والتجهيز لمصاريف ونفقات الزفاف؛ من مهر وشبكة ومسكن وغيرها؛ ممَّا جعل مُعدَّل سنِّ الزواج يرتَفِع إلى أطراف الـ35.

إذًا؛ قِياسًا على معايير هذا الزمن؛ فأنتِ لم تتأخَّري في الزواج، ولم يَفُتْ عليكِ القطار - كما يقولون - بل ما زالت أمامَك الفرصة - بإذن الله.

ولكن كما قال - تعالى -: ﴿ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ﴾ [الرعد: 38]، وحتى يأتي الوقت المكتوب لك أنْ تتزوَّجي فيه، لا يصحُّ أنْ تبقي بلا عمل أو شيء يشغلك؛ لأنَّ ذلك سيزيد من حُزنك واكتِئابك، بل طوِّري نفسك وزِيدي مَهاراتك وقُدراتك، أكمِلي دراستك، أو التَحِقي بدوراتٍ تنمي معرفتك بذاتك، وتزيد من ثقتك بنفسك، كما يمكنك تعلُّم مهارات وحِرَفٍ جديدة وإتقانها، وأنتجي منها منتجاتٍ تَبِيعينها وتكسبين منها ربحًا ماديًّا تستَفِيدين منه أو تدَّخِرينه لعملِ أمرٍ تُحبِّينه، ولديكم في تركيا الكثير من الحِرَف اليدويَّة التي تشتَهِرون بها ولا يتقنها غيركم، فتعلَّمي إحداها وأبدِعي فيها.

فكلَّما شغل الإنسان وقتَه وملأه بأمورٍ طيِّبة وممتعة ومفيدة، صارَ أكثر إنتاجًا وسعادة ونشاطًا، وكلَّما ترك نفسه أسيرًا للفراغ والوحدة والضِّيق فسيزداد تعاسَةً وألمًا!

مارِسي الرياضة؛ فالرياضة من شأنها أنْ تحسن المزاج بشكلٍ كبير، وتزيد من ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك، وتكسبك جسدًا صحيًّا رشيقًا، كما تُحفِّز الجسم على إفراز مادَّة الأندروفين التي تُساعِد الدماغ على تحسين المزاج والشعور بالسعادة.

امشي على الأقل نصف ساعة يوميًّا، وحبَّذا لو كان ذلك في الهواء الطلق؛ لأنَّ ذلك يُحسِّن النفسيَّة والمزاج، وإنْ كان ذلك صعبًا عليك، يمكِنك المشي على آلة المشي الرياضيَّة.

عليك أيضًا أنْ تُخرِجي نفسَك من جوِّ الحزن والكآبة؛ لأنَّ الحزن يجلب الاكتئاب ويزيده، وتحدَّثي مع صديقاتك وأقاربك واخرُجن معًا، وكَوِّني معهن علاقات ومواضيع تتحدَّثن فيها عن مختلف الأمور التي تخصُّكن وتشغلكن.

أخيرًا عزيزتي، إنْ بقي شعورك بالحزن والضيق مستمرًّا، فعليك أنْ تُراجِعي مختصًّا نفسيًّا؛ ليُشخِّص حالتك بدقَّةٍ أكبر، ويُحدِّد لك نوعَ الاكتئاب الذي تُعانِين منه، وما هو الدواء الذي يُساعِدك على تخطِّي هذه الأزمة، ولا تقلَقِي أو تظنِّي أنَّه مرض خطير أو صعب، بل هو مرض شائع جدًّا، ولا يوجد شخص بالغ لم يُصَبْ بنوبة اكتئاب واحدة على الأقل في حياته.

دعواتي لكِ عزيزتي بالسعادة والاطمئنان، وأنْ يقرَّ الله عينك بزوجٍ صالح يُسعِدك، وذريَّة تبرُّك.


توقيع يمامة الوادي




هل جربت يوماً اصطياد فكرة رائعة !؟
لـتـصوغـهـا فـي داخـلـك
وتـشحـنهـا بنبض قـلـبـك
وتعـطرهـا بطيب بروحك
وتسقـيـهـا بمـاء عـرقـك
حتى تنضج وتصنع منك إنساناً مبدعاً ؟