صفات الصابر الناجح:
1)قوي الصلة بخالقه, ومنه يستمد صبره{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ.فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ..}البقرة/251،250.
2_مخلص لله وحده, واضح الغاية لايشتت صبره سوء النوايا.
{وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ}الرعد/22
3_صاحب يقين فالصبر لا يحتمله إلا الموقنون.
{فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ}الروم/60
4_خلي من النفاق, صاحب مبدأ يهون لأجله الصبر على المصيبة, أما المنافق فهو أقل الناس صبرا. ً
{إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ
زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ.هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً.وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً}الأحزاب/12،11،10.
5_منتفع بآيات الله متعظ بها.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}إبراهيم/5
6_عضو فاعل ينتمي للبيئة المثالية الصابرة .
{وَٱلْعَصْرِ.إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ.إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ}سورة العصر .
رابــعاً: تســـلية المصــاب
يجدر التأكيد على أن تسلية قلب المصاب بالقرآن الكريم هو منهجٌ رباني, فقد قصّ الله_عز وجل _القصص ليثبت بها فؤاد النبي- صلى الله عليه وسلم- بل أنزل سورة كاملة لتسليته بما أصاب يوسف وأبيه-عليهما السلام- من ظلم القريب والبعيد
*الرسائل الإيجابية:
1_بيان جزاء الصابرين, وأنه من أجل ثمار المصيبة.
{ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ.أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ} البقرة 156/157.
قال بعض السلف:(لولا مصائب الدنيا لوردنا الآخرة مفاليس)-البيهقي في شعب الإيمان) (7/201) .
2_الثناء على الصبر والصابرين.
{يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ}لقمان /17, {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ}آل عمران/146
3_التذكير بسيرة الصابرين الناجحين في اجتياز المصائب.
{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ} الأنعام/34
4_التفريج عن النفس ببث الشكوى إلى الله.
{قَالَ إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} يوسف/86.
وقد قال بعض المفسرين في معنى الصبر الجميل: هو الصبر الذي لا شكوى فيه لغير الله (الطبري12/99) وقال قيس بن الحجاج (أن يكون صاحب المصيبة في القوم لا يعرف من هو)-ابن أبي الدنيا في الصبر/115
5_استحضار معية الله يؤنس وحشة الصابرين.
{يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلاَةِ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ}البقرة/153
قال بعض العارفين (ذهب الصابرون بخير الدنيا والآخرة لأنهم نالوا معية الله).
6-للصابر مكتسبات لا يصل إليها غيره.
{وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} فصلت 34/35.
7_بيان نتائج الصبر المذهلة, فهو موصل إلى الإمامة في الدين.
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} السجدة/24.
خامساً: الرسائل الإيجابية العامة لإدارة النفس عند المصيبة.
1_الالتزام بالقول الشرعي من علامة صدق المبتلى.
{ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ} البقرة/156
2_اليأس هو الطاقة التي تزود الإنسان بالفشل .
{يٰبَنِيَّ ٱذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ}يوسف/87
3_التحذير من اللجوء إلى غير الله.
{قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً}الإسراء/56.
{وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} يونس/107.
4_التشاؤم والنجاح ضدان لا يجتمعان.
{فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـٰذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} الأعراف/131.
5_ الثبات على سلامة المنهج لا منهج السلامة في الملمات.
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآُخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ}الحج/11
6_لا تشغلك مصيبتك عن حال عدوك, لاتخاذ مايلزم.
فلا داعي لمعرفة العدو بمصيبتك {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} آل عمران/120.
كما أن عدوك سوف يهزأ بمصيبتك ويسند فضل نجاته منها لنفسه وذكائه
{إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ} التوبه/50.
7_استحكام المصيبة مؤذن بفرج الله, وبذلك ثمة تناسب طردي بين اشتداد الكرب وتفاؤل المؤمن بالفرج.
{حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ} يوسف/110
8_ إعطاء الرسائل الإيجابية يمتد إلى ما بعد انتهاء الأزمة.
{وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} الروم/33.
9_المصيبة ليست شراً محضاً.
{إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} النور/11.
- ومهما يكن من أمر، فإن تلمس أسباب الفلاح والرفعة للأمة من خلال تدبر آيات خالقها من أجلّ القربات إلى الله في هذا الزمن ،وأن الخاسر الأكبر من الأعراض عن هذا التدبر هو الإنسان ذاته الذي استأمنه الله على أرضه، فالذي أنزل ةذا القرآن عزيز حكيم فلا غرابة أن تكون العزة والحكمة في هذا الكتاب الكريم.