عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : [ 16  ]
قديم 2006-12-02, 2:52 AM
يمامة الوادي
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية يمامة الوادي
رقم العضوية : 7644
تاريخ التسجيل : 19 - 6 - 2005
عدد المشاركات : 43,494

غير متواجد
 
افتراضي
حديث صريح

حول مآسي تصوير النساء بأجهزة الجوال والصور الفوتوغرافية والكاميرات الرقمية
ونتائج تداولها عبر المنتديات وعواقب ذلك


حرره : خالد بن عبد الرحمن الشايع

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فمما لوحظ في المجتمعات الإنسانية : أن تعاملها مع المكتشفات والمخترعات الحديثة ومع التقنيات المتطورة يحكمها ما لديها من الثقافة والبديهة الذهنية ، التي تتمكن من خلالهما من الاستثمار الأمثل لتلك التقنيات الحديثة والمتطورة ، مع السعي لتجنب كل ما قد تحمله من سلبيات .

وقد كان مجال الاتصالات واحداً من ميادين السباق التقني في المجتمعات كافة .

وكان من مظاهر هذه الثورة : ما شهده عالم الاتصالات الهاتفية المحمولة من تطورات عديدة ، وكان من أواخر ذلك تزويد الهواتف المحمولة بتقنيات التصوير ، والذي شهد أنواعاً من الاستعمالات السيئة من قبل من أناس لم يستطيعوا التعامل الأمثل مع هذه التقنية . فالتحق ذلك بما كان من الأخطاء في التصوير الفوتوغرافي والفيديو تيب وعبر الكاميرات الرقمية .

والملاحظ في مجتمعنا : أنه في غالب الأحوال كان استعمال الكاميرات المدمجة في أجهزة الجوال ، وكذلك الكاميرات الرقمية مشوباً بتعاملات سيئة ، تمثَّلت على وجه الخصوص في تصوير النساء ، وبَثِّ صورهن بين أجهزة الجوال المحمولة ، أو بثها عبر شبكة الإنترنت ، وربما اتجه البعض لوضع أسماء مستعارة لصور النساء تلك ، أو افتراء أسماء نساء معروفات ، وفي بعض الأحوال تتم دبلجة الصور بتركيبها على أجساد عارية ، إلى غير ذلك من التعاملات المسفة ، والتي تقلق النفوس وتكدر الخواطر ، وقد رأيت أن من الواجب على طلبة العلم أن يبينوا خطورة هذه التعاملات وسوء عاقبتها ، فحررت هذه الأسطر رعايةً لحرمات المسلمين ، وانتصاراً لأخواتنا المسلمات .

ولستُ أفشِي سراً أو أذيع مخبوءاً حين أقول : إن ثمة عدداً من الوقائع من هذا القبيل ، فاحت رائحتُها ، حتى ضَجِر منها الأسوياء وأعلنوا النكير الكبير لها ، وإن كانت هذه الوقائع لدى طائفة قليلة مادة ثرَّة ، أشبعوا بها فضولهم واتَّسقت مع هامشيتهم .

وعند تحليل هذه التصرفات ودوافعها النفسية والاجتماعية ، وما ينطبق عليها من الحكم الشرعي ، فسنلاحظ ما يلي :

1/ أن هؤلاء الذين توجهوا لهذا الاستخدام الخاطئ لكاميرات الجوال والكاميرات الرقمية من الذكور والإناث ، على غرار ما أشرتُ إليه آنفاً ، لا يخلون من أحد أمور ثلاثة :
الأول : كونهم مبهورين بهذه التقنية مع افتقادهم لسعة الأفق والمواكبة الإنسانية المتطورة للتقنيات الحديثة ، ويرتبط هذا بقلة العلم وضعف الفهم ، مما جعلهم يتجهون بأنفسهم إلى هذا النوع من التعامل الخاطئ فيتخلفون عن مواكبته واستيعاب أغراضه .

الثاني : أن يكونوا محصِّلين للثقافة والفهم ، ولكنهم يفتقدون الأخلاق الإسلامية ، بل وحتى الأخلاقيات الإنسانية ، التي يفترض فيها الاعتدال والبعد عن وِهَاد الفحشاء وأُتون المنكر ، وثمة ارتباط وثيق في أغلب الأحوال بين افتقاد هذه الأخلاقيات وبين نوعية الثقافة التي يحملونها.

الثالث : وهو فرع عن الثاني ، أن يكونوا أشخاصاً أصابهم العطب في الجوانب الجنسية نتيجة مؤثرات محددة ، سواء أكانت تلك المؤثرات مما تعرضوا له في مراحل الطفولة ، أو لدى مراهقتهم ، أو لدى اتصالهم بثقافات منحرفة من خلال السفر ، أو عبر الإنترنت ، أو غيرهما .

ولا أود الخوض في الجوانب النفسية والاجتماعية لتلك الفئة ، ففي ذلك تفصيل ، ولكنَّ مدارها على ما ألْمحت إليه .

2/ الأصل أن أفراد مجتمعنا جميعاً يدركون حرمة الأعراض ، وما يجب من رعايتها وحفظها ، من خلال ما درسوه في مناهج التعليم ، ولكن المشكلة التي عانوا منها هي : عدم تطبيقهم لما علموا على هذه الأحوال ، نتيجة انفصام طارئ بين العلم والعمل ، وقد يكون سببه دافعية العبث واللهو ، أو لعدم إدراك مخاطر عملهم ، أو لغير ذلك .

3/ مما يجدر تأكيده في هذا المقام أن استعمال كاميرات الجوال ، وكذلك الكاميرات الرقمية في تصوير النساء وبث صورهن ، والتصرف فيها على نحو ما مثَّلت له آنفاً ، إنما هو عمل محرم ، ومن أشد الآثام تحريماً ، لما يترتب عليه من المفاسد والمنكرات ، ومنها :
أولاً : ما فيه من الإخلال بأعراض الآخرين .
ثانياً : لما فيه من إيجاد المشكلات الأسرية .
ثالثاً : لما فيه من التسبب في إشاعة الفواحش في المجتمع .
رابعاً : ما يشتمل عليه من أذية المؤمنين والمؤمنات .
خامساً : سوء عاقبة فاعله في الدنيا والآخرة .

وكل هذه العواقب مما تظاهرت النصوص على تحريمه وتبشيعه ، وبيان ذلك فيما يأتي :
أولاً : الإخلال بأعراض الآخرين :
وذلك لأن تصوير النساء ، حال كونهن عالمات بذلك أو على غفلةٍ منهن ، وهذا أعظم ، فيه هتك حجاب الحشمة والحياء ، الذي أنعم الله به على المؤمنات، فمن صور النساء، من امرأة أو رجل ، أو بث تلك الصور ، فهو مُحَادٌّ لربه القائل : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) ( الأحزاب : 59 ).

فالله جلَّ شأنه يأمر بالستر ويرغب فيه ، ويمنع من هتكه ، لكنَّ هذا المصوِّرَ للنساء يمانع أمر الله ، بل ويتبع سبيل الشيطان الذي يسعى لكشف العورات وإظهار السوءات ، كما أخبر الله عنه في كتابه الكريم ، وحذر من متابعة سبيله ، فقال عزَّ من قائل : ( يا بَنِي آدمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشيطانُ كما أخرج أبويكم من الجنة يَنْزِعُ عنهما لباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوءَاتِهِمَا إنَّه يَرَاكُم وهو وقَبِيلُهُ مِنْ حيثُ لا ترونَهم إنَّا جَعَلْنَا الشياطينَ أَولياءَ لِلَّذينَ لا يُؤمنون ) ( الأعراف : 27 ) وقال سبحانه قبل هذا مخبراً عمَّا ناله إبليسُ من الأبوين الكريمين عليهما السلام : ( فَوَسْوَسَ لَهُما الشيطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عنهما مِنْ سَوءَاتِهِمَا … ) الآية ( الأعراف: 20 ).

وقد وجد أن البدايات الأولى للفواحش هي إبداء ما أمر الله بستره ، وما يتعامل به من في قلوبهم مرض من ابتزاز النساء بصورهن ، ومطالبتهن بما فيه انتهاك أعراضهن ، وهذا حاصل عبر الصور التي يحتالون في الحصول عليها .

وغير خافٍ هنا أن التصوير برمَّته مما أفتى أئمةٌ من العلماء بتحريمه ، أياً كان نوعه ، لعموم ما جاء من النهي عن التصوير والوعيد فيه ، إلا ما كان لضرورة ، لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ أشدَّ الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصوِّرون " . وثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصوِّرين . وحتى الذين أجازوا ما كان اختزاناً لصور ذوات الأرواح ، كالذي يكون بالتصوير الفوتوغرافي وعبر الفيديو فإنهم لا يجيزون بحالٍ تصوير النساء ، لما فيه من كشف عوراتهن ، وما يفضي إليه من الفساد .

ثانياً : لما فيه من إيجاد المشكلات الأسرية :
وذلك أن ذوي المرأة التي تنتشر صورتها لا بد وأن تأخذهم الغيرة وتحركهم الحمية ، بسبب هذا التصوير ، فإن كانت متزوجة فالغالب أنها تصبح محل تهمة وشكٍّ لدى زوجها ، وربما أدى إلى طلاقها ، وإن كانت غير متزوجة فربما أدت تلك الصور بأهل المرأة إلى الاعتداء على موليَّتهم بالضرب وغيره ، وقد يؤدي بها ذلك لأن يعزف عنها الخطاب لسوء سمعتها ، فتتعطل عن الزواج ، وينشأ عن ذلك غيره من المشكلات . وهذا كله منشأه التساهل بهذا المنكر .

وكثيراً ما يكون تصوير النساء الذي يلتقط في الاحتفالات ومناسبات الأفراح سبباً في نشوء المشكلات بين الأزواج ، وبين الأسر .

مع أنه ينبغي التنبيه في هذا المقام إلى أن المطلوب هو التحري وعدم العجلة ، فقد تأخذ الغيرة غير المضبطة بصاحبها إلى طريق التهور ، وهذا ما نبه إليه النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال : " إنَّ من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله .. فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في رِيبة ، وأما التي يبغض الله فالغيرة في غير الرِّيبة " رواه أحمد وغيره من حديث جابر بن عتيك الأنصاري رضي الله عنه .