وخفق قلبي لهذه المفاجأة غير المتوقعة.. واستشرتأبي فيما قاله زوج صديقتي فشجعني علي زيارة صديقتي لعل الله جاعل ليفرجا.
وزرت صديقتي .. ولم تمض أيام أخري حتي كان قدتقدم لي .. ولم يمض شهر ونصف الشهر بعد هذا اللقاء حتي كنا قد تزوجنا وقلبي يخفقبالأمل في السعادة, وحديث السيدة الفاضلة في الحرم عن اليسر بعد العسر يتردد فيأعماقي.
وبدأت حياتي الزوجية متفائلةوسعيدة ووجدت في زوجي كل ماتمنيته لنفسي في الرجل الذي أسكن إليه من حب وحنان وكرموبر بأهله وأهلي, غير أن الشهور مضت ولم تظهر علي أية علامات الحمل, وشعرت بالقلقخاصة أنني كنت قد تجاوزت السادسة والثلاثين وطلبت من زوجي أن أجري بعض التحاليلوالفحوص خوفا من ألا أستطيع الإنجاب, فضمني إلي صدره وقال لي بحنان غامر إنه لايهمه من الدنيا سواي. .
وإنه ليس مهتما بالإنجاب, لأنه لا يتحمل صخب الأطفال وعناءهم, لكني أصررت علي مطلبي .. وذهبنا إلي طبيبه كبيره لأمراض النساء وطلبت مني إجراء بعضالتحاليل, وجاء موعد تسلم نتيجة أول تحليل منها ففوجئت بها تقول لي إنه لا داعيلإجراء بقيتها لأنه مبروك يامدام.. أنت حامل !
فلا تسال عن فرحتي وفرحة زوجي بهذا النبأ السعيد..وغادرت عيادةالطبيبه وأنا أشد علي يدها شاكرة لها بحرارة.
وفي ذلك الوقت كان زوجي يستعدللسفر لأداء فريضة الحج, فطلبت منه أن يصطحبني معه لأداء الفريضة وأداء واجب الشكرلمن أنعم علي بهذه النعم الجليلة, ورفض زوجي ذلك بشدة وكذلك طبيبتي المعالجه لأننيفي شهور الحمل الأولي .. لكني أصررت علي مطلبي وقلت لهما ان من خلق هذا الجنين فيأحشائي علي غير توقع قادر علي أن يحفظه من كل سوء, واستجاب زوجي لرغبتي بعد استشارةالطبيبه واتخاذ بعض الاحتياطات الضرورية وسافرنا للحج وعدت وأنا أفضل مما كنت قبلالسفر.
ومضت بقية شهور الحمل في سلام وإن كنت قد عانيتمعاناة زائدة بسبب كبر سني, وحرصت خلال الحمل علي ألا أعرف نوع الجنين لأن كلمايأتيني به ربي خير وفضل منه, وكلما شكوت لطبيبتي من إحساسي بكبر حجم بطني عنالمعتاد فسرته لي بأنه يرجع إلي تأخري في الحمل إلي سن السادسةوالثلاثين .
ثم جاءت اللحظة السحرية المنتظرةوتمت الولادة وبعد أن أفقت دخلت علَي الطبيبه وسألتني مبتسمه عن نوع المولود الذيتمنيته لنفسي فأجبتها بأنني تمنيت من الله مولودا فقط ولا يهمني نوعه.. ففوجئت بهاتقول لي: إذن مارأيك في أن يكون لديك الحسن والحسينوفاطمة !
ولم أفهم شيئا وسألتها عما تقصده بذلك فإذابها تقول لي وهى تطالبني بالهدوء والتحكم في أعصابي إن الله سبحانه وتعالي قد منَعلَي بثلاثة أطفال, وكأن الله سبحانه وتعالي قد أراد لي أن أنجب خلفة العمر كلهادفعة واحدة رحمة مني بي لكبر سني, وأنها كانت تعلم منذ فترة بأنني حامل في توأملكنها لم تشأ أن تبلغني بذلك لكيلا تتوتر أعصابي خلال شهور الحمل ويزداد خوفي. ولمأسمع بقية كلامها فلقد انفجرت في حالة هستيرية من الضحك والبكاء وترديد عباراتالحمد والشكر لله.. وتذكرت سيدة الحرم الشريف.. والآية الكريمة.. ولسوف يعطيك ربكفترضي.. وهتفت إن الحمد لله.. الذي أرضاني وأسبغ عليَ أكثر مما حلمت به مننعمته.