عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 18  ]
قديم 2006-12-02, 2:53 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
خامساً : سوء عاقبة فاعله في الدنيا والآخرة :
أما وقد تبين فيما تقدم بعض المساوئ والأضرار والمنكرات المترتبة على تصوير النساء وتداول صورهن ، فلا غرو حينئذ أن تكون العاقبة سيئة ووخيمة في الدنيا والآخرة لمن تسبب في ذلك .

أما في الدنيا : فإنه لما كان بَغْيَاً وعدواناً ، فإن فاعله مشمولٌ بالوعيد الوارد في النصوص المتقدمة ، كما في قوله تعالى : ( إنَّ الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليم في الدنيا والآخرة ) .

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من ذنبٍ أحرى أن يعجِّل الله تبارك وتعالى العقوبة لصاحبه في الدنيا ، مع ما يُدَّخَرُ له في الآخرة ، من البغي وقطيعة الرحم " رواه أحمد وأهل السنن إلا النسائي من حديث أبي بكرة رضي الله عنه .

ومن جملة ما يكون في الدنيا : أن يحيق به مثلُ ما ألحقه واعتدى به على غيره ، وقد تقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم ، تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله " .

ومن جملة ما يكون في الدنيا أيضاً : أن يُوقِع به وليُّ الأمر عقوبةً تردعه عن غيِّه ، وإساءته لأعراض المسلمين ، وعن إشاعته للفاحشة ومسبباتها .

وفي هذا يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله عند قول الله تعالى: ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ) إنَّ سبَّ آحاد المؤمنين موجبٌ للتعزير.

فهذا في السب الذي يكون شتماً بالكلام ، فكيف بما يكون من انتهاك الأعراض بعرض الصور وإظهارها ؟! والتي احتاط الشارع الحكيم لها بعقوبة مقدرة ، كما هو في حد القذف ، ولهذا كان المصور للعفيفات جديراً بعقوبة تكفُّه وتردع غيره .

وعلى هذا فإن على الجهات الرقابية في الهيئة والشرطة وغيرهما أن تكون حازمةً في هذا المجال لمنع توسعه ، كما أن أصحاب الفضيلة القضاة يؤمَّل منهم الحزم في عقوبة من امتهن هذه الأعمال وتعود عليها ، وخاصةً من تكرر منه ذلك ، بحسب ما يرونه من دلالات نصوص الشرع القويم .

ومن قبل ذلك على الجهة المختصة في وزارة التجارة أن تتخذ إجراءات حاسمة لضبط تداول هذه الأجهزة بين الناس ، بما يتم معه تحقيق الأمن الأخلاقي للمجتمع .

وأما في الآخرة : فكما تقدم في قوله تعالى : ( إنَّ الذين يُحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة ) .

كما أن وضع اسم امرأة من المسلمات بإزاء صورةٍ لها أو لغيرها ، وقد أجري عليها اللصق لجسدٍ عارٍ ؛ هو رميٌّ لها بالسوء ، واتهامٌ لها بالفحش ، وقد توعَّد الله من اقترف ذلك وعيداً عظيماً ، فقال سبحانه : ( إنَّ الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيم . يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون . يومئذٍ يوفِّيهم الله دِينَهم الحقَّ ويعلمون أنَّ الله هو الحق المبين ) ( النور : 23 ـ 25 ) .

وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" اجتنبوا السبع الموبِقَات " قالوا : يا رسول الله وما هُنَّ ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".

وتأمل هذا الوصف البليغ للمحصنات المؤمنات ، وهو " الغافلات " أي غافلات عن الفواحش ، وما قُذِفْنَ به ، ثم يأتي صاحب الإفك أو صاحبته ، ليصنع هذا الصنيع البغيض ، وخاصةً تلك الصور التي تلتقط للنساء المسلمات وهنَّ غافلات ، لا يشعرنَ أن هنالك من يترصد بهن ، كما يقع من التصوير في الأعراس ، وفي المدارس والكليات ، وفي الأسواق والمتَنَزهات ، إنها خيانة وحُبٌّ للفحش ونشره ، يدل على دناءة النفس وسفالتها ، نعوذ بالله من ذلك ، وما كان الله جلَّ شأنه ليُخلِّي بين أصحاب البُهت والفُحش وبين المسلمات العفيفات ، فالله لهنَّ بالنصر والاقتصاص ، كما أنه سبحانه لأولئك المعتدين بالمرصاد.

ومما يكون في الآخرة أيضاً : ما دلَّ عليه ما رواه مسلم عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون ما المفلس ؟ " قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال عليه الصلاة والسلام : " إنَّ المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا،وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته ، فإن فَنِيَت حسناتُه قبل أن يُقضى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طُرح في النار " .

قال الإمام النووي رحمه الله : " فهذه حقيقة المفلس ، وأما من ليس له مال ، ومن قَلَّ مالُه ، فالناس يسمونه مفلساً ، وليس هو حقيقة المفلس ، لأن هذا أمرٌ يزول وينقطع بموته ، وربما ينقطع بيَسَارٍ يحصل له بعد ذلك في حياته ، وإنما حقيقة المفلس هذا المذكور في الحديث ، فهو الهالك الهلاك التام ، والمعدوم الإعدام المقطع ، فتؤخذ حسناته لغرمائه ، فإذا فرغت حسناته أُخذ من سيئاتهم ، فوُضع عليه ، ثم أُلقي في النار ، فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه " .

ومن صنع مع مسلمة هذا النوع من الاعتداء ، بأن صوَّرها ، أو أشاع عنها الفُحش ، فله نصيبه من هذه الخسارة ، فما الظنُّ بما سيكون يوم القيامة ، حين تخيَّر صاحبةُ الحق وأهلُها في حسناته ؟ هل سيبقون شيئاً ؟!.

وأتوجه ختاماً بحديث إلى الشباب والفتيات …
أما الشباب : وخاصةً الذين باتت منتديات الإنترنت ومواقعه ميداناً لمهاراتهم وبراعتهم ، والذين يمضون الساعات الطوال في محادثات هامشية ، أو محرمة ، أو متابعة للمواقع التي نُصبت فخَّاً لاصطيادهم والعبث بعقولهم وأخلاقهم ، فكم تمنيت من هؤلاء ، وقد أدخلوا أنفسهم في لُجج المواقع المتنوعة على الإنترنت أن يَعُوا دورهم في هذا المجال ، وأن يكون لهم أثر في نصرة عقيدتهم التي يحملونها بين جوانحهم . وأن يعلموا أنهم إن لم يكونوا مؤثِّرين على غيرهم فإنه يوشك أن يعبث بعقولهم وبثقافاتهم ثم يكون التشكيك في عقيدتهم ، وانهيار حياتهم كلها .

كما أُذكِّر من لاحت بين ناظريه صور المسلمات الغافلات أن يعتبر تلك المسلمة بنتاً له أو أختاً ، وهي كذلك : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ، وليَسعَ لتغيير ذلك المنكر ما استطاع ، ومحاولة اجتثاث تلك الصورة وقطع الطريق على من أراد ترويجها .