سؤال رقم (11): وضحت السورة سبب التفرق عن أمر الله بعد إرسال الرسل. اشرح ذلك؟
قال تعالى: ﴿ وَمَا تَفَرَّقُوا إَِّلا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ /14. أي وما تفرق أهل الكتاب بعد أنبيائهم إلا من بعد أن علموا أن الفرقة ضلال، وأمر متوعد عليه على ألسنة الانبياء – عليهم السلام. وما كان ذلك إلا حسدا منهم وطلبا للرياسة والاستطالة بغير حق. قال ابن كثير: أي: انما كان مخالفتهم للحق بعد بلوغه إليهم، وقيام الحجة عليهم. وما حملهم على ذلك إلا البغي والعناد والمشاقة. وهكذا فالذي يستحق العذاب هم الخارجون على الجماعة، أي الخارجون عن الحق والباغون على أهله. [ الأساس في التفسير، 9/5076 ] . والواقع أن من ينظر إلى واقع أمتنا الآن، يجد أن جُل هذه الأمور قد وقعت فينا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سؤال رقم (12): وضحت السورة المراد من قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾ /14 فيما تلا ذلك من آيات. اشرح؟
معنى الآية الكريمة – كما يقول ابن كثير – لولا الكلمة السابقة من الله تعالى، بإنظار العباد بإقامة حسابهم إلى يوم المعاد، لعجّل عليهم العقوبة في الدنيا سريعا. وهذه الكلمة التي سبقت من الله هي كلمة الفصل، كما وضحها قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾ /21. أي القضاء السابق بتأجيل الجزاء. والمعنى: أي: ولولا العدة بأن الفصل يكون يوم القيامة بين الكافرين والمؤمنين، لعجّلت لهم العقوبة.
سؤال رقم (13): فرّقت السورة بين الخوف الذي يشعر به الذين آمنوا وذلك الذي يشعر به الظالمون – اشرح ذلك تفصيلا؟
قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ﴾ /18، أي أن المؤمنين خائفون من أمر الساعة وجلون من وقوعها، وذلك في الحياة الدنيا، يخافون أن تتردى أقدامهم في النار حال قيام الساعة. ومع ذلك فهم يستعدون لها، ويعملون من أجلها. أما الظالمون من المشركين الذين كانوا يكذبون بالآخرة في الحياة الدنيا، يتغير حالهم يوم القيامة إلى خوف عظيم وهم واقفون في عرصات القيامة من جزاء كفرهم الذي كانوا عليه، حيث يتأكدون بنزوله بهم لا محالة. ولذلك قال تعالى فيهم: ﴿ تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ ﴾ /22.
سؤال رقم (14): إذا كان من المعلوم أن جميع الرسل عليهم الصلوات والسلام لا يأخذون أجرا على تبليغ دعواتهم، فكيف ترد على الإشكال الظاهر من الآية: ﴿ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إَِّلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ /23؟
جاء في تفسير الآية المذكورة: ﴿ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إَِّلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ أي: إلا أن تودوني في قرابتي التي بيني وبينكم، فتكفوا عني أذاكم وتمنعوني من أذى الناس، كما تمنعون كل من بينكم وبينه مثل قرابتي منكم، وكان صلى الله عليه وسلم له في كل بطن من قريش رحم، فهذا الذي سألهم ليس بأجر على التبليغ، لأنه مبذول لكل أحد، لأن كل أحد يوده أهل قرابته وينتصرون له من أذى الناس. وقد فعل له ذلك أبو طالب ولم يكن أجرا على التبليغ، لأنه لم يؤمن. وإذا كان لا يسأل أجرا إلا هذا الذي ليس بأجر، تحقق أنه لا يسأل أجرا. ومثل هذا يسميه البلاغيون تأكيد المدح بما يشبه الذم. [ أضواء البيان، 7/67-68 ]
سؤال رقم (15): اذكر سبب نزول الآية: ﴿ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إَِّلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ /23؟
جاء في سبب نزول هذه الآية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له في كل بطن من قريش قرابة، فنزلت ﴿ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إَِّلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ أي إلا أن تصلوا قرابة ما بيني وبينكم. [ الصحيح المسند من أسباب النزول، 202 ]
سؤال رقم (16): اختلفت أقوال المفسرين في قوله تعالى: ﴿ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾ /26. فما هي آراؤهم؟ وما الرأي الذي ترجحه؟
في هذا النص اتجاهان: أولهما: أن الله – تعالى – يستجيب دعاء المؤمنين العاملين، فيعطيهم مطلوبهم ويزيدهم عليه. وثانيهما: أن الذين اجتمع لهم الإيمان والعمل الصالح هم الذين يستجيبون الاستجابة الكاملة لخطاب الشارع، والله – عز وجل – يكرمهم بالزيادة من فضله فلا يزالون في ترقٍّ. وقد رجح ابن كثير القول الأول. ويبدو – والله أعلم – أن القول الثاني هو الأرجح، فسياق السورة يفصّل في موضوع الإتباع الكامل لشريعة الله، والإقامة الكاملة لدين الله، فمن اجتمع له الإيمان والعمل الصالح فهو المرشح لكمال العمل بالشريعة ولإقامة دين الله – عز وجل. ومما يرجح ما ذهبنا إليه أنه قد جاء هذا بعد المنّ بقبول التوبة، فكأن الآية تشير إلى أن المؤمنين العاملين هم التوابون إلى الله – عز وجل – المستجيبون لأمره. [ الأساس في التفسير، 9/5086 ]
سؤال رقم (17): اذكر سبب نزول الآية: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي اْلأَرْضِ ﴾ /27؟
أُنزلت هذه الآية في أصحاب الصُفة: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي اْلأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾ . ذلك بأنهم قالوا لو أن لنا، فتمنوا. [ الصحيح المسند من أسباب النزول، 203 ]
سؤال رقم (18): اشرح معنى الآية: ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ /30؟
قال الحسن لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفس محمد بيده ما من خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر " ... وقال علي بن أبي طالب ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله عز وجل حدثنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾، قال وسأفسرها لك يا علي: " ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم، والله عز وجل أكرم من أن يثني عليهم العقوبة في الآخرة. وما عفا الله عنكم في الدنيا، فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه ". قال عكرمة: ما من نكبة أصابت عبدا فما فوقها إلا بذنب، لم يكن الله ليغفر له إلا بها، أو درجة لم يكن الله ليبلغه إياها إلا بها. [ تفسير البغوي ]
سؤال رقم (19): إن الذل والهوان الذي تمر به الأمة الإسلامية في هذه المرحلة، وما تلاقيه من قتل وتعذيب على أيدي اليهود والامريكان هو نتيجة طبيعية لما كسبته أيدينا من مبارزة لله عز وجل بالمعاصي وما اقترفناه من التخلي عن شرعه المحكم. استخرج من السورة ما يدل على هذا المعنى؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي نفعله في رأيك للخروج من هذا الوضع؟
ما يدل على ذلك هو قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ /30. ولكي نخرج من هذا الطريق الذي وضعنا أنفسنا فيه، فعلينا بالرجوع لشرع ربنا، والتحلي بجميع صفات الأمة القائدة على ما يأتي ذكره فيما بعد.
سؤال رقم (20): اذكر أمثلة لكبائر الإثم والفواحش المذكورة في الآية: ﴿ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ﴾ /37؟
كبائر الإثم ليست محدودة في عدد معين، وقد جاء تعيين بعضها كالسبع الموبقات، أي المهلكات لعظمها. وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة أنها: الإشراك بالله، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. وقد جاءت روايات كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعيين بعض الكبائر: كعقوق الوالدين، واستحلال حرمة بيت الله الحرام، والرجوع إلى البادية بعد الهجرة، وشرب الخمر، واليمين الغموس، والسرقة، ومنع فضل الماء، ومنع الكلأ، وشهادة الزور.
وفي بعض الروايات الثابتة في الصحيح عن ابن مسعود: أن أكبر الكبائر الإشراك بالله الذي خلق الخلق، ثم قتل الرجل ولده خشية أن يطعم معه، ثم زناه بحليلة جاره. وفي بعضها أيضا: أن من الكبائر: تسبب الرجل في سبّ والديه. وفي بعضها أيضا أن سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، وذلك يدل على أنهما من الكبائر.
وفي بعض الروايات: أن من الكبائر الوقوع في عرض المسلم، والسبّتين بالسبّة. وفي بعض الروايات: أن منها جمع الصلاتين من غير عذر. وفي بعضها: أن منها اليأس من روح الله، والأمن من مكر الله. وفي بعضها: أن منها سوء الظن بالله. وفي بعضها أن منها الإضرار في الوصية. وفي بعضها: أن منها الغلول. وفي بعضها: أن من أهل الكبائر الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الكبائر أقرب إلى السبعين منها إلى السبع، وعنه أيضا: أنها أقرب إلى سبعمائة منها إلى سبع. والتحقيق أنها لا تنحصر في سبع. وأن ما دل عليه من الأحاديث على أنها سبع لا يقتضي انحصارها في ذلك العدد. [ أضواء البيان، 7/76-77 ]